الوقت - أدت الحرب الطاحنة التي يشنها كيان الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة إلى نفور أثرياء العالم من الاستثمارات في "إسرائيل"، وأثرت الحرب بقوة على الاقتصاد وأصبحت طاردة لرجال الأعمال المهاجرين.
حيث كشف تقرير اقتصادي جديد أن "إسرائيل" أصبحت طاردة لرجال الأعمال المهاجرين الأثرياء، فالذين يغادرون أكثر من الذين يستقرون بها، وفق ما نقلته صحيفة "جلوبز" الإسرائيلية المتخصصة في الاقتصاد والأعمال يوم الثلاثاء.
وجاء في تقرير (هينلي) لهجرة الثروات الخاصة، الذي أعدته شركة "هينلي آند بارتنرز" الاستشارية للهجرة أن "إسرائيل" خرجت من تصنيفات هجرة الثروات الخاصة لعام 2024.
وفي كل عام، تدرج هينلي قائمة الدول العشرين التي استقبلت معظم الأثرياء، وفي العام الماضي، احتلت "إسرائيل" المرتبة 12 مع وجود 600 شخص أكثر ثراء يعيشون في البلاد، بينما في عام 2022 احتلت "إسرائيل" المرتبة الثامنة ، ولكن الحرب الدائرة دفعت العديد من المستثمرين الأثرياء إلى نقل رؤوس أموالهم إلى مواقع أخرى أكثر أماناً.
والشخص الثري وفق تعريف هينلي هو شخص لديه أصول سائلة تزيد على مليون دولار ، ويكشف تقرير (هجرة الثروات) أن "إسرائيل" خرجت من قائمة تدفقات الثروات لأول مرة، وأن هذا يمثل تحولا كبيرا ، حيث تم تصنيف "إسرائيل" من بين الوجهات العشرة الأولى لأصحاب الملايين من المهاجرين إلى الخارج لعدة عقود.
من جهته أكد دان ماركوني، كبير مستشاري العملاء في شركة هينلي، أن هذا التحول الكبير يبين مدى السرعة التي يمكن أن يؤدي بها الصراع إلى تقويض جاذبية دولة ما في أعين أثرياء العالم والمتنقلين عالميًا ، وإن الحرب المستمرة لم تحطم صورة إسرائيل كملاذ آمن فحسب، بل هددت أيضًا بالطغي على إنجازها الاقتصادي".
وتعكس تعليقات ماركوني الأضرار الاقتصادية التي لحقت ب"إسرائيل" بسبب الحرب، حيث لم يظهر الأغنياء أي مشاعر ، ويتجلى الضرر، من بين أمور أخرى، في قطاع التكنولوجيا الفائقة، الذي يعتمد بشكل كبير على أموال المستثمرين للشركات الناشئة.
وتؤكد شركة هينلي أن التقرير يعد مؤشرا رئيسيا للصحة الاقتصادية العامة للدول.
وعلق دان ماركوني، كبير مستشاري العملاء بفرع الشركة في "إسرائيل"، على الوضع قائلاً "يؤكد هذا التحول الزلزالي مدى السرعة التي يمكن أن يؤدي بها أي صراع إلى تقويض جاذبية دولة ما في أعين أثرياء العالم والمتنقلين عالميًا.
إن الحرب المستمرة لم تحطم صورة "إسرائيل" كملاذ آمن فحسب، لكنها تهدد أيضا بالطغيان على إنجازاتها الاقتصادية" وفق ما نقلته غلوبس.
وفي سياق متصل نقلت منصة غلوبس الإسرائيلية عن التقرير خروج "إسرائيل" من قائمة "هنلي أند بارتنرز" للدول العشرين المستقطبة للثروات الخاصة، وهو خروج كبير -وفقا لغلوبس- عن المركز الـ12 الذي حققته العام الماضي، عندما شهدت "إسرائيل" تدفقًا صافيًا لـ600 فردًا ثريًا.
في حين احتلت الإمارات المركز الأول في القائمة، حيث اجتذبت 6700 مهاجر من الأثرياء خلال العام الماضي ، واحتلت الولايات المتحدة المركز الثاني، حيث اجتذبت 3800 مهاجر، تليها سنغافورة وكندا وأستراليا وإيطاليا وسويسرا واليونان والبرتغال واليابان ، وخسرت الصين والمملكة المتحدة والهند معظم أموال المهاجرين خلال العام الماضي.
وتضيف غلوبس إن نزوح المستثمرين الأثرياء لا يشكل مجرد ضربة لصورة الأمان، بل يمثل أيضاً انتكاسة اقتصادية كبيرة قد يكون من الصعب عكس اتجاهها.
ويعكس الانخفاض في تصنيف "إسرائيل" وتدفق الأفراد الأثرياء إلى الخارج مخاوفاً أوسع نطاقا بشأن الاستقرار والآفاق الاقتصادية وسط الحرب المستمرة، وفقا لغلوبس، وبينما يسعى المستثمرون إلى بيئات أكثر أماناً واستقراراً، فإن التحدي الذي يواجه "إسرائيل" -وفقا لغلوبس- سيتمثل في استعادة الثقة وإعادة بناء جاذبيتها أمام الأثرياء والمتنقلين على مستوى العالم.
ووفقا لمصادر إعلامية عبرية فقد انخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في "إسرائيل" إلى 1.1 مليار دولار في الربع الأول من 2024 بتراجع 55.8% مقارنة بالربع الأخير من 2023، وفق بيانات المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي، ويعد أدنى مستوى مسجّل منذ الربع الأخير من 2021.
وأشارت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية إلى أن أرقام الاستثمار الأجنبي في "إسرائيل" مثيرة للقلق، إذ تراجعت من متوسط ربع سنوي نسبته 4.8 مليارات دولار في السنوات الأربع الماضية.
وتضيف الصحيفة إن انخفاض الاستثمارات الأجنبية بنحو 56% لا يعكس الخوف من استمرار الحرب فقط، بل يشير -بشكل أساسي- إلى أن قيادة البلاد غير مهتمة بالاقتصاد.
وأوضحت الصحيفة أن تراجع الاستثمارات المباشرة مرتبط بتراجع الاستثمارات في العالم، ومع ذلك تكشف أن معدل تراجع الاستثمارات في "إسرائيل" أعلى من العالم.
والاستثمارات الأجنبية المباشرة هي شراء العقارات من قبل الأجانب، واستثمارات ذات طبيعة طويلة الأجل وهي في الأساس أصول حقيقية، على عكس الاستثمارات المالية العادية.
ونقلت الصحيفة الاقتصادية عن مدير قسم الأبحاث في بنك إسرائيل، عدي براندر، قوله “القرارات التي تنتظرنا في مجال موازنة الدفاع لن تؤثر فقط على ميزانية 2025، بل يمكن أن تؤثر على نمونا ومستوى معيشتنا لسنوات قادمة”.
وقفزت استثمارات الإسرائيليين في الخارج بنحو 30% في الربع الأول من السنة الحالية إلى 2.9 مليار دولار، من 2.2 مليار دولار في الربع المقابل من السنة الماضية، ما يعني أن الإسرائيليين يهربون باستثماراتهم إلى الخارج.
وتظهر البيانات الإضافية التي قدمتها منظمة “التعاون الاقتصادي والتنمية” أن الوضع الهيكلي ل"إسرائيل" فيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية ليس مشجعا عندما تفرض الدولة العديد من القيود التنظيمية عليها.