الوقت - أعرب إيهود باراك، رئيس الوزراء الأسبق للکيان الصهيوني، عن قلقه بشأن مستقبل حكومة "إسرائيل" في مقال في "فورين أفيرز": "على إسرائيل أن تقرر إلى أين ستذهب، ومن سيتولى دفة القيادة.
ومن وجهة نظر باراك، عرضت حرب غزة صورتين مختلفتين لـ "إسرائيل"، فمن ناحية، أظهرت "تضامن المواطنين والوحدة العالية للجنود"، ومن ناحية أخرى "فراغ القيادة وعدم القدرة الاستراتيجية على إدارة العلاقات الداخلية والخارجية" لهذه الحكومة.
ووفقاً لباراك، فإن "إقامة دولة فلسطينية مدنية قابلة للحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة"، يمكن أن يضمن أمن "إسرائيل"، وفي هذا الصدد، فإن معارضة نتنياهو "النرجسي وقصير النظر" و"شركائه العنصريين واليمين المتطرف" لحل الدولتين، تعرقل حل الأزمة.
وحسب هذا المقال، فإن نتنياهو في لعبة خاسرة، إذا وافق على الحل الأمريكي، فإنه سيفقد دعم اليمين المتطرف في "إسرائيل" وستسقط حكومته، وإذا استمر في القتال، فإن ذلك سيجلب خطر اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية، ومعركة أخرى مع حزب الله اللبناني لـ "إسرائيل".
ويعتقد إيهود باراك أن الحل الوحيد أمام "إسرائيل" لتجاوز الأزمة الحالية، هو إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، ويريد أن يتقدم يائير لابيد وبيني غانتس بمثل هذا الطلب، لأن "نتنياهو يركز على بقائه السياسي ولن يتنحى طوعاً أبدا".
وحسب باراك، فإن إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة مستعدة للتفاوض بين البلدين، سيمهد الطريق أمام ضغوط تل أبيب لدفع أهدافها المتمثلة في نزع سلاح الحكومة الفلسطينية المحتملة.
ونقل رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي الأسبق عن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، قوله إن الجيش الإسرائيلي تحرك في غزة "بناءً على أهداف تكتيكية ودون تحرك حقيقي لتحقيق أهداف استراتيجية"، ولهذا السبب، واجهت مفاوضات تبادل الأسرى والمحادثات مع مصر بشأن حصار غزة صعوبات.
ووصف باراك فشل الکيان الإسرائيلي في إطلاق سراح الأسرى بأنه "عار جماعي للقيادة الإسرائيلية، ووصمة عار على جبين المجتمع الإسرائيلي للأجيال القادمة"، وفي رأيه، إن إصرار نتنياهو على محاربة حماس واغتيال قيادات هذه الحركة، لا ينسجم مع ادعائه بأنه يحاول إطلاق سراح السجناء.
ونصيحة إيهود باراك لمجتمع اليهود الذين يعيشون في فلسطين المحتلة، هي التغلب على "المشاعر المفهومة مثل الغضب والإذلال والانتقام تجاه جميع الفلسطينيين"، والموافقة على حل الدولتين، كما أن الأجيال السابقة كان لديها مثل هذه المشاعر تجاه شعبي الأردن ومصر، ولكن مع "السلام البارد" معهم، فقد وفّروا الأساس لأمن "إسرائيل".
ويؤكد باراك أن "نتنياهو يعرف ما لا يريد، لكنه لا يعرف ما يريد"، لأنه يعارض عودة حكومة السلطة الفلسطينية في غزة واستمرار أنشطة الأونروا في هذه المنطقة، ولكنه لا يقدم بديلاً لهما، وهو يشير فقط إلى أفكار غامضة مثل "الإدارة المدنية من قبل الجماعات المحلية"، والتي لن تؤدي بالضرورة إلى القضاء على القدرة العسكرية لحماس في غزة.
إن انتقادات ايهود باراك الصريحة لنتنياهو، يمكن أن تتم بالتعاون مع إدارة بايدن وبتوجيه من البيت الأبيض، وهو ما يشكّل أداة ضغط لإجبار نتنياهو على الانسحاب من الشراكة مع اليمين المتطرف في الکيان الإسرائيلي، على طريق حل الدولتين الغامض.
وتقول صحيفة لوموند الفرنسية أيضاً في مقال لها، إن الفشل الذريع نفسه الذي حلّ بأمريكا في احتلال العراق، سيحل بـ "إسرائيل" في الهجوم على غزة، مع فارق أن "إسرائيل" لا تملك موارد اقتصادية مثل أمريكا للتعويض عن العواقب.
وكتب جان بيير فيليو أستاذ العلوم السياسية في صحيفة لوموند: "إسرائيل تسير بالطريق نفسه الذي سارت به أمريكا في العراق، لقد تعرضت أمريكا للانتقاد واللوم بعد احتلالها للعراق، وستخسر "إسرائيل" الدعم الدولي بدخولها حرب غزة دون التفكير في الغد".
إن إصرار نتنياهو على عدم التفكير في "اليوم التالي للحرب"، ربما يخلّف العواقب الكارثية نفسها التي خلفتها النزعة الأحادية الأمريكية في العراق في عام 2003، حيث أدى الافتقار إلى البصيرة والسلوك الأمريكي في العراق، إلى سلسلة من الحروب التي لا نهاية لها، والتي انتهت أخيرًا بالنسبة للولايات المتحدة، بعد خسائر فادحة وأثمان باهظة، باستعادة طالبان السيطرة على كابول في عام 2021.
كما حذّر أصدقاء الولايات المتحدة الحقيقيون هذا البلد عام 2003، وحذّروا واشنطن من جنون احتلال العراق، فإن أصدقاء "إسرائيل" الحقيقيين يجب أن يحذّروها اليوم من مواصلة عملية الحرب التدميرية.