الوقت- مع ازدياد انتشار صور مآسي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في العالم، يشهد الاحتلال الإسرائيلي تراجعا ملحوظا في معركته أمام الرأي العام الدولي لتبرير استمرار حربه على القطاع.
وتعتبر "إسرائيل" أن استمرار الدعم الدولي مهم لمواصلتها الحرب التي دخلت شهرها السادس، وتتوقع أن تستمر فترة أطول مع فشل جيشها في تحقيق الأهداف التي حددها للحرب.
ومع إطلاقها للحرب، استخدمت "إسرائيل" مشاهد المستوطنات في غلاف قطاع غزة أثناء عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول الماضي، فحصلت على دعم غربي وخاصة من الولايات المتحدة.
ولكن مع ورود صور الدمار والقتل في قطاع غزة فإن الرأي العام الدولي بدأ يميل لمصلحة الفلسطينيين، وهو ما تم بالفعل وما زال يتم التعبير عنه في مظاهرات بعواصم عربية وأوروبية ودولية بما فيها في الولايات المتحدة.
هذا وقام عدد من الطلاب الذين يُعارضون في الجامعات الأمريكية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بتوجيه عدة رسائل محددة مؤخرا.
حيث تم اقتحام مخيم حمل اسم غزة أقامه الطلاب في حدائق جامعة كولومبيا العريقة وهدمه واعتٌقل عدة طلاب من ساكنيه لكن القوى الطلابية ردت برسالتين حيث تم بناء مخيمين جديدين في جامعتي أوهايو ونورث كارولينا ومخيم أيضا في جامعة ميامي في أوكسفورد.
وحسب مراقبين فإن تلك الجامعة لم تشهد منذ حرب فيتنام نشاطا طلابيا بحجم كبير حيث لفت قرار إدارة الجامعة بهدم مخيم غزة في حدائقها أنظار آلاف الطلاب الآخرين بعدما قرر نحو 1000 طالب أمريكي فلسطيني الاستمرار في فعالياتهم.
وانضم طلاب أمريكيون بينهم عشرات اليهود للاعتصام المفتوح في المكان الذي تم هدمه من قبل شرطة مدينة نيويورك في إشارة منهم إلى أن الإصرار كان واضحا على بقاء المخيم حيث افترش عشرات الطلاب الأرض بعد إزالة الخيم الصغيرة.
ونشرت صور وفيديوهات للعشرات أيضا من الطلاب اليهود المتضامنين مع زملائهم الفلسطينيين الأمريكيين.
وأقام طلاب يهود في الجامعات الأمريكية حلقات لترانيمهم الدينية وهم يرتدون الكوفية الفلسطينية لنُصرة الشعب الفلسطيني ضد العدوان.
ويبدو أن رمزية سياسية هنا هي المقصودة لأن اللوبي الصهيوني المناصر لـ"إسرائيل" يستند في حجته داخل الجامعات على أن الطلبة اليهود لا يشعرون بأمان في تلك الجامعات.
لكن طلبة يهود وبعدد كبير انضمّوا إلى فوج المعتصمين ومارسوا شعائرهم في مشهد غير مسبوق في جامعات أمريكا وهم وسط الفلسطينيين ويرتدون الكوفيات.
وخلافا للمألوف هنا قرر الناشطون اليهود من الطلاب إقامة صلواتهم لأول مرة خارج الغرف المغلقة وبحماس.
وبدأ يتبلور هتاف وحماس جديد في أوساط الطلاب والأكاديميين فكرته أن “استمرار الاحتلال هو معاداة السامية وليس مقاومة الاحتلال”.
فوق ذلك برزت رسالة أكاديمية غير مسبوقة أيضا في جامعة كولومبيا نفسها حيث انضم أكاديميون قانونيا يؤمنون بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في الجامعة نفسها إلى المعتصمين وصدر بيان بهذا الخصوص يعلنون فيه التنصّل من ألقابهم وسحب موافقتهم على عرض أسمائهم وصورهم وعملهم حتى تتم تلبية مطالب الطلاب بإعادة بناء مخيم غزة وسط حدائق جامعة كولومبيا.
هناك رفض شعبي لعدد من مواطني الدول الغربية للحرب التي يشنها كيان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، فقد شارك المئات من أعضاء الجالية اليهودية في نيويورك في وقفة احتجاجية دعت إليها منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام”،لإعلان موقفهم الرافض للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السبت الماضي.
وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها “اليهود يقولون أوقفوا الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين”، “الصهيونية إرهاب” و”أوقفوا الفصل العنصري الإسرائيلي”.
وتحدث أحد أعضاء المنظمة قائلا “2.2 مليون شخص في سجن مفتوح، معظمهم من الأطفال، إنهم الآن بلا طعام أو مياه أو كهرباء أو وقود، ومع هذا يقصفون بالفوسفور الأبيض”.
وأضاف “كيهود نحن هنا اليوم لنقول لا تفعلوا هذا باسمنا.. ليس باسمنا... ليس باسمنا”، ثم هتف الحضور وراءه بصوت مرتفع مرددين “ليس باسمنا.. ليس باسمنا.. ليس باسمنا”.
تعد الجالية اليهودية في الولايات المتحدة الأكبر في العالم خارج "إسرائيل"، لكن الحرب الجارية على قطاع غزة اثارت الانقسام بينها.
كما قامت مجموعة يهودية بالدخول إلى مبنى الكونغرس في واشنطن للدعوة لإنهاء الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة وهو ما أظهر انقسامات داخلية بين يهود الولايات المتحدة حيال ما يحدث في الشرق الأوسط.
حيث استعرض تقرير لوكالة فرانس برس وجود انقسام بين اليهود في أمريكا فبعضهم يرفض دعم "إسرائيل" من قبل أمريكا، وآخرون يرفضون هجمات "إسرائيل" على المدنيين الفلسطينيين.
ويواصل الاحتلال ارتكاب المجازر، في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على 34 ألف شهيد، وأكثر من 76 ألف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وفي سياق متصل قررت تونس إلغاء الاحتفال السنوي لليهود الذي يقام بكنيس الغربية في جزيرة جربة، وهو يعد مناسبة لتجمع اليهود من مختلف أنحاء العالم في أحد أقدم الكنيس في العالم، كنيس الغريبة، وجاء القرار التونسي على خلفية تداعيات الحرب وتصاعد العنف في غزة، وبعد أن اقترب عدد ضحايا حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين من الـ 35 ألف شهيد فلسطيني.
ونقل موقع إذاعة «مونت كارلو الدولية» عن رئيس هيئة تنظيم الزيارة السنوية لليهود بكنيس الغريبة بيريز الطرابلسي، تأكيده أن الزيارة السنوية ستقتصر هذا العام على طقوس محدودة داخل المعبد فقط، متوقعا قدوم عدد قليل للغاية من الزوار من فرنسا ربما بسبب الوضع المتوتر في الشرق الأوسط، وأضاف «كيف نقيم الاحتفالات والناس تموت كل يوم؟»