الوقت- منذ التصويت في الكنيست الإسرائيلي على حظر أنشطة الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويواجه كيان الاحتلال انتقادات وإدانات واسعة من قبل دول عربية وأوروبية ومنظمات دولية، ويأتي حظر الأونروا بمثابة محاولة صهيونية لتوجيه ضربة متعددة الأطراف لقرارات الأمم المتحدة وأحكام المحاكم الدولية في الوقت الذي تتسلم فيه محكمة العدل الدولية أدلة جديدة على ارتكاب الكيان الصهيوني جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة فيما يتمثل الدافع الإسرائيلي الأساسي في القضاء على الأونروا في محاولة إضعاف وتهميش قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وفي هذا السياق حذرت هذه الدول والمنظمات من العواقب الوخيمة التي سيترتب عليها حظر أنشطة الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددة على أن هذا الإجراء الإسرائيلي التعسفي سيزيد من معاناة ملايين المدنيين الذين يعتمدون على خدمات الأونروا في مجالات التعليم والصحة والإغاثة، ما يهدد حياتهم وسلامتهم.
ماذا يعني التشريع الإسرائيلي
ويحظر تشريع الكنيست على المسؤولين الإسرائيليين العمل مع الأونروا ويمنعها من العمل داخل "إسرائيل" بما يشمل القدس الشرقية التي احتلتها عام 1967 ثم أعلنت ضمها، ومن المقرر أن يدخل التشريع حيز التنفيذ خلال 3 أشهر.
ويرى مراقبون أن هذا التشريع قد يجعل في المستقبل القريب استمرار عمليات الأونروا في القدس الشرقية صعبا للغاية.
وفي سياق متصل، أكد المتحدث باسم الوكالة جوناثان فاولر أن "هناك تداعيات تتجاوز ما تعتبره "إسرائيل" إقليمها السيادي، لأن انتهاء التنسيق مع السلطات الإسرائيلية سيشكل ضربة قوية للعمليات في غزة التي نمثل نحن عمودها الفقري"، ففي القطاع الجريح الذي دمرته الحرب الإسرائيلية الهمجية منذ أكثر من عام تدير الوكالة الاستجابة الإنسانية لمنظمات أخرى وتعمل على التنسيق مع الكيان الإسرائيلي فيما يتعلق بوصول المساعدات، وبالتالي فإن تنفيذ القرار الإسرائيلي سيجعل عمليات الأونروا الحيوية في غزة مستحيلة.
كما سيجعل حظر التنسيق مع "إسرائيل" من الصعب على الأونروا العمل في الضفة الغربية المحتلة، حيث تخدم وفق برينين 900 ألف لاجئ، وتدير 43 مركزا صحيا وما يقرب من 100 مدرسة.
إدانات واسعة
أدان الاتحاد الأوروبي ودول غربية، مصادقة الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) على مشاريع قوانين تحظر نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في "إسرائيلط.
وأعرب مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان عن بالغ قلقه إزاء القرار، مضيفا: إن "هذه القوانين (التي أقرها الكنيست) ستجعل عمليات الأونروا الحيوية في غزة مستحيلة".
وتابع: "تنفيذه القوانين سيعرقل بشدة قدرة الأونروا على توفير الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية في الضفة الغربية وتلغي الحصانة الدبلوماسية في إسرائيل"، وأوضح أن تنفيذ القوانين يتعارض بشكل واضح مع القانون الدولي، وسيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الخطيرة وتوقيف الخدمات الأساسية مثل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية لملايين اللاجئين الفلسطينيين.
في هذا الإطار أكد سفير ومندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة "أمير سعيد إيرواني أن "غزة تعاني من حملة لا هوادة فيها من الدمار والمعاناة"، وقال: إننا ندين بشدة القرار الأخير للكيان الإسرائيلي باستهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا لمنعها من تقديم الدعم الحيوي للاجئين الفلسطينيين، وأضاف: لقد ترك هذا الحصار المطول أمام المدنيين خيارات صعبة؛ إما الفرار تحت النيران (الصهيونية)، أو المخاطرة بالموت أينما كانوا، وفي الوقت نفسه، لا تزال المساعدات الإنسانية محظورة؛ وهو الإجراء الذي يعتبر انتهاكا واضحا للقانون الدولي الإنساني.
بدوره، حذر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر من أن قوانين الكنيست الإسرائيلي ستحظر جميع الأنشطة الدولية في غزة والضفة الغربية المحتلة، وأعرب ستارمر في بيان الاثنين، عن قلقه إزاء اعتماد القانون في الكنيست، مشيرا إلى أن "هذا القانون يجعل عمل الأونروا مستحيلا ويعرض التدخل الدولي الإنساني في غزة والضفة الغربية للخطر".
من جهتها، أدانت سلوفينيا وإيرلندا والنرويج وإسبانيا مصادقة الكنيست على مشاريع قوانين تحظر نشاط الأونروا، مشددة على أهمية المنظمة الدولية لملايين الفلسطينيين، ونشرت وزارة الخارجية السلوفينية بيانا مشتركا باسم الدول الأربع قالت فيه: "إن مشروع القانون الذي أقره الكنيست يشكل سابقة خطيرة للأمم المتحدة"، وتابعت: "سلوفينيا وإيرلندا والنرويج وإسبانيا ستواصل العمل مع الدول المانحة والمضيفة لضمان استدامة عمل الأونروا ودورها الإنساني".
بدورها، أعربت سويسرا عن قلقها إزاء مصادقة الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) على مشاريع قوانين تحظر نشاط وكالة "الأونروا" في "إسرائيل"، والعواقب الإنسانية والسياسية والقانونية لهذه القرارات، وقالت وزارة الخارجية السويسرية في منشور على منصة إكس الثلاثاء: "أصدرت إسرائيل (الكنيست) قانونين يحظران التعاون مع الأونروا، ويهدفان إلى الحد من وجود الأونروا في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأضافت: "سويسرا تشعر بالقلق إزاء العواقب الإنسانية والسياسية والقانونية لهذه القرارات الإسرائيلية".
عربياً
على الصعيد العربي حظي القرار الإسرائيلي بتنديد كبير في الأوساط السياسية والحقوقية العربية فمن جانبها أدانت الجزائر القوانين المعتمدة من الكنيست الإسرائيلي التي تحظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكد الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي مساء الثلاثاء أن "الأونروا" تعمل بموجب تفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك في إشارة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي تجرؤ بتهديد الهيئات متعددة الأطراف وتتعامل معها في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
وطالب باستمرار عمل "الأونروا" وذلك بوصفها شريان حياة للاجئين الفلسطينيين حتى يتم التوصل إلى حل سياسي عادل وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
فيما أعربت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها، عن إدانة المملكة واستنكارها بأشد العبارات إقدام الكنيست الإسرائيلي على إقرار مشاريع قوانين تحظر أنشطة الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة،
وأكدت المملكة رفضها القاطع لممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلية المتواصلة والممنهجة في الاستهداف السياسي والعسكري لأجهزة الأمم المتحدة ومنظماتها الإغاثية، والتي تشكل جزءا من إمعانها في ارتكاب جرائم التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني ومحو الهوية الفلسطينية، ووأد جهود تحقيق السلام الشامل والعادل.
وبدورها، أدانت وزارة الخارجية المصرية في بيان، تشريع الكنيست الإسرائيلي بحظر عمل (الأونروا)، مشددة على أن دور الأونروا لا بديل له.
ووصفت الخارجية المصرية هذه الخطوة بأنها انتهاك للقانون الدولي واستهانة بالمجتمع الدولي، مؤكدة رفضها المطلق للممارسات الإسرائيلية الرامية لتهجير الفلسطينيين وإنهاء حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين.
ومن جهته، قال السفير سفيان القضاة الناطق الرسمي بوزارة الخارجية الأردنية: إن إقرار هذه القوانين يعد جزءا من حملة الاستهداف الممنهج للوكالة، واستمرارا لمساعي كيان الاحتلال المحمومة لاغتيال الوكالة سياسيا، وإمعانا في حربها العدوانية على الشعب الفلسطيني.
إلى ذلك قال باسم العوادي الناطق الرسمي للحكومة العراقية: إن بلاده تستنكر قيام الكيان الإسرائيلي بحظر وكالة الأونروا وما يمثله هذا التصرف من تطور خطير الأثر على الوضع الإنساني وعرقلة مساعي إيصال المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
کما جدد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير "قصي الضحاك" موقف سوريا الرافض للإجراءات الأحادية التي يتخذها الكيان الإسرائيلي لتقويض وكالة الأونروا وحظر عملها داخل الأراضي الفلسطينية مبيناً أن الاعتداء على القوات الدولية والمنظمات الأممية في لبنان وغزة هو امتداد لعقود من الإجرام الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني