الوقت- مع إعادة انتخاب ترامب للبيت الأبيض، أصبح التنبؤ باستراتيجية السياسة الخارجية للحكومة الأمريكية الجديدة تجاه مختلف القضايا الدولية، وخاصة المراكز الحاسمة التي تلعب فيها واشنطن دورا فعالا، محط أنظار السياسيين والمهتمين والمحللين.
وخلال الحملة الانتخابية، أصبحت مواقف ترامب الحاسمة من السياسة الخارجية لإدارة بايدن، وخاصة أزمة أوكرانيا، مثيرة للجدل للغاية، حتى أن الكثيرين في الاتحاد الأوروبي لم يكونوا سعداء بانتخاب ترامب، ولكن ربما لا أحد، بين حلفاء واشنطن، أكثر ارتياحا لعودة ترامب من الحكومة الصهيونية المتشددة، برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ورغم أن المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين حاولا التفوق على بعضهما البعض في إعلان دعمهما لأمن الكيان الصهيوني والإبادة الجماعية التي يقوم بها الصهاينة في غزة ولبنان، إلا أن ترامب والجمهوريين بشكل عام أرادوا الحصول على الدعم خلال الانتخابات وكان من بين المؤيدين لتل أبيب في الحرب على غزة ومحور المقاومة ورفض ترامب أيضا أن يوجه أي انتقاد للأعمال الإجرامية التي يقوم بها المتطرفون بقيادة نتنياهو في غزة وجنوب لبنان.
في هذا الوضع، أجرى موقع "الوقت" الإخباري التحليلي مقابلة مع "علي رضا نقوي نيا" الخبير في قضايا المنطقة، للوقوف على تأثيرات عودة ترامب على الحرب في لبنان وغزة والمصير السياسي لـ"إسرائيل" ونتنياهو.
أولاً، رداً على سؤال حول إلى أي مدى يمكن لوصول ترامب أن يغير مسار معادلة الحرب، مع مساواة الدعم لنتنياهو في الحكومات الديمقراطية والجمهورية، قال تقوي نيا: "إن ترامب يريد أقصى قدر من الدعم السياسي والاقتصادي من نتنياهو، وليس هناك شك في هذا، لكنني أعتبر أنه من غير المرجح أن يؤدي هذا الدعم إلى دعم عسكري مباشر، لقد قدمت حكومة بايدن أقصى قدر من الدعم الذي يمكن أن تقدمه أمريكا لنتنياهو، النقطة التالية هي أنني أعتقد أن دعم ترامب سيكون عبارة عن مزيج من التدابير السياسية والاقتصادية، بمعنى أنها تحاول ممارسة أقصى قدر من الضغط على لبنان والجماعات والفصائل اللبنانية للضغط على حزب الله من الداخل وتحجيمه".
وأوضح خبير العلاقات الدولية هذا بالقول: "ليس صحيحاً أنه من المفترض أن يحظى ترامب بدعم خاص لنتنياهو، إن أي دعم وإجراء إيجابي من قبل حكومة السيد بايدن في العام الماضي كان لمصلحة نتنياهو".
وردا على سؤال حول كيفية مواكبة ترامب لسياسات نتنياهو المتطرفة والمثيرة للحرب، أشار هذا الخبير أيضا: "يجب أن أقول إن ترامب لديه وجهات نظر مروعة، وحكومته المنتخبة هي أيضا حكومة داعمة بنسبة 100٪ لإسرائيل والصهيونية، لذلك أعتقد أنه بعد عودة ترامب إلى منصبه فإنه سيكون منفتحا للغاية لمواصلة سياساته للعمل ضد إيران ولبنان وفلسطين، إن سياسة ترامب ليست صراعاً مباشراً، ويُعتقد أن ترامب رجل حرب، لكنه ليس كذلك، إنه يحاول إظهار نفسه كرجل مجنون ليذهب إلى حافة الحرب ويحصل على نقاطه، لكنه لا يريد حرباً واسعة النطاق بأي شكل من الأشكال، لكنه سيترك يد نتنياهو حرة لأعمال مدمرة وخطيرة ومخالفة للقوانين الدولية وهذا الأمر سوف يصب في مصالح واشنطن في المنطقة".
وفي إشارة إلى أزمة الخلافات الداخلية في حكومة الكيان الصهيوني وضغوط المعارضة على نتنياهو لإقالته، قالت تقوي نيا: "بالتأكيد نتنياهو يعتبر ترامب هبة من الله، وفي الواقع، يحاول متطرفو الكيان الصهيوني تحقيق كل أهدافهم السياسية والأمنية خلال رئاسة ترامب من أجل حماية مصالح الكيان الصهيوني، ومن المؤكد أننا سنرى في المستقبل أن مواقف نتنياهو أصبحت متطرفة أكثر من اللازم ويداه مفتوحتان لتبني مواقف عدوانية، لكن ينبغي الأخذ في الاعتبار أن ترامب لا يستطيع أن يصنع المعجزات لنتنياهو، فهو سيواصل تصرفات بايدن فقط لحماية مصالح إسرائيل، لكنه غير قادر على التقليل من القضايا القانونية المتعلقة بالفساد وتبعات عملية طوفان الأقصى وضعف القاعدة الجماهيرية بالنسبة لنتنياهو".
وفي الجزء الأخير من حديثه عن تأثيرات تنصيب ترامب على الجهود الدولية لوقف الأزمة في غزة ولبنان، قال محلل الشؤون الإقليمية: "حتى الآن لم يتم بذل أي جهد دولي جدي للحد من الكيان الصهيوني، ولكن لقد تم بذل القليل من الجهد وسيوقف بايدن ذلك، ومن المؤكد أن ترامب سيواصل سياسات أمريكا السابقة وسيواصل دعمه السياسي للكيان الصهيوني وسيضع حزب الله تحت الضغط الاقتصادي، وأتصور أنه على الجبهة الأوكرانية سيقلل أيضًا الدعم لزيلينسكي وسيساعد مصالح إسرائيل.
وعلى عكس حكومة بايدن، التي تشعر بتهديد خطير من الروس، سيركز ترامب على الصين أولاً ثم إيران، وهذا بالتأكيد يشكل تهديداً خطيراً لإيران، ويتطلب تخطيطاً جدياً وخاصاً ومنظماً، ويجب عدم التصرف بسلبية، ومن المؤكد أن الشخصيات المتشددة الموجودة في حكومة ترامب ستحظى بالدعم الأكبر للكيان الصهيوني، وستكون إدارة ترامب حكومة رغم وجود مجلسي الشيوخ والنواب فيها، فضلا عن الحكومة التي في أيدي الجمهوريين، سنشهد بالتأكيد دعمًا غير مسبوق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني الذي يقتل الأطفال".