الوقت - رغم الضغوط الأمريكية المتزايدة لدعم السلطة الفلسطينية في عمليتها الأمنية في مخيم جنين، رفضت "إسرائيل" تزويد السلطة بالأسلحة اللازمة، بما في ذلك البنادق والذخائر والمركبات المدرعة، يعكس هذا الرفض غياب ثقة إسرائيلية متجذرة في قدرة السلطة على تحقيق أهدافها الأمنية بما يخدم المصالح الإسرائيلية، إضافة إلى اعتبارات سياسية وأمنية معقدة.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن السلطات قبلت توصية الجيش ورفضت تزويد السلطة الفلسطينية بالسلاح لدعم عمليتها التي تستهدف مقاومين في جنين شمال الضفة الغربية.
ومنذ الـ 14 من ديسمبر/كانون الأول الحالي تتواصل الاشتباكات في مخيم جنين بين المقاومين وأجهزة الأمن التابعة للسلطة، في عملية أطلقت عليها أجهزة السلطة اسم "حماية وطن"، وقالت: إنها تهدف إلى "إعادة الأمن والاستقرار وإنقاذ حياة المواطنين من الفلتان الأمني المتزايد"، وأسفرت حتى الآن عن 11 قتيلا، من بينهم 5 من عناصر الأجهزة الأمنية.
توصية الجيش الإسرائيلي
أوصى رئيس الأركان هرتسي هاليفي القيادة السياسية بعدم نقل أسلحة إلى السلطة الفلسطينية، مشددًا على المخاطر المحتملة من هذا الدعم.
دعم هذه التوصية وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووافق عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ما يؤكد وجود توافق على مستوى القيادة الإسرائيلية بشأن هذا القرار.
وطلبت الولايات المتحدة من "إسرائيل" تزويد السلطة بالأسلحة لمساعدتها في فرض الأمن، وخصوصاً خلال عمليتها في جنين.
شملت المطالب الأمريكية تسليم بنادق كلاشنكوف وذخائر ومركبات مصفحة، إلا أن "إسرائيل" رفضت رغم الضغط الدبلوماسي الكبير.
وأكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن قرار الرفض اتخذ رغم إدراك الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن نجاح عملية السلطة في جنين يصب في مصلحة الأمن الإسرائيلي.
وترى "إسرائيل" أن السلطة الفلسطينية، رغم تنسيقها الأمني المستمر، لا تملك سيطرة فعالة على المناطق الخاضعة لنفوذها، ما يعزز القلق الإسرائيلي من تحول الأسلحة إلى أيدي الفصائل المسلحة أو استخدامها ضد "إسرائيل".
هذا الموقف يعكس تجربة سابقة حيث تم استهداف القوات الإسرائيلية بأسلحة قدمتها "إسرائيل" نفسها للسلطة في أوقات سابقة.
التشكيك في القدرة التنفيذية للسلطة
تعتبر "إسرائيل" أن السلطة الفلسطينية تفتقر إلى الوسائل والإرادة الكافية لإنهاء المقاومة المسلحة في مخيم جنين والمناطق الأخرى.
الخبير الإسرائيلي هاريل حوريف أشار إلى أن عملية السلطة في جنين تهدف إلى إقناع "إسرائيل" والولايات المتحدة بقدرتها على السيطرة، إلا أن تل أبيب ما زالت تشكك في جدوى هذه الجهود.
وتخشى "إسرائيل" أن يؤدي تزويد السلطة بالسلاح إلى تصاعد التوترات داخل المجتمع الفلسطيني، وخاصة في ظل الاتهامات الموجهة للسلطة بقمع المقاومة الفلسطينية.
أي دعم إسرائيلي مباشر للسلطة قد يُفسر على أنه محاولة لفرض حلول أمنية على حساب الفصائل الفلسطينية، ما قد يزيد من تعقيد الموقف السياسي.
ويعتبر المخيمات الفلسطينية، وخاصة مخيم جنين، مصدراً للمقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث إن تزويد السلطة بالسلاح قد لا يؤدي إلى إنهاء المقاومة، بل قد يخلق نزاعات مسلحة جديدة بين الفصائل والسلطة.
تخشى "إسرائيل" من أن تصبح السلطة الفلسطينية عبئًا أمنيًا إضافيًا إذا فشلت في السيطرة على الوضع، ما يفرض تحديات جديدة على تل أبيب.
استمرار رفض الدعم العسكري يعوق قدرة السلطة الفلسطينية على تحقيق أهدافها الأمنية في جنين، ما يضعف موقفها أمام الفصائل المسلحة وأمام المجتمع الدولي.
يعزز القرار من حالة الإحباط داخل أجهزة الأمن الفلسطينية، التي تواجه مقاومة شديدة من الفصائل المسلحة دون وسائل فعالة لتحقيق التفوق.
يشكل الرفض الإسرائيلي اختباراً للعلاقة مع الولايات المتحدة، التي ترى أن دعم السلطة الفلسطينية أمنياً ضرورة للحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية.
قد يؤدي القرار إلى توترات دبلوماسية بين الجانبين، حيث تضغط واشنطن على "إسرائيل" لدعم السلطة كجزء من استراتيجيتها الإقليمية.
غياب الدعم العسكري الفعال يعزز من صمود الفصائل المسلحة داخل المخيم، ما يجعل العملية الأمنية للسلطة غير قادرة على تحقيق أهدافها.
كما أن استمرار الاشتباكات يزيد من التوترات ويهدد بمزيد من التصعيد، مع احتمالية تدخل أطراف دولية أو تصاعد الضغوط الداخلية على السلطة.
يعكس الرفض الإسرائيلي لتزويد السلطة الفلسطينية بالسلاح غياب ثقة استراتيجية في قدرتها على تحقيق أهدافها الأمنية بما يخدم المصالح الإسرائيلية، وتتشابك هذه القضية مع اعتبارات أمنية وسياسية واجتماعية تجعل من دعم السلطة أمنياً خطوة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لتل أبيب.