الوقت - بينما تستمر الحرب في غزة بأقصى قدر ممكن من القوة، أفادت بعض التقارير بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يحاول الاصطياد في المياه العکرة لحرب غزة في السعودية.
وفي هذا الصدد، قالت وكالة فرانس 24 للأنباء، في تقرير أشار إلى زيارة أنتوني بلينكن إلى المنطقة، والتي تضمنت لقاء مع مسؤولين سعوديين، إن وزير الخارجية الأمريكي ناقش خلال هذه الزيارة حرب غزة وعملية المصالحة بين تل أبيب والرياض، وحسب هذا التقرير، قال بلينكن للصحفيين قبل عودته من السعودية "تحدثنا عن (التطبيع الإسرائيلي) في السعودية".
وجاء ادعاء بلينكن في الوقت الذي أصبحت فيه الحرب في غزة الآن على أشدها، ويتحدث بلينكن عن تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" في محادثات غير متوقعة في السعودية، وقد تعثرت الجهود الأمريكية السابقة لإقامة علاقات محتملة بين السعودية والكيان الصهيوني، بعد اندلاع الحرب في غزة في الأشهر الثلاثة الماضية.
تحزن غزة الآن على خسارة أكثر من 23 ألفاً من سكانها، وأغلبهم من النساء والأطفال، ولكن يبدو أن عدد الضحايا المدنيين في حرب غزة، لا يشكل أهميةً كبيرةً بالنسبة للولايات المتحدة، وبدلاً من الاهتمام بالمطالبات بوقف الحرب على غزة، تسعى واشنطن إلى تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض.
الكشف عن مقترح واشنطن
قالت بعض المصادر الغربية، بما فيها صحيفة واشنطن بوست، إن الولايات المتحدة طلبت في مقترحها الأخير من السعودية، البدء بعملية تطبيع العلاقات مع تل أبيب مقابل وقف الحرب في غزة.
لقد زار وزير الخارجية الأمريكي بلينكن المنطقة للمرة الرابعة منذ بداية حرب غزة في الأشهر الثلاثة الماضية، ومن بين هذه الزيارات الأربع، كانت زيارة السعودية على جدول أعمال المسؤولين الأمريكيين مرتين على الأقل.
على الرغم من أنه في رحلات سابقة، ناقش وزير الخارجية الأمريكي فقط الحرب في غزة، لكن إشارة بلينكن إلى حقيقة أنه سيتم التوصل إلى اتفاق أوسع قبل حرب غزة مع دول المنطقة، بما في ذلك السعودية، تعني أن واشنطن رأت في حرب غزة فرصةً لتحقيق أهدافها المحددة في السياسة الخارجية.
وفي الواقع، فإن ربط وقف الحرب في غزة بتطبيع العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني، أصبح الآن خطةً يدرسها البيت الأبيض، لكن ليس من الواضح ما إذا كان البيت الأبيض قد حقّق هذا الهدف أم لا.
حتى يومنا هذا، هناك استياء واسع النطاق من أداء بايدن في أمريكا، وكانت السياسة الخارجية الأمريكية في غرب آسيا في مرمی سهام الجمهوريين، ويعتبر المتشددون الجمهوريون إدارة بايدن إدارةً ضعيفةً فشلت في توفير أمن الکيان الإسرائيلي.
والآن، في العام الأخير من رئاسة بايدن، وهو أيضًا عام الانتخابات الرئاسية، يتطلع قادة واشنطن إلى تخفيف عبء الانتقادات الموجهة إليهم، والاستعداد للانتخابات.
ويمكن اعتبار استئناف عملية تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، إنجازاً انتخابياً كبيراً لبايدن، ولهذا السبب تحاول الولايات المتحدة الآن الاصطياد في مياه الحرب العکرة في غزة، حتى لا تكون أيدي إدارة بايدن فارغةً في الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة.
التسوية في طريق مسدود
رغم الجهود الأمريكية لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب في خضم حرب غزة، يبدو أن جهود واشنطن تواجه عقبات خطيرة.
يأتي قبول السعودية لمفاوضات تطبيع العلاقات مع تل أبيب، في إطار دبلوماسي تسميه الرياض الإطار الدبلوماسي لـ"خطة التسوية العربية"، إنها خطة قديمة على غرار الاقتراح السعودي، تقوم على أساسها إقامة دولة مستقلة للفلسطينيين وعاصمتها القدس الشرقية، وانسحاب الکيان الصهيوني إلى حدود عام 1967، وفي المقابل تطبع جميع الدول العربية علاقاتها مع الکيان.
في الوقت الحالي، لا يوجد أي مؤشر على وجود مفاوضات في تل أبيب حول تشكيل دولة فلسطينية مستقلة، وحتى في خضم حرب غزة، أصبح مصير غزة تحدياً جديداً إلى جانب احتلال الضفة الغربية، والحقيقة أن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، أصبح الآن أبعد من أي وقت مضى.
ومن العقبات الأخرى في طريق تطبيع العلاقات، دور السعودية وعائلتها الحاكمة كخدم للحرمين الشريفين، وهذا اللقب يمنح هذه العائلة السعودية الشرعية السياسية والدينية، وتطبيع العلاقات يعني اعتراف الرياض بمكانة محورية لنظام يهودي، وفي رأي هذه العائلة فإن مثل هذا الأمر، قد يمنح منتقديها فرصةً ذهبيةً للتشكيك في الشرعية الدينية لآل سعود.
من ناحية أخرى، والأهم من ذلك، زعم المسؤولون الأمريكيون أن دافع تل أبيب لإحياء محادثات التطبيع مع السعودية، هو أن السعوديين والدول العربية الأخرى يمكن أن تساعد في إعادة بناء غزة؛ ولكن على الأرجح أنهم لن يفعلوا ذلك في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
وتقول الدول الخليجية، التي ساعدت حتى الآن الأراضي الفلسطينية بمليارات الدولارات، إنها لا ترغب في القيام بذلك مرةً أخرى دون طريق حقيقي لا رجعة فيه لحل سلمي للقضية الفلسطينية.