الوقت - أثارت مأساة قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي لعمال إغاثة من منظمة المطبخ المركزي العالمي "وورلد سنترال كيتشن" الاثنين الماضي، غضبا دوليا واسعا، فيما عبر أصدقاؤهم عن حزن وشعور بالألم، حيث نددت أغلب الدول في مختلف أنحاء العالم بتلك الجريمة الوحشية التي ارتكبت على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال مندوب الجزائر لدى مجلس الأمن الدولي عمار بن جامع: إن “التغطية الإعلامية الكبيرة والغضب في أعقاب استشهاد موظفي المطبخ المركزي العالمي لن يكون لهما ما يبررهما إذا لم يكونا مساوين للغضب على قتل المدنيين الفلسطينيين”.
جاء ذلك في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي صباح الجمعة، لبحث الوضع في غزة، بطلب من الجزائر في أعقاب استشهاد 7 من عاملي الإغاثة مع منظمة المطبخ المركزي العالمي في عدة غارات جوية شنها الجيش الإسرائيلي، الاثنين..
وأضاف الدبلوماسي الجزائري: إن الجريمة التي اقترفتها "إسرائيل" بحق موظفي المطبخ المركزي العالمي في قطاع غزة "لم تكن مفاجأة وليست استثناء".
واقتبس بن جامع، ما قاله مؤسس المطبخ المركزي العالمي، خوسيه أندريس: إن الهجوم استهدف الموظفين "بصورة منهجية، عربة تلو أخرى.
وأشار إلى أن "الضحايا ليسوا فلسطينيين، وأن قتلهم الوحشي يستحق الإدانة على قدم المساواة مع قتل المدنيين بغزة".
وقال: إن "التغطية الإعلامية الكبيرة والغضب في أعقاب مقتل عمال المنظمة لن يكون لهما ما يبررهما إذا لم يكونا مساوين للغضب على قتل المدنيين الفلسطينيين".
وتساءل المسؤول الجزائري هل "من الممكن أن ننسى أن القوة القائمة بالاحتلال قتلت أكثر من 33 ألف فلسطيني، 70 بالمئة منهم من النساء والأطفال، منذ 7 تشرين الأول الماضي"، لافتا إلى أن "إسرائيل قتلت 484 عاملا صحيا منذ بداية الحرب".
بدورها قالت المنظمة، في بيان لها الثلاثاء: إن فريقها كان يسافر في "منطقة منزوعة السلاح" في سيارتين مصفحتين و أخرى عادية، بعد أن قام بوضع أكثر من 100 طن من الإمدادات الغذائية في مستودع في دير البلح وسط غزة، عندما وقع الهجوم وذكرت المؤسسة الخيرية أنها نسقت تحركات القافلة مع الجيش الإسرائيلي.
هذا وتم تحديد المواقع الجغرافية لمقاطع الفيديو والصور الخاصة بالسيارات الثلاث المدمرة، والتي تم وضع شعار المنظمة على سيارة على الأقل، حيث وُجد موقعان على طريق الرشيد الساحلي في القطاع، وموقع ثالث في منطقة مفتوحة قريبة على بعد حوالي 2.4 كيلومتر، ما يشير إلى تعرض السيارت الثلاث لضربات متفرقة.
وتم تحديد موقع السيارة الأولى، التي يبدو أنها تعرضت لأضرار جسيمة بسبب الحريق، في شارع الرشيد خارج دير البلح، أما السيارة الثانية، التي تعرضت لأضرار بسبب الحريق من خلال ثقب في سقفها الذي يحمل إشارة المنظمة، فكانت تقع على بعد حوالي 800 متر على الطريق نفسه.
ومن المتعارف عليه أن شارع الرشيد "مخصص لمرور المساعدات الإنسانية" من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وفي اعتراف نادر بالخطأ، قال رئيس الوزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن بلاده تتحمل مسؤولية الهجوم، قائلا إن القوات الإسرائيلية "ضربت عن غير قصد أشخاصا أبرياء في قطاع غزة".
وكذلك اعتذر رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، عن الغارة، ووصفها بأنها "خطأ ناجم عن عدم التعرف على هوية الهدف".
وأضاف: "لم يتم تنفيذ الضربة بهدف الإضرار بعمال الإغاثة، لقد كانت نتيجة خطأ في تحديد هوية الركاب أثناء الحرب وفي ظروف معقدة للغاية، لم يكن ينبغي أن يحدث ذلك".
وقال أرلان فولر مدير الطوارئ لوسائل الإعلام: إن مقتل أعضاء فريق المطبخ العالمي المركزي أمر مروع ومفجع لكل العاملين في "مشروع الأمل"، والذين كانت تربطهم علاقات وطيدة بضحايا الحادث، وقد عملوا جنبًا إلى جنب في الكثير من الأحيان وحالات الطوارئ.
حيث علقت بعض منظمات الإغاثة عملياتها في أعقاب الغارة التي استهدفت قافلة ورلد سنترال كيتشن، فإن أيا منها لم تعلن أنها تخطط للانسحاب من غزة على الرغم من الهجمات المتكررة على جهود الإغاثة في القطاع الذي تحذر الأمم المتحدة من مجاعة وشيكة فيه.
وأوضح فولر أن قرار التعليق جاء في المقام الأول تضامنًا مع المطبخ العالمي، وكذلك لإعادة تقييم التهديدات التي تواجه العمليات الإنسانية، مشيرًا إلى أن القرار مؤقت وليس دائمًا حتى الآن، وأن المنظمة ستستغل هذا الوقت لجمع المعلومات فيما يتعلق بالسلامة والأمن واتخاذ القرار بشأن موعد استئناف العمليات على الأرض.
وأشار إلى أن الحادث أثار شكوكًا حول فاعلية إجراءات الحماية، والتي تشمل وضع علامات واضحة على المركبات والشاحنات ومشاركة الإحداثيات مع الجيش الإسرائيلي.
كما أكد على ضرورة تقييم ما إذا كان هذا الحدث يدل على تحول في كيفية تصور الجيش الإسرائيلي لعمليات المساعدة وتحديد إلى أي مدى يمكن الاعتماد عليها لحماية فرقنا.
وقد قُتل أكثر من 196 عاملاً من عمال الإغاثة في غزة منذ تشرين الأول، وفق مؤسسة " قاعدة بيانات عمال الإغاثة" التي تمولها الولايات المتحدة، وهي مؤسسة معنية بتسجيل حوادث العنف الكبرى ضد موظفي الإغاثة.
من جهته اعتبر متحدّث باسم الأمم المتّحدة الثلاثاء أنّ مقتل سبعة من عمال الإغاثة في منظمة “وورلد سنترال كيتشن” في ضربة صهيونية بغزة يظهر “تجاهل القانون الإنساني” وسلامة الطواقم الإنسانية في الحرب بين الاحتلال وحماس.
وصرح ستيفان دوجاريك أن “الحصول المتكرر لهذه الأحداث هو نتيجة لا مفر منها لكيفية خوض هذه الحرب راهنا”، في “تجاهل للقانون الإنساني الدولي وتجاهل لحماية العمال الإنسانيين”، منددا بمقتل “جميع العمال الإنسانيين”.
لقد تركت عمليات القصف المتواصلة التي يشنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ بدء الحرب التي اندلعت قبل ستة أشهر تقريبا، مشهدا مروعا في القطاع الفلسطيني الذي أصبح على شفا المجاعة.
وتضطر معظم قوافل المساعدات حاليا إلى الانطلاق من معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية ومعبر رفح الخاضع للسيطرة المصرية جنوب قطاع غزة، ثم المرور عبر ما تسميه الأمم المتحدة "المناطق شديدة الخطورة"، ويرجع ذلك أساسا إلى إطلاق النار والقصف المدفعي أو الانهيار في النظام المدني.