الوقت – استضافت عاصمة كازاخستان، أستانا، القمة الـ24 لمنظمة شنغهاي للتعاون يومي الـ13 والـ14 من تموز/يوليو، والتي زارها القائم بأعمال الرئاسة الإيرانية محمد مخبر على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى.
أهمية شنغهاي في الاتجاهات العالمية
ومن النقاط المهمة في اجتماع شنغهاي الأخير حضور الأمين العام للأمم المتحدة، وهو ما يوضح مكانة شنغهاي المتنامية وأهميتها في الاتجاهات العالمية.
وقال أنطونيو غوتيريش، ردا على سؤال حول الدور الذي تلعبه المنظمات الإقليمية، بما في ذلك منظمة شنغهاي للتعاون، في الديناميكيات الجيوسياسية الحالية: إن معالجة التحديات التي نواجهها تتطلب مؤسسات دولية فعالة تضرب بجذورها في حقائق القرن الحادي والعشرين وترتكز على ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية.
وأكد غوتيريش أنه في السنوات القليلة الماضية، برزت هذه المنظمة كلاعب مهم في المجتمع العالمي، وتمثل الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي 43% من سكان العالم، و25% من الإنتاج الإجمالي، و20% من الصادرات، 20% من واردات العالم وحوالي 23% من الاقتصاد العالمي.
السياسة الناجحة لحكومة الشهيد رئيسي في الحصول على مقعد شنغهاي
وفي تسعينيات القرن الرابع عشر، قدمت جمهورية إيران الإسلامية طلبًا للعضوية الرسمية في مجموعة الدول الثمانية الأعضاء في هذه المنظمة (الصين، روسيا، الهند، كازاخستان، طاجيكستان، قيرغيزستان، باكستان وأوزبكستان)، والتي مع بداية الحكومة الثالثة عشرة والتغيير في نهج السياسة الخارجية الإيرانية القائم على التفاعل مع الشرق والتأكيد على نهج الجوار والتقارب، وقد تم قبول هذا الطلب في أول ظهور لآية الله شهيد رئيسي في قمة شنغهاي في 2022 في طاجيكستان.
وبعد اجتياز الإجراءات القانونية داخل المنظمة، في يوليو 2024 وفي القمة الثالثة والعشرين للدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون التي استضافتها الهند والتي عقدت بشكل افتراضي، انضمت إيران رسميًا إلى الأعضاء الرئيسيين في هذه المنظمة كنافذة الفرص والقدرات المتنوعة، بما يتماشى مع المصالح المشتركة لإيران وأعضاء منظمة شنغهاي للتعاون، أمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية والأعضاء الآخرين.
فرص متبادلة بين إيران وشنغهاي
تستضيف منظمة شنغهاي للتعاون العديد من الاجتماعات والمبادرات التي تركز على التجارة البينية الإقليمية، والعبور، والتعاون الصناعي، والابتكار، والمشاريع الناشئة، والحد من الفقر، والتحول الرقمي، والسياحة، والدبلوماسية العامة ومجالات أخرى، وتشكل هذه الأجندة الواسعة والمتنوعة تحدياً كبيراً للأمانة العامة لمنظمة شنغهاي للتعاون، التي يتعين عليها تنسيق وإدارة مختلف المبادرات والأنشطة التي تضطلع بها دولها الأعضاء.
ويوفر الوجود الإيراني في منظمة شنغهاي للتعاون منصة مناسبة لتوسيع العلاقات الاقتصادية وتسهيل الطرق اللوجستية لجميع الدول الأعضاء في المنظمة، ومن ناحية أخرى، فإن العضوية في شنغهاي ستجلب فرصا فريدة لتحسين الوضع الاقتصادي، كما أنها ستزيد التعاون مع دول آسيا الوسطى، وإن التطورات الأمنية الأخيرة في المنطقة مثل أفغانستان تتطلب التعاون المتبادل بين إيران والدول المجاورة لأفغانستان.
تضم منظمة شنغهاي للتعاون ذات الطبيعة الدفاعية والأمنية ثلاث مؤسسات دائمة، بما في ذلك "الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب"، و"المجلس التجاري لمنظمة شنغهاي للتعاون"، و"اتحاد البنوك"، كما شهدت تطوراً رأسياً كبيراً من حيث مهامها وأنشطتها، وبينما كان التركيز الأساسي والمبدئي لهذه المنظمة كخليفة "مجموعة شنغهاي الخماسية" على قضايا الحدود ومواجهة ما تسمى "الشرور الثلاثة" (الإرهاب والتطرف والانفصالية)، توسعت مهامها تدريجيا لتشمل مجموعة واسعة من المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية.
ويشكل التعاون في مجال الطاقة أولوية رئيسية أخرى لمنظمة شنغهاي للتعاون، وقد عمل نادي الطاقة التابع لمنظمة شنغهاي للتعاون، الذي تأسس في عام 2013، على زيادة التعاون بشكل كبير بين منتجي الطاقة الرئيسيين مثل روسيا والمملكة العربية السعودية وإيران وكازاخستان وأوزبكستان، والمستهلكين مثل الصين والهند وباكستان وتركيا وقيرغيزستان وطاجيكستان، وقد دعم النادي مشاريع مثل خط أنابيب الغاز بين آسيا الوسطى والصين، وهناك خطط جارية لتحويل تركيا إلى مركز حيوي للغاز يمكن من خلاله إجراء التجارة بين الدول الأعضاء ومع أوروبا.
وبصرف النظر عن قطاعات الطاقة التقليدية، قامت الصين وروسيا أيضًا بتصدير مفاعلات نووية إلى دول أعضاء أخرى، وكان الهدف من هذه الخطط هو إنشاء منظمة شنغهاي للتعاون كنظام طاقة مكتفٍ ذاتياً ولعبت دوراً مهماً في الحد من تأثير العقوبات الدولية على روسيا.
تتقاطع منظمة شنغهاي للتعاون بشكل كبير مع مبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI)، وهي حجر الزاوية في السياسة الخارجية للصين، والمصممة لتعزيز شبكات التجارة العالمية وتطوير البنية التحتية عبر آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتعمل بمثابة "طريق الحرير الجديد".
وافقت معظم الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، باستثناء الهند، على مشاريع مبادرة الحزام والطريق أو شاركت فيها، مثل خط أنابيب الغاز بين آسيا الوسطى والصين، والممر الاقتصادي بين الصين وباكستان (CPEC)، والمركز المالي الدولي في أستانا (AIFC) في كازاخستان، ومشروع السكك الحديدية بين الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان (CKU)، وفي حين يتداخل تركيز مبادرة الحزام والطريق على تعزيز الاتصال الإقليمي مع أهداف منظمة شنغهاي للتعاون المتمثلة في تعزيز التكامل بين الدول الأعضاء، فقد أثارت هذه المشاريع في بعض الأحيان المخاوف بشأن نفوذ الصين المتنامي في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى احتكاك مع الهند وروسيا.
وبشكل عام، بما أن إيران أصبحت عضواً رسمياً في شنغهاي، فيجب على الجمهورية الإسلامية استغلال الإمكانات والفرص المتاحة لحل التحديات الأمنية في المنطقة مثل قضية أفغانستان والتطوير الشامل للعلاقات مع دول آسيا الوسطى.