الوقت– إثر اتهامات الكيان الصهيوني للأونروا، أعلنت واشنطن الجمعة، قطع مساعداتها المالية لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة.
أعلن ماثيو ميللر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة الماضية، أن الولايات المتحدة الأمريكية تشعر بقلق بالغ إزاء المزاعم المتعلقة بتورط 12 موظفا في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في هجوم حماس على "إسرائيل" في 7 أكتوبر، وقال المتحدث باسم وزارة خارجية هذا البلد: إن أمريكا اتصلت بالحكومة الإسرائيلية للحصول على مزيد من المعلومات حول هذه الاتهامات، وأبلغنا أعضاء الكونجرس بذلك، وسنبقى على اتصال وثيق مع الأمم المتحدة و"إسرائيل" بشأن هذه المسألة.
أعلن مسؤول كبير في الأمم المتحدة، الجمعة، مباشرة بعد إعلان محكمة العدل الدولية الحكم المؤقت ضد الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني، أن لدى سلطات هذا الكيان معلومات حول تورط مزعوم لعدد من موظفي وكالة الإغاثة وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، (الأونروا) في هجمات 7 أكتوبر، وأبلغت هذه المنظمة ببدء التحقيق مع هؤلاء الأشخاص.
وبعد أن أعلنت الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وبعض الدول الأوروبية أيضا أنها ستعلق فورا المساعدات المالية للأونروا في خضم التحقيق في الادعاءات الموجهة ضد 12 موظفا في هذه المؤسسة.
وقال وزير الخارجية الأسترالي، في سياق متصل: إن بلاده ستتوقف مؤقتا عن تمويل الأونروا، بينما نشر وزير الخارجية الإيطالي رسالة على موقع التواصل الاجتماعي X وكتب فيها: الحكومة الإيطالية أوقفت تمويل الأونروا، وصرح وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، أيضا: "اتخذت الدول الشريكة لنا قرارًا مماثلاً، نحن ملتزمون بتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني مع حماية أمن إسرائيل"، هذا وقد أوقفت فنلندا وإنجلترا استمرار المساعدات حتى الإعلان النهائي عن نتائج التحقيق أيضا.
وبهذا العمل المشترك، يمكن القول إن أوروبا، التي كانت تطالب دائمًا بحقوق الإنسان، لم تعد الآن تخشى أن تعتبر نفسها علنًا شريكًا في جريمة كيان خُتم بخاتم الإبادة الجماعية على جبهته من قبل حكم محكمة لاهاي.
ورغم أن محكمة العدل الدولية رفضت الأمر بوقف فوري للحرب، إلا أنها طلبت من الكيان الصهيوني إنهاء الإبادة الجماعية في غزة، ويبدو الآن أن الكيان الصهيوني ومؤيديه الغربيين يظهرون غضبهم من هذا التصويت من خلال قطع التمويل الضئيل لوكالة الإغاثة الأونروا، التي تضم في عضويتها خمسة ملايين لاجئ فلسطيني.
دور الأونروا في حرب غزة
وقد واجه تصرف الغربيين في الحد من قدرة الأمم المتحدة على مساعدة الملايين من النازحين والأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية انتقادات واسعة النطاق، ومن بينهم، أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي طلب من الدول التي أرسلت مساعدات للأونروا أن تضمن على الأقل استمرار عمليات هذه الوكالة.
وفي هذا الصدد أعلنت حركة الجهاد الإسلامي ردا على هذا القرار: أن التخفيض المتزامن لموازنة الأونروا مع صدور حكم محكمة العدل الدولية هو بمثابة معاقبة للأمة الفلسطينية على مقاومتها للكيان الصهيوني.
وفي استمرار لهذا الحراك حذرت من أي إضعاف للوكالة وعواقبه الخطيرة على المنطقة، وأعلنت أن أي محاولة لمحو القضية الفلسطينية ستبوء بالفشل.
ووفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 (د-4) لعام 1950، فإن الأونروا مكلفة بالاستجابة لاحتياجات أكثر من 5.6 ملايين لاجئ في مجالات عملها الخمسة إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لقضية اللاجئين، وبموجب هذه الولاية، تقدم الأونروا الخدمات الأساسية في مجالات التعليم والصحة والحماية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والتمويل الصغير وتحسين المخيمات بدعم من أكثر من 28,000 موظف وطني فلسطيني.
ونظراً لقلة الأموال التي كانت تتمتع بها هذه الوكالة بعد وقف المساعدات من قبل الولايات المتحدة خلال رئاسة ترامب، فهي الآن، ومع الوضع الأخير ووقف أي مساعدات لهذه الوكالة، في وضع حرج، وفي وقت سابق، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" عن عجز في ميزانية الوكالة يبلغ 150 مليون دولار.
وفي أغسطس 2023، أعلنت الأونروا أن نقص التمويل أدى إلى تعطيل العديد من خدماتها في المنطقة، والتي قدمها 13,000 موظف في 300 مبنى ومجمع، وتقدم هذه المراكز المساعدة بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والنفسية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والمساعدات النقدية والطارئة إلى 1.7 مليون لاجئ في غزة.
وحسب الإحصائيات، يدرس أيضاً نحو 300 ألف طفل في مدارس الأونروا ومراكزها المهنية المغلقة منذ بداية حرب 7 أكتوبر.
لكن منذ بداية غزو الكيان الصهيوني لغزة، شنت "إسرائيل" حربا مفتوحة وواسعة النطاق ضد الأونروا، شملت مئات الهجمات على منشآت المنظمة في غزة، وقُتل على إثرها أكثر من 150 موظفا في الأونروا، وبقيت أربعة فقط من مراكز الرعاية الصحية التابعة للمنظمة والبالغ عددها 22 مركزًا نشطة.
مسؤولية الدول العربية والإسلامية
لكن السؤال هو، بعد أن أدارت أمريكا وشركاؤها ظهورهم لغزة ومساعداتها، هل ستتحرك الدول الإسلامية والعربية لتعويض احتياجات الأونروا المالية، وبشكل عام الاحتياجات المالية والإنسانية للشعب الفلسطيني؟ وأهل غزة النازحين؟
وفي الوقت نفسه، تظهر مواقف مسؤولي الأمم المتحدة أن الميزانية المطلوبة لاستمرار أنشطة الأونروا ليست ثقيلة للغاية، ففي 11 أكتوبر/تشرين الأول، توقعت الأمم المتحدة أنها ستحتاج إلى 104 ملايين دولار لمواصلة استجابتها الإنسانية في غزة على مدار التسعين يومًا القادمة، وبطبيعة الحال فإن توفير هذا المبلغ بل أضعافه لأكثر من 50 دولة إسلامية وعربية ليس بعيد المنال بأي حال من الأحوال.
السعودية والدول الإسلامية الأخرى في الجامعة العربية، كالإمارات وقطر والكويت وعمان وغيرها، لم تجب بعد عن استعدادها لتمويل احتياجات الأونروا، هذه الدول التي تستفيد من الموارد الهائلة من النفط والغاز، والتي ليست سوى أحد مصادر دخلها، يمكنها تقديم مساعدة فعالة للشعب الفلسطيني النازح من خلال دفع رسوم رمزية فقط. إلا أنها منهمكة هذه الأيام بإيصال المساعدات والتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار.