الوقت- رمضان شهر خاص بالنسبة للعالم العربي وخاصة بالنسبة للفلسطينيين، لكن هذا العام يستقبل الفلسطينيون الذين يعيشون في غزة شهر رمضان بينما يواجهون واحدة من أسوأ الحروب وأكثرها وحشية، منذ حوالي 5 أشهر وحتى الآن، لا تزال الحرب والقصف على غزة مستمرين دون توقف، وقد وصل الوضع في غزة إلى أزمة إنسانية، لقد دمر الاحتلال الإسرائيلي المنازل والأسواق في غزة، وأدى إلى تهجير وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين.
قبل عام، في سوق الزاوية التاريخي بقلب مدينة غزة، اعتاد العديد من الفلسطينيين الذهاب وشراء المواد الغذائية والحلويات والزينة وغيرها قبل أيام قليلة من قدوم شهر رمضان المبارك، إلا أن ذلك السوق التاريخي أصبح الآن كومة من الأنقاض وتحولت أجزاء منه إلى مقبرة لشهداء القصف الحربي، ويمكن رؤية هذا الدمار في كل ركن من أركان مدينة غزة المنكوبة، في هذه الأيام يشعر سكان غزة بالحزن على كل ما يعانونه نتيجة التهجير ونقص الغذاء أو حتى عدم وجوده.
والآن، يعيش مئات الآلاف من الفلسطينيين، بعد تهجيرهم في مناطق مختلفة من غزة، ظروفاً إنسانية قاسية للغاية في خيام من القماش والنايلون في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وبالإضافة إلى رفح، يتوزع مئات الآلاف من النازحين الآخرين في المناطق الشمالية من قطاع غزة، ومدينة دير البلح، ومخيمات النصيرات، والبريج، والمغازي (الوسطى)، لقد فقد هؤلاء الفلسطينيون منازلهم ويعيشون حالة نفسية صعبة وسط حزن لا يمكن وصفه على أفراد أسرهم وأطفالهم وأقاربهم.
شهر رمضان مع محنة الحرب
وتقول هناء ياسين (33 عاماً)، فلسطينية، إنها كلما تذكرت أن رمضان سيأتي بعد أيام قليلة، ينفطر قلبها حزناً، لأنها لم تستطع إعداد زينة رمضان أو الأطعمة المختلفة لأطفالها مثل كل عام، أو حتى لعائلتها.. إنهما ليسا تحت سقف واحد لتناول العشاء.. في مدينة رفح القريبة من الحدود بين فلسطين ومصر، يعيش رمزي الجرجاوي (37 عاما)، شاب فلسطيني، وحيدا في خيمة تبلغ لا تزيد مساحتها على خمسة أمتار مربعة.
هذا الشاب فقد زوجته ميسون (33 سنة) وأولاده صهيب (10 سنوات) ومالك (7 سنوات) ونرجس (4 سنوات) في قصف الكيان الصهيوني، وقال في اتصال هاتفي مع "الخليج أونلاين": "لا أعلم كيف سيكون الوضع في رمضان، ربما يعم السلام وربما تستمر الحرب في رفح وتشتد"، ويحاول الوسطاء (مصر وقطر) إحلال السلام في غزة خلال شهر رمضان، لكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى هذا الاتفاق بسبب التعنت الإسرائيلي.
تصاعد الأزمة
مع اقتراب شهر رمضان، أصبحت الأزمة الإنسانية في غزة أعمق وأكثر حدة، ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن المجاعة تهدد بشكل خطير شمال غزة، وقال راميش رجا سيهانغام، مسؤول وممثل الوكالة في جنيف، الأربعاء الماضي، إن الوضع في غزة أصبح مقلقاً للغاية، وقال: "ما لا يقل عن 578 ألف شخص، أي ربع سكان غزة، على حافة مجاعة معينة"، ويقول برنامج الغذاء العالمي أيضاً إن أياً من منظمات الإغاثة لم تتمكن من إيصال المساعدات إلى شمال غزة منذ أكثر من شهر، ووفقا لهذه الهيئة التابعة للأمم المتحدة، منعت "إسرائيل" المساعدات والوصول إلى شمال غزة، وفي الوقت نفسه، تواصل "إسرائيل" هجماتها على غزة.
منظمة أطباء بلا حدود تحذر من تفاقم أزمة المجاعة في غزة
من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة عن ارتفاع عدد شهداء الجريمة الصهيونية في شارع الرشيد بغزة، كما أعلنت أن اثنين من جرحى هذه الجريمة تم نقلهما إلى مستشفى الشفاء، وتوفيا في المستشفى متأثران بشدّة إصاباتهما، ليرتفع عدد الشهداء إلى 118 شخصاً، وأفاد "أشرف القدرة" المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة، أنه بسبب الحالة الجسدية السيئة للعديد من المصابين، لا توجد مرافق طبية، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الشهداء.
من جانبه أعلن "كريستوف جارنييه" منسق منظمة أطباء بلا حدود الدولية في قطاع غزة أن أهل القطاع سيموتون من الجوع والعطش ونقص الرعاية الطبية إذا لم يتم ذبحهم في الهجمات والتفجيرات الإسرائيلية.
وضع غزة عشية شهر رمضان
ويواجه قطاع غزة حاليا أزمة إنسانية غير مسبوقة عشية شهر رمضان، ففي كل عام خلال شهر رمضان، تتصاعد التوترات في الضفة الغربية، وهذا التصعيد للتوتر سيحدث بشكل طبيعي هذا العام أيضًا، في الواقع، إذا لم توافق "إسرائيل" على وقف إطلاق النار في قطاع غزة عشية شهر رمضان، فسيكون من الصعب بلا شك السيطرة على الضفة الغربية خلال شهر رمضان، ولذلك قال كثيرون إن تل أبيب مضطرة للموافقة على وقف مؤقت لإطلاق النار مع حماس في غزة بسبب اقتراب شهر رمضان.