الوقت- غادر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (السبت)، على رأس وفد اقتصادي وسياسي رفيع المستوى، إلى العاصمة الجزائرية، بدعوة رسمية من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وذلك للمشاركة في الاجتماع السابع لمؤتمر رؤساء الدول المصدرة للغاز (GECF).
كان رئيسي قد زار ثلاث دول أفريقية آخر مرة في يوليو من هذا العام، وهي زيمبابوي وأوغندا وكينيا، وتم التوقيع على اتفاقيات لتوسيع العلاقات الشاملة مع هذه الدول.
لكن في هذه الأثناء، بالإضافة إلى أن العلاقات مع القارة الأفريقية يمكن أن توفّر قدرات اقتصادية مواتية لإيران، ولكن بعد شكوى جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني ودعم الدول الأفريقية الحاسم لمقاومة الشعب الفلسطيني، شهدت هذه العلاقات منعطفاً جديداً، ما يوضح المجالات المحتملة لتعزيز نفوذ الجمهورية الإسلامية وقوتها الناعمة في هذه القارة الموهوبة والوافرة.
تمتلك إيران واحدةً من أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، والتي تعتبر من الدول الرائدة في هذا المجال، مع أكثر من 338 ألف كيلومتراً من شبكة إمدادات الغاز الداخلية، وحسب الموقع الجيوسياسي، يمكن أن تكون الخيار الأفضل لنقل الغاز إلى الشرق والغرب.
وتعدّ بوليفيا ومصر وغينيا الاستوائية وإيران وليبيا ونيجيريا وقطر وروسيا وترينيداد وتوباغو والإمارات العربية المتحدة وفنزويلا، الأعضاء الرئيسيين في منتدى الدول المصدرة للغاز، وأنجولا وأذربيجان والعراق وماليزيا وموريتانيا وموزمبيق وبيرو أعضاء مراقبين.
للتعرف على تفاصيل زيارة الرئيس الإيراني للقارة الإفريقية، وبحث الجوانب الاقتصادية والسياسية لاجتماع القمة لرؤساء الدول المصدرة للغاز، تحدث "الوقت" مع السيد "ياسر كنعاني"، الخبير في القضايا الإفريقية.
عن أهمية زيارة الرئيس الإيراني للجزائر، قال هذا الخبير الإفريقي مركزاً على الجانب الاقتصادي: إن زيارة الرئيس الإيراني إلى مختلف البلدان، مهمة دائمًا من حيث التفاعلات الإقليمية والدولية، ويعتبر اجتماع رؤساء الدول المصدرة للغاز في الجزيرة اجتماعاً مهماً أيضًا.
إيران تمتلك احتياطيات كبيرة واستراتيجية من الغاز، وفي المقابل الجزائر في شمال أفريقيا تعرف كدولة مصدرة في مجال الغاز أيضاً، ولذلك، يمكن لهذه الرحلة أن توفر الأساس للبلدين للتمتع بالمصالح المشتركة وكيفية إدارة الموارد.
وأكد كنعاني أن قطر تعتبر دولةً منافسةً لإيران، وقال: في الواقع يمكن القول إن السياسة العامة للدول المصدرة للغاز تتجه نحو عدم استخدام الوقود الغابوي، ويعتبر الغاز مورداً مهماً لهذه الدول، ومن جهة أخرى، ونظراً لقرب الجزائر من الدول الأوروبية، فقد لعبت دائماً دوراً مهماً في تزويد هذه الدول بموارد الغاز، ما يدل على مكانة هذا البلد في هذا المجال.
وفيما يتعلق بموقف أفريقيا من التطورات في فلسطين، شدد کنعاني على تطابق السياسات بين إيران والدول الأفريقية، وأضاف: بعد انتصار الثورة الإسلامية، أقامت إيران علاقات استراتيجية مع الجزائر، واتبع بهلوي سياسات مشتركة مع المملكة المغاربية، وبرزت الجزائر بعد الثورة كحليف لإيران في مختلف المجالات السياسية.
وهذه العلاقة استمرت دائماً في المحافل الدولية وفي اتخاذ المواقف على المستوى العالمي، وفي الآونة الأخيرة على وجه الخصوص، أصبح لدى البلدين وجهات نظر متكاملة ومتوافقة بشأن التطورات في فلسطين وغزة.
وأوضح هذا الخبير في القضايا الإفريقية أن العلاقة التاريخية بين إيران والجزائر كانت دائماً مهمةً، ومن المتوقع أن تحدث طفرة جديدة وتحسناً في مختلف المجالات بين البلدين، ويجب أن تكون اللجان الاقتصادية في البلدين أكثر نشاطاً، ويمكننا الاستفادة من القدرات الاقتصادية والسياسية لهذا البلد.
ويعتقد كنعاني أن هذه الرحلة فرصة، شرط أن نتفاعل مع هذا البلد بخريطة طريق، وتعدّ الجزائر، إلى جانب جنوب أفريقيا، من أهم الدول وأكثرها تأثيراً في الاتحاد الأفريقي، كما أن لإيران تاريخاً لامعاً مع الحكومة الجزائرية في الصحراء الغربية ودعم حركات التحرر في المنطقة الأفريقية، وبالتالي فإن هذه الصداقة ثنائية الاتجاه.
وأشار هذا الخبير في الشؤون الإفريقية إلى تراجع النفوذ الفرنسي في الجزائر، وتابع: أما في قارة أفريقيا، فقد فقدت الجزائر نفوذها التاريخي في هذه القارة بسبب الاستعمار الفرنسي، وأصبحت الجزائر تبحث عن التواصل مع الجبهة الشرقية وتحاول استغلال تفاعلات القدرات هذه لتعزيز نفسها.
وقال: کذلك، تحاول الجزائر الوقوف أمام الجبهة التي أنشأها المغاربيون، الذين فتحوا أقدام الکيان الصهيوني على علاقات شمال إفريقيا، من خلال زيادة تفاعلهم مع هذا الکيان، کما تسعی الجزائر إلی ملء هذا الفراغ، وتقديم نفسها كقوة جديدة في المنطقة الإفريقية، والجزائر بلد عانى من أزمات اقتصادية وشهد حكومات عديدة.
وفي جزء آخر من الحوار، أكد كنعاني عزم البلدين على زيادة العلاقات الشاملة، وأضاف: لقد عقدت طهران والجزائر العزم على تحقيق التآزر على المستوى الدولي، على الأقل في البعد السياسي، والمسألة التي ينبغي النظر فيها هي رسم استراتيجية وخارطة طريق للتعاون في عدة قضايا بتخطيط قصير وطويل الأمد مع القارة الأفريقية، وبالتالي، في ظل هذه الزيادة في العلاقات الشاملة، يمكن لاستراتيجية إيران أن يتم تنفيذها.
وتابع: وبالنظر إلى الاستثمارات التي قامت بها مختلف الحكومات في مجال الغاز، في رأيي، الجزائر لا تزال بعيدةً عن الدول الأخرى بسبب بنيتها التحتية وخبرتها وخلفيتها في مجال التنقيب عن الغاز واستخراجه وتصديره، وهذه الفرصة لا تزال متاحةً للجزائر حتى تتمكن من اعتماد سياسات أكثر انتظاماً وتنظيماً فيما يتعلق بجمعية مصدري الغاز، وبطبيعة الحال، تتمتع بعلاقات جيدة مع دول عربية أخرى مثل قطر.
وختم کنعاني بالقول: إن هذا اللقاء بالتأكيد سيحسن فرصة التفاعل، وبالطبع، لا يمكن تقديم تحليل مفصل في هذا المجال إلا بعد نشر بيان اللقاء وأهدافه، ولكن لا بد من القول إن قضية الغاز والطاقة في شمال أفريقيا، كانت دائماً موضع اهتمام الغرب والدول الأوروبية التي ترتبط بشمال أفريقيا عبر البحر الأبيض المتوسط. وترغب أوروبا دائمًا في الوصول إلى مصدر طاقة مستدام بهذه الطريقة.