الوقت- مؤخرا، جرى الحديث في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن رفض نحو 30 ضابطًا وجنديًا احتياطيًا من لواء المظليين في جيش الاحتلال لأوامر الاستعداد لعملية عسكرية في منطقة رفح جنوب قطاع غزة، مبررين ذلك بـ"الإرهاق"، وتأتي هذه الأحداث في ظل تقارير تشير إلى موافقة رئيس أركان جيش الاحتلال، هرتسي هاليفي، على استمرار الخطط العسكرية في غزة، بمناقشة خطط العمليات المقترحة لاجتياح منطقة رفح جنوب القطاع، حيث إنّ حوالي 30 جنديًا من لواء المظليين الاحتياطي المتصل بالواء النظامي للمظليين تلقوا أوامر للتحضير للمشاركة في عملية في منطقة رفح، لكنهم أبلغوا قادتهم بأنهم مرهقون وغير قادرين على القتال.
بوضوح، اعترف قادة اللواء للمظليين في الكيان أنهم لن يجبروا الضباط وجنود الاحتياط على المشاركة في العملية العسكرية في رفح، وأنه على أي حال لن يحدث هناك أي فجوة في العمليات، ما يدل على زيادة مستوى الاستنزاف في قوات الاحتياط بعد أشهر من القتال في القطاع، وفي تطور متزامن، نشر حساب جيش الاحتلال الإسرائيلي أن رئيس أركانه هاليفي أجرى "نقاشًا وأقر خطط مواصلة الحرب مع قائد القيادة الجنوبية اللواء يارون فينكلمان، وجميع قادة الفرق والألوية التابعة للقيادة".
وفي الوقت الذي أقر رئيس الأركان خلال المناقشة خطط عملياته لاجتياح رفح، تستمر تل أبيب في التمسك بخطط اجتياح رفح، وتتزايد التحذيرات الدولية بشأن تداعيات هذه العملية على المنطقة، التي تعتبر ملجأً آخر لنحو 1،5 مليون فلسطيني، معظمهم من النازحين، بالتزامن مع حديث وزير الخارجية المصري سامح شكري والممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن رفضهما لعملية اجتياح إسرائيلية لمدينة رفح المتاخمة لحدود مصر.
وخلال لقاء جمعهما على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في السعودية، جرى التشديد على رفض شن كيان الاحتلال عملية عسكرية برية في مدينة رفح جنوب غزة"، وأهمية تحرك الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية الفاعلة للضغط على كيان الاحتلال بهدف منع تنفيذ هذه العملية العسكرية، ووقف أي محاولات لتنفيذ سيناريو التهجير القسري لأهالي قطاع غزة أو تصفية القضية الفلسطينية.
ومراراً، تحدثت حماس عن استعداد فصائل المقاومة لمواجهة الجيش الإسرائيلي في حال قررت اقتحام مدينة رفح، معتبرة الموقف الأمريكي تجاه الاقتحام "غير صادق"، والأحداث التي جرت تحت قبة السماء الفلسطينية وفي المنطقة المحيطة بها تكشف عن تصاعد التوترات والمخاوف الإقليمية المتزايدة، وتسلط الضوء على العديد من الأبعاد السياسية والإنسانية والعسكرية المعقدة.
ومن خلال الأحداث المذكورة، يمكن تحليل عدة جوانب أولها الرفض الدولي للعملية العسكرية في رفح، ويتضح من البيانات أن هناك رفضًا شديدًا لعملية اجتياح مدينة رفح، سواء على المستوى المصري أو الأوروبي، ما يعكس التحرك الدبلوماسي لمنع تصاعد العنف الإسرائيلي أكثر بعد عشرات الآلاف من الشهداء الفلسطينيين والمحافظة على الاستقرار في المنطقة.
وإن رفض الجنود والضباط الاحتياطيين للمشاركة في العملية العسكرية يعكس حالة من عدم الاستقرار الداخلي في كيان الاحتلال، ويوضح الضغوطات التي يمكن أن تواجه القوات الإسرائيلية داخليًا في حال تصاعد التوترات، كما أن التحذيرات من تداعيات إمكانية التهجير القسري للسكان المدنيين في غزة تبرز القلق الدولي من الأزمة الإنسانية المحتملة، وتوضح الحاجة الملحة إلى حلول حقيقية تضمن حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان.
أيضًا، الواضح من تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، أن الحركة تظهر استعدادها لمواجهة كيان الاحتلال في حالة الاقتحام المحتمل، ما يبرز جهوزية حماس الكبيرة لأي تصعيد إسرائيليّ، وأن النتائج لن تكون في مصلحة تل أبيب، وإن تأكيد وزير الخارجية المصري والممثل الأوروبي على التصدي للعملية العسكرية يظهر تنسيقًا دوليًا متزايدًا للضغط على كيان الاحتلال، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة الضغوط الدولية على الحكومة الإسرائيلية لتجنب التصعيد.
بالمجمل، توضح الأوضاع الراهنة في المنطقة وبعض الجهود العربية والدولية لمنع تل أبيب من تنفيذ مخططاتها الدموية، وبالنسبة لكيان الاحتلال يظهر الخوف والقلق والرهبة كعوامل مؤثرة بشكل كبير على القرارات العسكرية، فهما يعكسان هشاشة جيش الكيان الشيء الذي يمكن أن يؤثر على كامل النتائج العسكرية، وليس من السهل أبدا لمجلس الوزراء الحربي قبول هذه الوجهة من النظر، وخاصة عندما تكون هناك خطة أمنية فاشلة لحماية فساد نتنياهو وتستدعي استخدام القوة العسكرية.
ومع ذلك، ينبغي أن ندرك أن هذا النوع من التحدي قد يلحق أضرارًا فادحة بجيش الاحتلال سواء من خلال التأثير على الروح المعنوية للجنود والضباط، أو من خلال تقويض الانضباط والثقة داخل القوات المسلحة، بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الجدل الداخلي وعدم الاتفاق على الاستراتيجيات إلى عدم فعالية العمليات العسكرية المخططة، وبالنسبة لخطة الهجوم على رفح، فإنها تشكل تحديًا كبيرًا لتل أبيب، وخاصة مع تصاعد التوترات في المنطقة وتوقعات بتداعيات إنسانية خطيرة، ويجب على الأطراف الدولية العمل على لجم الكيان والبحث عن حلول عادلة للفلسطينيين، في حال كانت تلك الدول ترغب بالسلام وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل عام، وتحمي حقوق الإنسان والسلامة الإنسانية للمدنيين في غزة بشكل خاص.