الوقت- على وقع التصعيد مع حزب الله اللبناني تراجع سعر صرف الشيكل الإسرائيلي إلى 3.743 أمام الدولار الأمريكي وهو أسرع هبوط منذ 3 أشهر مضت، وتظهر آخر المؤشرات السياسية أن المخاوف وعدم اليقين وتقلب الأسواق الاسرائيلية في ازدياد تحت وطاة احتمال وقوع حرب شاملة مع لبنان، في الوقت الذي لا تتوقف صفارات الإنذار عن الدوي في الأراضي المحتلة و شعور الصدمة لا يزال يرمي بظلاله على الاقتصاد الاسرائيلي الذي يعاني في الأصل من تكلفة كبيرة يتكبدها نتيجة العدوان الغاشم على غزة.
وفي سياق متصل، في ظل توتر الأجواء أعلنت شركات طيران لوفتهانزا والخطوط النمساوية، إلغاء رحلاتهما إلى كيان الاحتلال الاسرائيلي، دون تحديد موعد لرفع قيود السفر.
وصرح جوزيف فريمان، الرئيس التنفيذي لمجموعة بريكو المالية الإسرائيلية، بأن المخاوف بشأن احتمال اندلاع تصعيد في الشمال والمطالب المحلية أدت إلى تعزيز الدولار، مضيفاً إن تدهور الأوضاع الأمنية يمكن أن يدفع قيمة الشيكل إلى الانخفاض إلى 3.8 شيكلات على الأقل لكل دولار.
تراجعات حادة
على خلفية التطورات في الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان، افتتحت سوق الأسهم في تل أبيب على تراجعات حادة في المؤشرات الرئيسية، وانخفض مؤشر (TA 35) 1.7% من قيمته، فيما انخفض مؤشر TA 90) بنحو 2.3%)
كما تراجعت أسهم بنوك تل أبيب بنسبة 1.9%، وتراجع سهم "تل أبيب" للنفط والغاز بنسبة 3.3%.
ويقول كوبي ليفي، رئيس استراتيجية الأسواق في بنك لئومي، لموقع غلوبس الاقتصاديإنه خلال الأسبوع الماضي "كان هناك تدهور في المعنويات المحلية، مقارنة بالتفاؤل الذي كان موجوداً في السوق في الأسبوعين السابقين لذلك".
وتشير التقارير الاقتصادية و السياسية أن التأثيرات ستؤدي إلى استمرار انخفاض قيمة الشيكل مقابل العملات الرئيسية، ذلك لأن الوضع في الشمال "يزيد من المخاوف وعدم اليقين وتقلبات الأسواق، ويرى محللون أن "التقلب في السيناريو الرئيسي سيؤدي إلى استمرار التقلبات في سعر صرف الدولار مقابل الشيكل بين 3.6 شيكل/ دولار و3.8 شيكل/ دولار، كما حدث خلال الأشهر الثمانية الماضية".
تخفيض التصنيف الائتماني
على وقع هذه التطورات ألمح مفوض الميزانيات يوغيف غرادوس ، في رسالة إلى وزير المالية بتسلئيل سموتريش، إلى إمكانية تخفيض التصنيف الائتماني لكيان الاحتلال الاسرائيلي، ووفق تقرير "غلوبس" أمس الثلاثاء، كتب غرادوس إلى وزير المالية سموتريتش، محذراً من عواقب التأجيل المتكرر للمناقشات حول ميزانية 2025 على تصنيف الدين الإسرائيلي.
حيث إن تأجيل عملية إقرار الموازنة الاسرائيلية في هذا الوقت من شأنه أن يفسّر على أنه إشارة سلبية للاقتصاد والأسواق المالية حول استعداد وقدرة حكومة الكيان على التعامل مع التحديات الاقتصادية والمالية في مواجهة الحرب. و أشار غرادوس في رسالته إلى أن المزيد من التخفيضات في التصنيف الائتماني السيادي للكيان الاسرائيلي قد يكون في المستقبل القريب، الأمر الذي من شأنه أن يجعل جمع الديون أكثر تكلفة ويثقل كاهل الميزانية في السنوات المقبلة.
ويذكر أن وكالة ستاندرد أند بورز سبق أن خفضت التصنيف الائتماني طويل الأجل للكيان الاسرائيلي في 19 إبريل/ نيسان الماضي، وهي ثاني وكالة تصنيف ائتماني أمريكية كبرى تقوم بذلك، ويعني خفض التصنيف زيادة تكلفة الدين الإسرائيلي وتضييق فرص الحصول على أموال جديدة من الأسواق العالمية.
عجز وديون
فيما تقدر حكومة الكيان الإسرائيلية العجز في الميزانية بنحو 6.6%، ولكن محللين يرون أن العجز الحقيقي بالميزانية بلغ 9% من الناتج المحلي الإجمالي، ويقدر صندوق النقد الدولي حجم الاقتصاد الإسرائيلي بنحو 525 مليار دولار، وبلغ إجمالي حجم دين الكيان 62.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023، ارتفاعاً من 60.5% في 2022 بسبب ارتفاع الإنفاق الحربي، ومن المتوقع أن يصل إلى 67% في العام الجاري 2024، وفق ما ذكرت رويترز في منتصف إبريل/ نيسان الماضي.
وقالت وزارة المالية في وقت سابق إن عجز الموازنة العامة أدى إلى مضاعفة اقتراض البلاد العام الماضي، وذكرت الوزارة وفق رويترز أن "إسرائيل" جمعت 160 مليار شيكل (43 مليار دولار) من الديون في عام 2023، نصفها 81 مليار شيكل منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال المحاسب العام يالي روتنبرغ إن عام 2023 كان عاماً مليئاً بالتحديات وتطلب زيادة حادة في احتياجات التمويل، كما "تطلب تعديلات تكتيكية واستراتيجية" في خطة الحكومة لزيادة الديون، وفق رويترز. ووفق بيانات شركة ماكرو إيكونوميك تايمز سيرز اند ستات العالمية التي تعرف اختصاراً بـ"سي إي آي سي" التي تجمع بيانات من 50 دولة، فإن إجمالي دين حكومة الكيان الإسرائيلي بلغ 310.8 مليارات دولار في ديسمبر 2023، مقارنة بـ 294.7 مليار دولار في العام السابق
ضربة إضافية في إنتاج الغاز
من المتوقع أن يشكل توسيع التصعيد وامتداده باتجاه لبنان إلى مخاطر إضافية على إنتاج الغاز في الكيان المحتل وفي هذا الخصوص كشفت صحيفة غلوبس الإسرائيلية أنّ حالة حرب شاملة مع حزب الله من شأنها أن تؤدي إلى وقف الإنتاج من "كاريش"، وبالتالي إحداث صدمة في سوق الطاقة في "إسرائيل"، وأضافت إنّ "إسرائيل" ستضطر حينها إلى البحث عن مصادر أخرى لتلبية احتياجاتها.
ولفتت "غلوبس" إلى أن التهديد الحقيقي لمنصة "ليفياثان" أخطر بكثير، موضحةً أنّه "إذا تعطلت منصتا "كاريش" و"ليفياثان" عن العمل، ستضطر "إسرائيل" إلى تغيير مزيج وقود إنتاج الطاقة لديها، وستكون تكلفة الديزل والفحم أعلى بكثير من تكلفة الغاز الطبيعي".