الوقت- أعلن الجنرال إسحاق بريك، المعروف بأسلوبه الانتقادي لأداء نتنياهو وحكومته وائتلافه في إدارة حرب غزة، في مذكرة نشرت مساء الثلاثاء على الموقع الإخباري نيوز وان باللغة العبرية، أن المتحدثين باسم الحكومة والجيش الإسرائيلي لا يقولون الحقائق للمجتمع ويخدعون الشعب ويساهمون بهذا العمل في تشكيل أسوأ هزيمة في تاريخ "إسرائيل" والتي سجلت لنا في ال 7 من أكتوبر.
وذكر بريك في مذكرته أن هؤلاء الصحفيين والجنود لا يتعلمون من المآسي التي حلت بنا في ال 7 من أكتوبر، وحقيبة الأكاذيب التي ينشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لا تزال مفتوحة.
وأكد أن هذه الأكاذيب المنسوجة مبنية على تعليمات صدرت إليهم من كبار قادة الجيش الإسرائيلي ويطلب منهم تحويل الإخفاقات إلى نجاحات، وفي كل يوم ينشر الصحفيون العسكريون معلومات نقلاً عن المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي وقادة رفيعي المستوى في الجيش يزعمون أنهم قتلوا المئات من قوات حماس، حتى أن أحد الصحفيين العسكريين أعلن مؤخرًا أن 1000 مقاتل قتلوا في اثنتين من المعارك الأسبوع الماضي.
وحسب الجنرال بريك، فإن انتشار الأكاذيب هذا لا يقتصر على الصحفيين العسكريين، بل أعلن رئيس الأركان العامة للجيش مؤخراً أن 900 مقاتل من حماس قتلوا في رفح، كما أعلنوا أنهم أغلقوا الأنفاق في فيلادلفيا ونتساريم، وعدد كبير من الأكاذيب التي لا يمكن تفصيلها تضاف إلى هذا الخداع.
وتابع الكاتب هذه الملاحظة: لقد تحدثت مع العسكريين هنا، من القادة إلى الجنود الذين يقاتلون حاليا في قطاع غزة، وباعترافهم، نادرا ما يواجهون مقاتلي حماس، لأن حماس هي التي شنت حرب عصابات ضمن أجندتها، وتضع قواتنا في أفخاخها المتفجرة ضمن المنازل المحاصرة التي يدخلها جنود الاحتلال، وفي كثير من الأحيان تقتحمها قواتنا دون تفتيش المكان.
مطلقو الصواريخ المضادة للدبابات علينا ويدخلون الأنفاق ويختبئون في لحظات، لا توجد قوة تستطيع سد الأنفاق المحفورة على عمق حوالي 50 متراً تحت محور فيلادلفيا، فيما يتواجد العسكريون الإسرائيليون عليها.
وبعد ذلك تناول هذا الجنرال الصهيوني بعض أكاذيب الجيش الصهيوني كمثال فكتب:
ويدعي الجيش الإسرائيلي أنه أغلق معظم الأنفاق في محور فيلادلفيا، لكن لا بد من القول إن "إسرائيل" بذلت قصارى جهدها للقيام بذلك خلال 23 عاما بين عامي 1982 و2005، عندما سيطرت على المنطقة لسد الأنفاق وتدميرها التي تم حفرها على عمق يتراوح بين 15 و50 مترًا تحت الأرض، إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من التوغل إلا إلى عمق 100 متر في هذه المنطقة، على الرغم من أنه بحلول الوقت الذي يصل فيه إلى منطقة سيناء المصرية، يجد هذا المحور الذي يبلغ طوله 14 كيلومترًا عمقه أقل من 5 أمتار.
ويصنع قطاع غزة أسلحة ومعدات وأدوات لإنتاج الأسلحة والذخائر داخل قطاع غزة منذ سنوات مضت، وقد تعرض الجيش الإسرائيلي لهجمات عديدة في هذا المحور وأوقع خسائر بشرية.
وأكد الجنرال إسحاق بريك في هذا الصدد، ولا بد لي من التوضيح هنا، أنه على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي سيطر مؤخرًا على أجزاء من رفح واستولى على أجزاء من محور فيلادلفيا، إلا أنه لم يفعل شيئًا خاصًا بالضبط فيما يتعلق بادعاء مقتل 900 مقاتل وينبغي القول إن هذا الرقم هو بضع عشرات من الأشخاص على الأكثر، والأسوأ من ذلك هو أن الجيش الإسرائيلي لم ينجح في سد الأنفاق التي حفرها على عمق 15 إلى 50 متراً تحت محور فيلادلفيا وفي نفس الوقت المصريون لا يسمحون للجيش الإسرائيلي أن يفعل شيئاً كهذا.
وهنا ينبغي القول إن المهمة الأساسية والضرورية التي من أجلها دخل الجيش الإسرائيلي رفح واستولى على محور فيلادلفيا وكلفتنا الكثير من القتلى والجرحى، كانت عملية فاشلة ومنيت بهزيمة فادحة إلى محور نيتساريم الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه.
وفي جزء آخر من مقالته، نقل هذا الجنرال بصوت عالٍ مقولة لأحد جنود وحدة الهندسة في الجيش الإسرائيلي الذي يعمل في محور نيتساريم في قطاع غزة.
وكتب هذا الجندي الإسرائيلي في هذا الصدد: كيف تصدق أن 300 مقاتل فلسطيني قتلوا في هجوم بينما لم تشاهد كتيبة المظليين التابعة للجيش الإسرائيلي سوى مقاتلين فلسطينيين اثنين فقط خلال صراعهما وبعد يومين من القتال معهما وفي اليوم الثاني، تمكنوا من قتلهما، بينما كنا نتعرض للقصف من جميع الجهات والهجمات علينا مستمرة ليلا ونهارا، ما يعني أنه من الممكن الاعتقاد بأن كل خسائر الطرف الآخر كانت بسبب قصف المدرعات! لأن المشاة لم يروا العدو إطلاقا.
وهنا يكتب بريك: هذا الجندي أخبرني بهذه الأمور أيضاً، والآن أطرح هذا السؤال: هل يكذب علينا الجيش الإسرائيلي؟
وأضاف: كذبة أخرى للجيش الإسرائيلي هي أنه يقول إن 50% فقط من عدد مقاتلي حماس بقي على قيد الحياة، ولكن هذا كذب أيضا لأنه لا يخفى على أحد أن عدد ضحايا حماس في هذه الحرب هو أقل بكثير من 50% من قواتها، وأي شخص قُتل يتم استبداله بسرعة، وبالتالي يجب الاعتراف بأن حماس لديها اليوم تقريبًا نفس العدد من القوات المقاتلة الذي كان لديها قبل الحرب.
وأكد بريك: اليوم الجيش الإسرائيلي لا يريد أن يعترف بأنه فشل في تحقيق هدفه الأهم وهو تدمير حماس، وبدلا من أن يسعى لتدمير حماس فإنه يخدع المجتمع بأننا قمنا بزيادة الضغط والقمع، وبهذا يحقق الجيش أهدافه، لكن يجب أن نتذكر أننا لم نطلق سراح المختطفين بعد، وبعد أيام قليلة لن يكون هناك أي مختطف على قيد الحياة حتى نطلق سراحهم.
واليوم، فإن 80% من مئات الكيلومترات من الأنفاق التي تم حفرها في قطاع غزة لا تزال في حوزة حماس، وتصل القوات المقاتلة لحماس إلى عدة عشرات الآلاف من الأشخاص، ولا يزال عدد كبير منهم مختبئين في الأنفاق، والعديد منهم على الأرض (بطرق مختلفة).
وزعم أنه من أجل تدمير حماس، لا بد من تدمير أنفاقهاظ وما فائدة تدمير المباني في هذا الصدد؟ ومن أجل القيام بذلك، كان لا بد للجيش الإسرائيلي من التمركز في مناطق مختلفة من قطاع غزة، بما في ذلك فيلادلفيا ومحور نتساريم، لفترة طويلة، لكن الجيش الإسرائيلي غير مستعد لمثل هذه الظروف ولم يقدم الأدوات اللازمة لتدمير الأنفاق في السنوات الماضية، لأن صناع القرار قرروا أن الحروب طويلة الأمد مع قطاع غزة لن تحدث، وبسبب تقليص عدد قوات الجيش الذي حدث خلال العشرين سنة الماضية، لقد اضطر الجيش الإسرائيلي إلى إخلاء المناطق المحتلة بسبب نقص القوات واللجوء إلى الغارات الجوية، وهو ما لم يحدث من قبل، وبهذه الطريقة لن يكون من الممكن الإطاحة بحماس ولن يؤدي إلا إلى سقوط المزيد من الضحايا بين المدنيين.
كما يجب علينا أن نتوصل إلى تفاهم واستنتاج مفاده بأن اغتيال قادة حماس وحزب الله لا يمكن أن يقودنا إلى النصر، حتى لو دعت حماس إلى وقف إطلاق النار واحتفلنا بما سنسميه بالهزيمة العسكرية لحماس، فلا ينبغي لنا أن نفعل ذلك. دعونا نفقد أيدينا وأرجلنا، فحماس تمتلك حتى اليوم 80% من أنفاقها، وربما تمتلك نفس النسبة من القوات العسكرية، كما أن لديها أنفاق اتصال مع منطقة سيناء، أي خارج قطاع غزة، لذا فإن قدرات حماس لا تزال سليمة ولن يتمكن الجيش الإسرائيلي من تدمير هذه القدرات ليس فقط على المدى القصير ولكن أيضًا على المدى الطويل، ووحدنا خسرنا أشياء كثيرة في هذه الفوضى.