الوقت- رغم أنه كان يبدو حتى السنوات السابقة أن الولايات المتحدة تتمتع بسيطرة هائلة ومطلقة على الحكومات والرأي العام في دول الخليج الفارسي، إلا أن القصة تغيرت بشكل واضح، وفي هذه الأيام، لا نشهد فقط محدودية عمق نفوذهم في منطقة غرب آسيا، بل إن الأدلة الجديدة تشير إلى أن الرأي العام لديه ميل خاص نحو الصين، وأصبح متفوقا على واشنطن، والحقيقة أنه ينبغي التأكيد على أن الشرقيين تمكنوا من تحقيق تقدم كبير وفعال في مواجهتهم مع أمريكا.
منذ أن بدأ عدوان الكيان الصهيوني على فلسطين وغزة، أصبح انعدام الثقة وتباعد الرأي العام في العالم العربي تجاه أمريكا أكثر خطورة وعمقاً من أي وقت مضى، وهذه القضية حتى الآن تشير إلى أن استطلاعات الرأي تشير إلى نجاح الصينيين وتأثيرهم الخاص على هذه المنطقة وشعبها، ويمكن ملاحظة ذلك وتجربته بوضوح في الاستطلاع الذي أجراه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ويظهر هذا الاستطلاع أن الرأي العام في العالم العربي لديه ميل واضح نحو الصين بدلا من أمريكا.
وأظهر هذا الاستطلاع، الذي أجري في البرازيل والمملكة العربية السعودية والهند وروسيا وجنوب أفريقيا والصين وتركيا وإندونيسيا، كدول نامية بارزة، أن الرأي العام في هذه الدول أقرب فأقرب إلى الصين منه إلى دولة مثل الولايات المتحدة، تم إجراء هذا الاستطلاع في خريف هذا العام في ذروة الحرب في فلسطين، وهو يعكس نجاح استراتيجيات الصين الجديدة على الساحة الدولية.
الحرب التي جلبت العرب إلى الصين!
وفي استراتيجية طويلة الأمد، تغزو الصين الرأي العام في العالم العربي والخليج الفارسي، ويتم تفسير قصة إيران والمملكة العربية السعودية، وحرب غزة، وما إلى ذلك، في هذا الاتجاه.
ورغم أن هذا التغيير في الرأي العام في الشرق الأوسط والعالم العربي كان عملية طويلة الأمد، إلا أن حرب غزة ودعم الولايات المتحدة وحكومة بايدن للصهاينة عجلت بها وكثفتها، والحقيقة أن حرب غزة تتم متابعتها ضمن مشروع أكبر ومتعدد الأوجه في حكومة بكين يقوم على التأثير على الرأي العام في الدول النامية، ويؤكد الصينيون هذه الأيام أن جرائم الصهاينة في غزة ودعم حكومة بايدن يظهر أن شعارات الدول الغربية ومبادئها كاذبة ومزيفة في حالات مثل حرب أوكرانيا، حيث نشهد المواجهة العدوانية لواشنطن، وفي حالة مماثلة وربما أكثر وحشية وغير إنسانية مثل ما حدث في غزة، نشهد معايير مزدوجة ومتناقضة.
إن حكومة بكين، من خلال عملية طويلة الأمد ومتعددة المراحل، تقوم بإعادة بناء واستعادة مكانتها في الرأي العام في البلدان النامية، فلقد أعطتهم الحرب في غزة وجرائم الصهاينة فرصة فريدة للقيام بانتفاضة جادة ومدوية في العالم العربي والإسلامي، والآن يمكن النظر إلى الصين باعتبارها منافساً جدياً للرأي العام في هذه المنطقة التي تتولى زمام الأمور، وتواجه واشنطن وقتاً عصيباً أمامها للتنافس مع بكين.