الوقت- استخدام الدعاية الإعلامية ضد العدو، من خلال دعم أعمال عسكرية أو اقتصادية أو سياسية من أجل إضعاف معنويات العدو وكسر إرادته في الحرب وأيضاً تقوية عزيمة الحلفاء أو المقاومين هي من أساليب الحرب النفسية، حيث إن السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في لبنان يتمتع بمهارة خاصة وله دائما تأثير مهم على الأراضي المحتلة.
هذه المرة، وفي خضم تصاعد التوتر بين إيران وحزب الله مع الكيان الصهيوني بعد الاغتيالات الأخيرة في بيروت وطهران، وضع نصر الله يوم الثلاثاء، في خطابه الواضح والهادئ والواثق من نفسه، الإطار للمرحلة المقبلة المقاومة ضد العدو المحتل.
في البداية أشار نصر الله إلى ضعف الكيان الصهيوني أمام محور المقاومة وفقدانه لقدرته الردعية، واعتبر اغتيال قادة المقاومة نتيجة الهزائم التي مني بها الصهاينة أمام محور المقاومة.
وقال نصر الله إن هذه الاغتيالات جعلت وضع العدو أكثر صعوبة، وقال إن "الكيان الإسرائيلي الذي قاتل بأقوى جيوش المنطقة عامي 1967 و1973، يخشى اليوم بشدة من رد إيران وحزب الله ويلجأ إلى الغرب.. وإن الرادارات الإسرائيلية والأقمار الصناعية الأمريكية في حالة تأهب قصوى خوفا من رد إيران وحزب الله، وطائراتنا المسيرة وصلت شرق عكا اليوم".
ورغم أن الدول الغربية وبعض الجهات الفاعلة في المنطقة تحاول إثناء إيران عن الرد على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، إلا أن محور المقاومة لم يتراجع في هذا الأمر ونصر الله صرح بذلك بوضوح: "حزب الله وإيران واليمن ملزمون بالرد على العدو، والعدو أيضاً ينتظر هذا الجواب بأننا سنرد على هذا الكيان منفردين أو مع جبهة المقاومة"، كما طالب الأمين العام لحزب الله اللبناني الجبهات الداعمة للمقاومة في لبنان والعراق واليمن بمواصلة دعم غزة.
وفي الأيام الأخيرة، قالت جماعات المقاومة من اليمن إلى العراق ولبنان إنها ردا على اغتيال القادة، ستنفذ عمليات مشتركة ومتعددة الأطراف ضد الأراضي المحتلة، كما تشعر أمريكا وحلفاؤها بالقلق من رد الفعل واسع النطاق من جانب إيران وفصائل المقاومة.
تدمير المصانع الصهيونية في 30 دقيقة
وكان لنصر الله، المعروف بين الصهاينة بـ«وعوده الصادقة» واليقين بتنفيذ التهديدات، رسالة مفاجئة للمستوطنين، وهذه المرة لجعل سكان الأراضي المحتلة أكثر خوفا من الانتقام وقلقين أكثر من ذي قبل، ورغم أن سلطات تل أبيب تحاول إبعاد الخوف والقلق عن سكان الأراضي المحتلة من خلال تسليط الضوء على قدرات ما يسمى نظام "القبة الحديدية" الدفاعي، إلا أن سيد المقاومة سكب الماء النظيف على أيدي الصهاينة وتوعدهم بأن هذه الأنظمة لن تفعل شيئاً ولن تنتصر.
وقد أشار حسن نصر الله في جزء من كلمته إلى هذه النقطة: «نستطيع أن ندمر المصانع الصهيونية في شمال الأراضي المحتلة خلال نصف ساعة، وتدمير مقدرات ومنشآت العدو في هذه المنطقة لا يستغرق سوى نصف ساعة. "
هذا في حين أن هذه المصانع الصهيونية هي شريان الحياة لهذا الكيان في الأراضي المحتلة، وإذا حدث خلل في عملية إنتاجها فإن اقتصاد "إسرائيل" الضعيف سيهوي تماماً إلى حد الانهيار.
إشارة نصر الله الدقيقة إلى المرافق الحيوية ل"إسرائيل"، بينما في الشهرين الأخيرين توغلت طائرة "الهدهد" التابعة لحزب الله في عمق الأراضي المحتلة وصورت معلومات من جميع المراكز الصهيونية الحساسة، ولا يكاد أحد يشكك في دقة قاعدة بيانات حزب الله.
ويشعر المواطنون الصهاينة بالرعب من أن طائرة حزب الله من دون طيار مرت بسهولة عبر نظام القبة الحديدية وعادت بسلام إلى مقرها، كما أنهم يخشون عدم فعالية النظام الدفاعي خلال حرب واسعة النطاق، و إن قيام حزب الله بتدمير جميع المنشآت الصهيونية الحساسة خلال نصف ساعة يشير إلى صواريخ المقاومة اللبنانية بعيدة المدى، والتي لم يكشف النقاب عنها بعد، ويجب بالتأكيد اعتبارها جزءاً من معجزات حزب الله الحربية حيث إن نطاق الصراع يتزايد.
إطالة الرد هي استراتيجية مقاومة
واعتبر السيد حسن نصر الله اطالة الرد على الاغتيالات الاخيرة جزءا من استراتيجية جبهة المقاومة وقال: “سنرد على كيان الاحتلال وهذا الرد سيكون قويا وفعالا، واليوم يشعر جميع الصهاينة في الأراضي المحتلة بقلق بالغ من رد فعل المقاومة، وحالة الانتظار هذه هي جزء من المعركة".
تجدر الإشارة إلى أنه خلال الأسبوع الماضي، توجه المواطنون الصهاينة إلى الملاجئ خوفا من رد فعل إيران وحزب الله، وتعطلت الحياة الطبيعية حتى في عمق الأراضي المحتلة، وحتى الأخبار تشير إلى أن نتنياهو ومسؤولي الأمن قد لجؤوا إلى الملاجئ.
كما قام الصهاينة بمداهمة المخازن لتوفير مستلزماتهم وتخزين المواد الغذائية حتى يكون لديهم طعام يأكلونه لفترة في حال اندلعت الحرب في المنطقة، ويقول مواطنون إسرائيليون إن أعينهم مثبتة في السماء لمعرفة متى ستصل صواريخ حزب الله وإيران إلى الأراضي المحتلة، وقد أصبحت هذه الحياة أكثر إيلاما في ظل الخوف من الهجوم نفسه، لذلك، لا شك أن إغراق "إسرائيل" في حالة التشويق والفوضى هو جزء من الرد الذي يفكر فيه محور المقاومة.
تحذير لأمريكا
ودائماً ما يخاطب نصر الله في خطاباته رجال الدولة الأمريكيين إضافة إلى سلطات تل أبيب، الذين أشعلوا نار الحرب في المنطقة من خلال دعمهم القوي لكيان الاحتلال، حيث إن الأمين العام لحزب الله يشكك في صحة الادعاء الأمريكي بشأن إقامة الدولة الفلسطينية، مؤكدا أن: "الولايات المتحدة التزمت الصمت منذ 31 عاماً منذ اتفاقات أوسلو تجاه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ومطالباتها اليوم في هذا الصدد كذب ونفاق لأنه إذا تم التصويت على تشكيل دولة فلسطينية مستقلة في مجلس الأمن فإن هذه الدولة ستستخدم حق النقض ضده".
ولفت نصر الله إلى أن المساعدات الأمريكية للكيان الصهيوني مؤشر على فقدان الكيان للشرعية والقوة، وقال: “الأمريكيون يخدعون العالم بالادعاء بأنهم غير راضين عن أداء نتنياهو في الحرب، "إنهم يقدمون الأسلحة لهذا الكيان على نطاق واسع".
ويبدو أن السيد نصرالله يحذر الولايات المتحدة من الخطوات بعد العقاب النهائي للكيان من قبل محور المقاومة، بأنها إذا أرادت الاستمرار في دعم "إسرائيل" واللعب في ملعب نتنياهو فإنها ستتكبد خسائر فادحة.
ويجب أن نتذكر أن الأمين العام لحزب الله اللبناني حذر الأمريكيين في أول خطاب له بعد بدء حرب غزة من أن جميع سفن وقواعد هذا البلد في المنطقة في مرمى صواريخ المقاومة، وإذا أرادوا ذلك لديك مغامرة، سوف تلقى استجابة ساحقة.
وفي الأشهر العشرة الماضية، نفذت جماعات المقاومة العراقية مئات العمليات ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، ومؤخرا قُتل عدد من الجنود الأمريكيين في الهجوم على عين الأسد، ولذلك فقد أظهر محور المقاومة أن يديه ليست مغلقة، وإذا أراد توسيع نطاق الحرب فسوف يوجه له ضربة قوية.
وتأتي تحذيرات نصر الله في وقت وضعت فيه الولايات المتحدة قواتها في الشرق الأوسط في حالة تأهب وأرسلت سفنها إلى البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر للدفاع عن الكيان الصهيوني ضد هجوم إيران وحزب الله.
وحسب قادة المقاومة، فإن الكيان الصهيوني لم يكن ليتمكن من مواصلة الحرب في غزة لولا دعم الولايات المتحدة، ولذلك فهم يعتبرون ادعاءات واشنطن الحالية حول محاولة منع انتشار التوتر والتصعيد، ووصف المقاومة بممارسة ضبط النفس بأنها غير واقعية وجزء من سياسة دعم الكيان الساعية للحرب.