الوقت– أدى استمرار الحرب في غزة وجرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني إلى دخول اليمن ساحة المعركة ضد المحتلين بشكل أكثر جدية من ذي قبل، وفي هذا الصدد، أعلن جيش الاحتلال الصهيوني، يوم السبت الماضي مسؤوليته عن غارة جوية غرب اليمن، وهذه هي المرة الأولى التي تدخل فيها تل أبيب الحرب ضد اليمن بشكل مباشر، وفي هذا الوضع يبدو أن التوترات في غرب آسيا لا تزال في تزايد مستمر.
الهجوم على الحديدة
أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان له، ظهر السبت الماضي، أن مقاتلات هذا الكيان استهدفت "أهدافاً عسكرية" يمنية في ميناء الحديدة الواقع على ساحل البحر الأحمر غرب اليمن، وزعم أن هذا الهجوم جاء رداً مباشراً على الهجمات التي نفذت ضد "إسرائيل" في الأشهر الأخيرة، وذكرت قناة "العربية" السعودية أيضًا أنه في الهجوم الأخير الذي شنته القوات الجوية الصهيونية من تل أبيب، تم تدمير ما لا يقل عن 40 خزان وقود في ميناء الحديدة اليمني، كما ذكرت مصادر عبرية تفاصيل مهمة في الأخبار حول الهجوم العدواني للكيان الإسرائيلي على اليمن، ولقد كشفت تلك المصادر العبرية أنه:
الف) شاركت 30 طائرة حربية في القصف على اليمن واستمر الإعداد لهذه المهمة 36 ساعة.
ب) كان الهدف الأساسي من هذا الهجوم هو استهداف الرافعتين الرئيسيتين في ميناء الحديدة، وهما المحور الرئيسي لإيصال المساعدات في هذا الميناء.
ج) لضمان الضرب الدقيق، تم استخدام قنابل خاصة.
وجاء هذا الهجوم ضد اليمن بعد يوم من إعلان الجيش اليمني مسؤوليته عن هجوم عسكري بطائرة دون طيار على مناطق في تل أبيب، وهي ثاني أكبر مدن الكيان الصهيوني، حيث قُتل في هذا الهجوم شخص واحد على الأقل وأصيب العشرات، وأعلنت اليمن أنها نفذت هذا الهجوم ردا على استمرار حرب وجرائم الكيان الصهيوني ضد غزة.
وحسب تقرير القناة 12 الصهيونية، فإن طائرة هجومية دون طيار بعد رحلة طويلة وتحركها في عمق الكيان الصهيوني ضربت مبنى في تل أبيب في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة، ما أدى إلى مقتل صهيوني وإصابة 10 آخرين، وأصابت هذه الطائرة دون طيار مبنى عند مفرق شارع شالوم إيخام وبن يهودا، دون إطلاق صفارات الإنذار، ولاحظ المستوطنون الهجوم بعد سماع دوي انفجار قوي، وحسب الشهود فإن قوة الانفجار كانت كبيرة لدرجة أنه أمكن سماع صوته في المناطق المحيطة بتل أبيب.
وأكدت القناة 12 التابعة للكيان الصهيوني أن هذه الطائرة المسيرة جاءت إلى تل أبيب من البحر، وأكد سكان تل أبيب أنهم لم يسمعوا مثل هذا الانفجار الضخم من قبل، كما أكدت وسائل إعلام عبرية أخرى أن أنظمة المراقبة البرية والجوية وحتى البحرية لم تلاحظ وجود هذه الطائرة دون طيار المهاجمة ولم تكن على علم بها حتى ضربت مبنى في تل أبيب.
الجيش الصهيوني الذي يبحث عن طريقة لتبرير فشله في كشف هذه الطائرة، أعلن بعد الهجوم أن الموضوع قيد التحقيق وسيتم التحقيق في كل أبعاده، وحالياً يتواجد في الموقع عدد كبير من القوات، ولقد زادت القوات الجوية دورياتها لحماية مجالها الجوي، ويطرح هذا الادعاء لدى بعض المحللين والخبراء هذا السؤال من وزارة الحرب في الكيان الصهيوني، وهو أنه إذا توجهت الطائرة نحو مقر وزارة الحرب، فما هو المبرر الذي لديكم؟
تغير اللعبة
أظهر الهجوم الصهيوني على مدينة الحديدة اليمنية أن الرد على صنعاء له أهمية خاصة بالنسبة لقادة تل أبيب، لذلك، بعد أقل من 24 ساعة من الهجوم اليمني بطائرات دون طيار على تل أبيب، بدأ الصهاينة بمهاجمة ميناء الحديدة اليمني، ومن ناحية أخرى، فإن تأرجح الرد العسكري بين تل أبيب وصنعاء يظهر أن اليمنيين أصبحوا الآن طرفاً فاعلاً مباشراً في الحرب في فلسطين، والحقيقة أن اليمن يعتبر الآن طرفاً أساسياً في حرب غزة التي دخلت المعركة ضد الغزاة دعماً للشعب الفلسطيني.
نضال تل أبيب لتعويض عار الهزيمة
إن العملية اليمنية دون طيار ضد تل أبيب تظهر فشل المنظومة الدفاعية الصهيونية، وعلى هذا الأساس يبدو أن الهجوم الصهيوني على اليمن كان محاولة للتغطية على فشل هذه المنظومة الدفاعية المتعددة الطبقات، في الواقع، لدى الصهاينة كيان دفاعي متطور ومتعدد الطبقات، وقد أظهر مرور طائرة يمنية دون طيار أن دفاع "إسرائيل" عاجز أمام التهديدات الخارجية، وتشمل هذه الأنظمة الدفاعية ما يلي:
نظام القبة الحديدية: للتعامل مع الأهداف الصغيرة والسريعة مثل الصواريخ وقذائف المدفعية وقذائف الهاون.
نظام الشعاع الحديدي: نظام دفاع جوي ليزري له القدرة على اعتراض الصواريخ والقذائف.
نظام مقلاع داود: لاعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة المدى (SRBM) والطائرات دون طيار وصواريخ كروز.
نظام السهم القاتل: للتعامل مع الصواريخ الباليستية على ارتفاعات عالية جداً وبسرعات عالية جداً.
الثقافة الاقتصادية للمحتلين
ولا تقتصر هجمات القوات اليمنية على التكاليف العسكرية ضد "إسرائيل" فحسب، بل إن هجمات القوات اليمنية تمكنت حتى الآن من فرض تكاليف اقتصادية كبيرة على المحتلين:
إفلاس ميناء إيلات: اعترف "جدعون غلبر" مدير ميناء إيلات في أقصى جنوب "إسرائيل" بتأثير هجمات القوات اليمنية على هذا الميناء وإغلاقه، وقال "إننا خسرنا نحو 50 مليوناً بسبب تعطل عمليات ميناء إيلات في أعقاب الهجمات اليمنية ولقد رأينا الأضرار"، وقال مدير ميناء إيلات، الذي أصيب بخيبة أمل من تلقي الدعم المالي من حكومة نتنياهو: "نحن نستعد لطرد عدد من العمال هذا الأسبوع"، وأضاف: إن تشغيل هذا الميناء متوقف منذ ثمانية أشهر بسبب هجمات (المقاومة) وهذا يعني عدم وجود دخل، كما أفاد موقع "كالكاليست" الاقتصادي أنه في عام 2023، دخلت 149 ألف سيارة إلى إيلات من الشرق، لكن لم تدخل سيارة واحدة هذا الميناء منذ بداية عام 2024.
انتقال الخسائر الاقتصادية إلى مناطق محتلة أخرى: من ناحية أخرى، تزعم بعض المواقع الصهيونية أن أنصار الله اليمن تبحث عن تحرك من بعض الدول العربية في شمال أفريقيا في البحر الأبيض المتوسط لاستهداف الكيان الصهيوني بسبب حربه على قطاع غزة، وبناء على ذلك، لن يتعرض الآن ميناء إيلات فقط، بل أيضا موانئ حيفا وعسقلان، لهجمات يمنية، وهذا الانعدام الأمني في موانئ الكيان الصهيوني يعني عمليا حصارا بحريا لهذا الكيان.
طريق مسدود في الممرات البديلة: كما يجب أن نأخذ في الاعتبار أنه على الرغم من الممر البري الذي تم إنشاؤه من دولة الإمارات بعد بدء حرب غزة لنقل البضائع إلى الكيان الصهيوني، حتى لا تمر البضائع البحرية عبر البحر الأحمر، ولم يتم استهداف موقع هجمات أنصار الله، ومن ثم ميناء إيلات، لكن هذا الممر لا يمكن أن يكون بديلاً للشحنات البحرية القادمة من آسيا، كما تقول السلطات الصهيونية إن الطريق البديل للبحر الأحمر هو النقل في الطرف الجنوبي لإفريقيا، وفي هذه الحالة ستكون حركة السفن في البحر الأبيض المتوسط أطول بـ 2 إلى 3 أسابيع، وهذا الأمر سيجلب المزيد من التكاليف للصهاينة فى المستقبل.