الوقت- بعث يحيى السنوار، الذي تولى مؤخرا القيادة السياسية لحركة حماس، برسائل إلى قادة حزب الله اللبناني وأنصار الله في اليمن في الأيام الأخيرة، أعرب فيها عن تقديرهم لدعمهم الثابت للشعب الفلسطيني. وبعد الهجوم الصاروخي اليمني الأسرع من الصوت على الأراضي المحتلة يوم الاثنين الماضي، أعلن السنوار في رسالة إلى عبد الملك الحوثي زعيم أنصار الله: "يسعدني أن أكتب إليكم هذه الرسالة بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف ونحن نحارب في معركة طوفان الأقصى المباركة معًا".
وأكد القيادي في حماس: "أن طوفان الأقصى وجه ضربة قوية للمشروع الصهيوني في المنطقة، ويسعدني أن أشكركم على الدعم الصادق والمشاعر العالية والإرادة القوية التي رأيناها منكم في معركة طوفان الأقصى".
وكتب السنوار: "استيقظت فلسطين على نبأ عمليتكم في إطار المرحلة الخامسة من مشاركتكم في معركة طوفان الأقصى، مبارك لكم نجاح صاروخكم في الوصول إلى عمق كيان الاحتلال المعتدي ومروره بكل أنظمة الدفاع والاعتراض"، وقال القيادي في حماس: "عملياتكم في أعماق كيان الاحتلال أحيت من جديد تألق معركة طوفان الأقصى وأثرها في قلب تل أبيب، عمليتكم الفريدة وجهت رسالة للعدو بأن الردع فشل وأن الجبهات الداعمة لغزة فعالة ونشيطة".
وكتب السنوار: "أبطال الجيش اليمني العزيز تطوروا وعززوا قوتهم العسكرية ووصلوا إلى أعماق الكيان الغاصب، وأوجه تحياتي للشعب اليمني العظيم الذي يساعد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، كما تشهد ميادين اليمن العزيز الموقف الشعبي من القضية الفلسطينية أسبوعياً منذ بدء عملية طوفان الأقصى، إن شعبنا في غزة يعاني من الحصار، وتواصل كتائب القسام مقاومتها الشرسة ضد العدو، ونفذ القسام عملية الـ 7 من أكتوبر بقوة منقطعة النظير، وخاض معركة دفاعية خلال عام كامل، ما أضعف العدو وأركعه على ركبتيه".
وقال السنوار في رسالته: "أؤكد لكم أن المقاومة لا تزال قوية وكل ما يعلنه العدو كذب وينسجم مع الحرب النفسية، لقد أعددنا أنفسنا لمعركة استنزاف طويلة الأمد ستسحق إرادة العدو السياسية، كما سحقت معركة طوفان الأقصى إرادة العدو العسكرية، وإن الجهود المتزايدة لنا ولكم وللإخوة في المقاومة في لبنان والمقاومة الإسلامية في العراق سوف تسحق هذا العدو وتذيقه الهزيمة".
وتشير رسالة السنوار لزعيم أنصار الله إلى أنه رغم اغتيال كبار قادة حماس في الأشهر الأخيرة وتدمير غزة على يد جيش الاحتلال، إلا أن المقاومة الفلسطينية في أعلى درجات الجاهزية، وتصاعد الجرائم الإسرائيلية لا يمكن أن يضعف المقاومة ولا روح المقاتلين الفلسطينيين.
إن رسالة القيادي في حماس تنسجم مع "وحدة الميادين" وتبين أن فصائل المقاومة من اليمن إلى فلسطين على تنسيق كامل لمعاقبة العدو المعتدي، ومنذ بداية الحرب، حظيت حماس بدعم كل فصائل المقاومة في المنطقة، لكنها فتحت حسابا خاصا لقوة أنصار الله في مهاجمة مصالح كيان الاحتلال، ومنذ بداية حرب غزة، بدأت أنصار الله عمليتها الصاروخية ضد السفن الصهيونية وحلفائها الغربيين في البحر الأحمر دعماً للشعب الفلسطيني المظلوم، وفي فترة قصيرة توقفت حركة سفن الاحتلال عبر هذا البحر الدولي.
ولم يكن أنصار الله يبحثون عن التوتر بهذه العملية، بل حذروا قادة تل أبيب من إنهاء الإبادة الجماعية في غزة في أقرب وقت ممكن، لكن بالتوازي مع إصرار المتطرفين على مواصلة الحرب، قام اليمنيون أيضا بتوسيع نطاق الهجمات على مياه المحيط الهندي، ومع اشتداد جرائم المحتلين في غزة، انكشفت عجائب أنصار الله الجديدة، ولم تعد هذه العملية مقتصرة على منطقة البحر الأحمر، وبدأت مرحلة جديدة من العملية باستخدام هجمات الطائرات دون طيار على ميناء إيلات ومن خلال إطلاق الصواريخ على قلب تل أبيب نهاية يوليو/تموز الماضي، أظهروا أن كل الأراضي المحتلة في مرمى الصواريخ اليمنية.
وظن الصهاينة أنه مع الضربات الجوية على ميناء الحديدة غرب اليمن، سيكف أنصار الله عن مواصلة العمليات العسكرية ضد الأراضي المحتلة، لكن حسابات قادة تل أبيب تبين أنها خاطئة، ومع هبوط الطائرة الصاروخ الأسرع من الصوت في عمق الأراضي المحتلة، بدأت معادلة جديدة في الردع بين المقاومة و"إسرائيل".
بعد مرور يومين على الهجوم الصاروخي الذي شنته أنصار الله على الأراضي المحتلة عبر منظومات الدفاع السداسية، لا تزال المؤسسات الاستخباراتية والأمنية في تل أبيب في حالة صدمة ولم تقدم تقريرا مفصلا عن كيفية إطلاق الصاروخ وسقوطه ما أدى إلى ردود فعل حادة من قبل وسائل الإعلام العبرية وفتحت ألسنتها لانتقاد أداء الجيش وعدم فعالية أجهزته الدفاعية.
قوة أنصار الله الصاروخية والضغط على تل أبيب
إن تعزيز قوة الردع لليمن، الذي يتمتع بالقدرة على مهاجمة الأهداف البعيدة بدقة وسرعة، يزيد من تكلفة أي عمل عسكري ضد اليمنيين، ولذلك فإن هذه العملية بمثابة إنذار لـ"إسرائيل" وحلفائها لإبعاد فكرة العمل العسكري ضد اليمن من أذهانهم، لأن رد أنصار الله سيكون أكثر إيلاماً من ذي قبل، كما تساعد القدرة على الحصول على صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت في تعزيز عنصر المفاجأة لمحور المقاومة.
إن تعزيز القوة العسكرية للمقاومة لاستهداف الأهداف الاستراتيجية البعيدة والمهمة داخل الأراضي المحتلة مثل البنى التحتية الحيوية مثل محطات توليد الكهرباء ومرافق توزيع المياه والصرف الصحي أو شركات التكنولوجيا أو القواعد العسكرية المهمة والرئيسية، فضلاً عن قدرة هذه الصواريخ للوصول بسرعة وهو ما سيلحق أضرارا كبيرة في عمق الأراضي المحتلة، ما قد يزيد الضغوط الداخلية على حكومة نتنياهو.
وفي وقت الهجوم الصاروخي لأنصار الله، فر مليونا مستوطن إلى الملاجئ خوفا، وهو أمر غير مسبوق، وبالتالي، إذا سقط عدد كبير من هذه الصواريخ الأسرع من الصوت وغير القابلة للاكتشاف على الصهاينة، فإن الوضع الأمني في الأراضي المحتلة سيصبح أكثر سوءا، لأن المستوطنين لم يعودوا يثقون في أنظمتهم الدفاعية للدفاع عن حياتهم ضد الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي تشنها فصائل المقاومة.
ويعلم قادة حماس أنه كلما دعمت فصائل المقاومة فلسطين، أصبح العدو المحتل محاصرا أمنيا، وكما يعترف المسؤولون الأمنيون في هذا النظام، فإن الجيش الآن ليس في وضع يسمح له بالقتال على عدة جبهات، لذلك يأملون في ذلك، وهو صاروخ أنصار الله لإجبار العدو المحتل على التراجع عن مواقعه بما يحمله من مفاجآت.
منذ بداية حرب غزة، خططت حكومة نتنياهو لتوسيع نطاق الحرب في المنطقة، وتمديد الصراع إلى ما وراء حدود الأراضي المحتلة، وتحويل اللعبة لمصلحة الكيان من أجل ضمان أمن "إسرائيل"، ولكن في هذه الخطة أيضاً أخطأت في حساباتها، والآن وصل شبح التهديد إلى بيت الصهاينة.
وبهذا الإطلاق الناجح الذي وصل إلى الأراضي المحتلة دون أن تعترضه السفن الأمريكية والأوروبية في البحر الأحمر، أثبت اليمنيون أنه لا يوجد جدار دفاعي قادر على منع عمليات صنعاء الصاروخية والطائرات المسيرة ضد "إسرائيل"، وفي هذا الصدد، أكد الكيان أن ومعادلة الردع إضافة إلى غزة والجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان أصبحت الآن مفقودة تماماً في البحر الأحمر أيضاً، كما أن فكرة توسيع حرب الظل أدت إلى زيادة التهديدات الأمنية بدلاً من تقليصها، ولذلك فإن نتنياهو الآن في مأزق كبير فيما يتعلق باليمن لأن اليمنيين حذروا الحكومة الصهيونية بعد الهجوم الصاروخي الأخير من أنه إذا تحرك ضد اليمن فسوف يتلقى ردا أسوأ من ذي قبل.