الوقت- سيترك العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وراءه دماراً ودماءً يومياً، كل يوم يمر يزداد حجم الدمار، ويزداد عدد الضحايا، ويزداد التدمير، موضوع إعادة إدارة غزة كان منذ البداية محل تساؤل، حيث إن المقاومة الفلسطينية حماس كانت قد أعلنت أنها لن تسمح للكيان الصهيوني بالسيطرة على غزة مرة أخرى.
في هذا السياق تناقلت العديد من وسائل الإعلام أن قيادة حركة حماس وبعد اجتماعات عقدت خلال الفترة الماضية وافقت أن تتم إدارة قطاع غزة من قبل السلطة الفلسطينية لذلك يمكن القول إن في المرحلة القادمة ما بعد انتهاء العدوان الصهيوني على غزة ستجد السلطة الفلسطينية نفسها أمام مسؤولية كبيرة في إدارة قطاع غزة الذي قدم العديد من التضحيات والشهداء خلال الفترة الماضية في الدفاع عن غزة وكرامة أبنائها فهل سوف تحفظ السلطة تلك التضحيات الجسيمة؟
ختام مباحثات القاهرة... اتفاق مبدئي لإدارة غزة
توصلت حركتا فتح وحماس الفلسطينيتان في ختام مباحثات في القاهرة، إلى اتفاق مبدئي، اقترحته مصر، لتشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة ما بعد الحرب المتواصلة منذ أكثر من 13 شهرا، وفق ما ذكر مسؤول في حركة فتح الثلاثاء.
وقال المسؤول الفلسطيني في حديثه لـ/بي بي سي/: إن المباحثات التي استمرت ليومين، أفضت إلى تشكيل لجنة تحمل اسم "لجنة الإسناد المجتمعي" لإدارة القطاع المدمر بسبب الحرب التي تشنها "إسرائيل" منذ الـ 7 من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 رداً على هجوم لحماس داخل أراض إسرائيلية، وسيعود وفد الحركة إلى رام الله لعرض المقترح على الرئيس الفلسطيني محمود عباس لاتخاذ القرار بشأن تشكيل اللجنة، وفق ما أفاد المسؤول.
في حين، أكد مسؤول في حماس أنه "بعد حوار بنّاء عُقد في القاهرة في اليومين الماضيين برعاية الأشقاء في مصر، وافقت حماس وفتح على مسودة اتفاق لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي" لتولي إدارة قطاع غزة بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية، وحسب مسودة الاتفاق، تتولّى اللجنة "إدارة شؤون قطاع غزة وتكون مرجعيتها الحكومة الفلسطينية وتكون مسؤولة عن كل المجالات الصحية والاقتصادية والتعليمية والزراعية والخدمية، وأعمال الإغاثة ومعالجة آثار الحرب والإعمار".
لجنة الإسناد المجتمعي
في خطوة جديدة، توصلت حركتا فتح وحماس إلى اتفاق مبدئي في القاهرة، يقضي بتشكيل لجنة مشتركة لإدارة شؤون قطاع غزة، وقد وافقت حركتا حماس وفتح على تسمية هذه اللجنة بـ "لجنة الإسناد المجتمعي"، حيث إن موافقة حركة حماس على هذا الاتفاق تأتي انطلاقاً من إيمانها العميق بضرورة توحيد الجهود الفلسطينية في هذه المرحلة الحاسمة، وتقديراً منها للمعاناة التي يعيشها أهل غزة، فمن المقرر أن تتولى اللجنة الجديدة إدارة شؤون قطاع غزة بكل جوانبها، بدءاً من المجالات الصحية والاقتصادية والتعليمية ووصولاً إلى الزراعة والخدمات الأساسية، كما ستكون اللجنة مسؤولة عن أعمال الإغاثة ومعالجة آثار الحرب الأخيرة وإعادة إعمار القطاع، وبهذه الخطوة، تثبت حركة حماس مجدداً التزامها بقضية الشعب الفلسطيني، وتؤكد على أن مقاومتها لا تتعارض مع الاهتمامات بحياة المواطنين وتوفير احتياجاتهم الأساسية.
كما أنها تسعى من خلال هذا الاتفاق إلى قطع الطريق على الادعاءات الإسرائيلية حول استمرار الوجود في قطاع غزة، حيث إن هذا الاتفاق يمثل بارقة أمل للشعب الفلسطيني، ويفتح آفاقاً جديدة، كما أنه يضع مسؤولية كبيرة على عاتق حركة فتح للعمل من أجل تنفيذ بنود الاتفاق وتحقيق مصالح الشعب الفلسطيني.
تصريحات الكيان الصهيوني تذهب أدراج الرياح
بعيداً عن تصريحات الكيان الصهيوني الجوفاء ورغم التقدم المحرز والتوصل إلى اتفاق لإدارة قطاع غزة، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجه التطبيق العملي لأن هناك الكثير من التحفظات حول السلطة الفلسطينية من قبل الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني لكون الشعب الفلسطيني ذاق الأمرّين من أعمال السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية نتيجة للسياسات التي تتبعها السلطة بحق أبناء الشعب الفلسطيني والتي تصب في مصلحة كيان الاحتلال الصهيوني، فبالإضافة إلى العقبات السياسية، هناك تحديات اقتصادية وإنسانية تواجه قطاع غزة وتتطلب العمل بصدق وجهد كبير، وهذا الأمر تفقده السلطة الفلسطينية ولا يخفى على أحد، ومع ذلك، ففي حال ما تم تسليم إدارة قطاع غزة لفتح هل ستكون هناك جهود متضافرة من قبل السلطة يمكن أن تساعد في تجاوز هذه التحديات وتحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني المنشودة؟وفي ظل الاتفاق الأخير لتشكيل لجنة مشتركة لإدارة شؤون قطاع غزة، فقد وجه أبناء الشعب الفلسطيني رسالة واضحة إلى حركة فتح، بأن الشعب الفلسطيني سيتابع عن كثب كل خطواتها، وأن أي تقصير أو انحراف عن الثوابت الوطنية سيلقى رفضاً شعبياً، ويجب على حركة فتح أن تضع في اعتبارها أن أي تصرف أو قرار يتعارض مع مصالح الشعب ومقاومته، أو يمكن أن يستفيد منه العدو الصهيوني، سيؤدي إلى ردة فعل غاضبة من أبناء الشعب الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني لن يسمح لأحد بالتضحية بمقدساته أو التنازل عن حقوقه المشروعة.
من جهة أخرى يبدو أن موافقة حركة حماس تمت تحت شروط ومنها أن حركة حماس يبدو أنها أرادت ضمانات واضحة من السلطة الفلسطينية حول عدم السماح للكيان الصهيوني بالاستفادة من أي دور للسلطة في إدارة غزة، ويبدو أن هذه الشروط تهدف إلى منع الكيان الصهيوني من الاستفادة من أي دور للسلطة الفلسطينية في إدارة غزة، وضمان أن حماس تبقى هي القوة الفعلية في القطاع، وهذا يعد جزءاً من استراتيجية حماس لضمان استمرارها في إدارة غزة، وضمان أن الشعب الفلسطيني يحصل على حقوقه الحقة في الحرية والاستقلال.
في الختام المشكلة الأساسية التي تكمن في السلطة الفلسطينية أنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بطبيعة علاقتها بالكيان الصهيوني في العديد من الملفات، وهناك تساؤلات حول هذا العلاقة، وخاصة فيما يتعلق بالملف الأمني، حيث يعتبر الكثيرون أن السلطة الفلسطينية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالكيان الصهيوني، وهو ما يثير مخاوف بشأن الاستقلالية الفعلية للسلطة الفلسطينية في اتخاذ القرارات في حال تولّي السلطة الفلسطينية زمام الأمور في إدارة غزة بعد الحرب، ويعتبر العديد من الفلسطينيين أن هناك تساؤلات حول ما إذا كانت السلطة اللفلسطينية سوف تنقل التجربة الموجودة في الضفة الغربية إلى غزة، ويعتقد البعض أن السلطة الفلسطينية قد تكرر نفس النماذج والسياسات التي تتبعها في الضفة الغربية، بما في ذلك التعاون الأمني مع الكيان الصهيوني، الذي يعتبره البعض بمثابة تواطؤ في احتلال فلسطين.
في السياق نفسه يرى البعض أن السلطة الفلسطينية لا تمثلهم وإنما تمثل مصالحها الخاصة أو مصالح تخدم الكيان الصهيوني، ويعتبر البعض أن السلطة الفلسطينية قد فشلت في تمثيل الشعب الفلسطيني بشكل حقيقي، وأنها لم تقدم أي حلول حقيقية للمشاكل الفلسطينية بل زادت من حجم المعاناة، ويجب أن تكون هناك مراجعة شاملة لطبيعة العلاقة بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وخاصة فيما يتعلق بالملف الأمني، ويجب على السلطة الفلسطينية أن تضع في الاعتبار مخاوف الشعب الفلسطيني وتعمل على بناء استقلالية حقيقية في اتخاذ القرارات إذا تولت إدارة قطاع غزة.
وهنا يـطرح السؤال الأساسي هل تضع السلطة الفلسطينية مصلحة الشعب الفلسطيني في المقام الأول وتعمل على على إدارة قطاع غزة بعيداً عن الإملاءات الصهيونية ؟، يجب أن تكون السلطة الفلسطينية حكيمة في تعاملاتها وتعمل على بناء استقلالية حقيقية في اتخاذ القرارات، إذا ما استمرت السلطة الفلسطينية في نفس سياستها مع العدو الصهيوني فإنها سوف تضر بالشعب الفلسطيني وبالأخص في غزة، فالسلطة ليس لديها قدرة على بناء استقلالية حقيقية في عملها وفي اتخاذ القرارات، ويعتبر الكثيرون أن سياسات السلطة الفلسطينية التابعة للأجهزة الأمنية للكيان الصهيوني قد تحقق ما لم يحققه العدو الصهيوني في غزة، حيث إن السلطة الفلسطينية مارست العديد من الانتهاكات بحق الشبان في الضفة الغربية رغم وجود العدوان فكيف سوف تعمل في حال تم تسليمها أيضاً إدارة قطاع غزة.