الوقت - رداً على العمليات التي قام بها الجيش اليمني في البحر الأحمر ضد السفن الصهيونية والقوات الأمريكية خلال الشهرين الماضيين، استهدفت الولايات المتحدة وبريطانيا أكثر من 10 نقاط في اليمن بالطائرات والسفن والغواصات، صباح الجمعة الماضي.
ووفقاً لمسؤولين أمريكيين، كانت قواعد التدريب والقواعد الجوية ومرافق صيانة الطائرات دون طيار التابعة لأنصار الله، أهدافاً لهذا الهجوم، وفور الهجوم، أطلقت قوات أنصار الله صاروخ أرض-أرض على سفينة أمريكية في البحر الأحمر، لتظهر أنها مستعدة للدخول في أي سيناريو.
لقد زادت هجمات واشنطن ولندن على الأراضي اليمنية، وما تبعها من تحذيرات أنصار الله من رد مؤلم على المعتدين، من المخاوف من الدخول في مرحلة جديدة من الحرب في المنطقة، وذلك في حين أن الحرب في اليمن كانت تتجه نحو الحل السياسي بعد تسع سنوات.
للوقوف على تفاصيل هجوم التحالف الأمريكي على اليمن، وتداعيات تصاعد التوتر في البحر الأحمر، تحدث "الوقت" مع السيد جعفر قنادباشي، الخبير في قضايا غرب آسيا.
الوقت: ما حجم الهجوم الأمريكي والبريطاني على المواقع اليمنية؟ وهل استطاع أن يحقق أهدافه المعلنة أم لا؟
السيد جعفر قنادباشي: إن هجوم أمريكا وحلفائها على اليمن لم يحقق هدفه فحسب، بل انحرف أيضًا عن أهدافه الرئيسية، لقد أرادوا ضرب أنصار الله بطريقة تضمن أمن السفن الصهيونية، ولا يستطيع اليمنيون الرد في المستقبل لكن مشاركة دول مثل أستراليا وهولندا في هذه الهجمات، جعلت الهجوم على سفنها ضمن الأهداف المشروعة لأنصار الله، ولهذا السبب، قال مسؤولو أنصار الله إن هذه الهجمات كانت حمقاء، وإنهم ارتكبوا خطأً كبيراً.
إن دولةً مثل اليمن، بمرافقها وإمکاناتها وشعبها الصامد، تقاوم التحالف السعودي منذ 9 سنوات، فلا تستطيع أمريكا وحلفاؤها تدمير اليمنيين بمثل هذه الهجمات.
تعمل أنصار الله، بفضل المرافق العديدة المتاحة لهم، بسرعة كبيرة على إعادة بناء أي ضرر ناجم عن هذه الهجمات، والمصاعب التي تعرضوا لها خلال الـ 9 سنوات الأخيرة في مواجهة التحالف العربي، كبيرة جداً مقارنةً بحجم الهجمات التي يشنها التحالف الأمريكي، وهذا النوع من الهجمات لن يجبر اليمنيين على التراجع عن دعم شعب غزة.
الوقت: ماذا سيكون رد فعل أنصار الله على هذا الهجوم؟
السيد جعفر قنادباشي: حسب البيانات الصادرة عن أنصار الله والتي قالت إنهم لا يريدون تصاعد التوتر في المنطقة، فإن رد فعل صنعاء على هجمات تحالف واشنطن، سيكون بالتأكيد محسوباً.
لدى اليمنيين خيارات عديدة لمهاجمة أمريكا، ونظراً لموقع هذا البلد على شواطئ البحر الأحمر وخليج عدن، يمكنهم تنفيذ هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على جميع القواعد الأمريكية في المنطقة، وأخيراً، يمكنهم استهداف خطوط أنابيب النفط من البحر الأحمر، ومنشآت استخراج النفط في المنطقة التي تستغلها الولايات المتحدة.
إن الهدف الأفضل الذي تسعى إليه أنصار الله، هو منع حركة السفن الصهيونية في البحر الأحمر، لإلحاق أضرار جسيمة باقتصاد الکيان الإسرائيلي، كما أن إخراج السفن الأمريكية، بما فيها حاملة أيزنهاور، من الخدمة هو أحد الخيارات المحتملة، والتي تعرضت للهجوم من قبل.
الوقت: إلى أي مدى ستمتد التوترات في البحر الأحمر، وما تأثير هذا الصراع على الاستقرار الإقليمي؟ فهل من الممكن أن تمتد مواجهة أنصار الله مع التحالف الأمريكي إلى حرب إقليمية؟ وهل ستدعم إيران وفصائل المقاومة أنصار الله؟
السيد جعفر قنادباشي: حالياً، ستبقى الجبهة اليمنية، كغيرها من جبهات المقاومة ضد الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، نشطةً إلی حد ما، وكما يرد حزب الله على هجمات الكيان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية ولا يحتاج إلى فصائل مقاومة أخرى، فإن اليمن يستطيع القتال ضد الغزاة بالاعتماد على قدراته الذاتية ومن دون دعم محور المقاومة، والآن لا يحتاج إلى مساعدة الآخرين.
لقد قاوم اليمنيون التحالف السعودي بمفردهم لمدة تسع سنوات، وهو مجهز بأحدث الأسلحة، ويواصلون نضالهم حتى الآن، ولذلك، لا توجد في الوقت الحالي أي مؤشرات على أن الحرب ستمتد خارج اليمن.
الوقت: هل قرار مجلس الأمن الذي يدين هجمات أنصار الله، يمنح أمريكا الإذن بالهجوم على اليمن؟
السيد جعفر قنادباشي: لقد أصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا هذا القرار من أجل تمهيد الطريق للهجمات ضد اليمن، وإظهارها وكأنها مشروعة، ولأن أهداف اليمن من مهاجمة السفن الصهيونية في البحر الأحمر هي دعم شعب غزة، قالوا مراراً وتكراراً إنهم سيوقفون هجماتهم إذا تم إرسال الغذاء والدواء إلى أهل غزة، ولذلك فإن العمل العسكري الأمريكي غير شرعي في نظر الرأي العام العالمي، لأنه يهاجم من يدعم شعب غزة المظلوم.
حتى الآن لم تدخل أي دولة مثل اليمن في صراع بسبب إرسال مساعدات غذائية وطبية إلى غزة، وهذا هدف مقدس، ولذلك، وبالنظر إلى نوايا وأهداف أنصار الله، لا يمكن لأي قرار أن يدين عمليات هذه الحركة ضد السفن الصهيونية، وأن يبرر هجوم الولايات المتحدة وبريطانيا على اليمن.
الوقت: لماذا تصمت روسيا والصين عن التوترات في البحر الأحمر؟ يبدو أن هذه الدول ترحب بتورط أمريكا في الأزمة الأمنية التي تشهدها المنطقة، بسبب منافستها مع هذه الدولة، فما رأيكم بهذا الأمر؟
السيد جعفر قنادباشي: إن دخول أمريكا إلى الصراعات في غرب آسيا، يشكل أحد مطالب روسيا والصين، ولكنه لا يمثل القضية بأكملها، إحدى القضايا هي أن روسيا تواجه مشاكل اقتصادية بسبب العقوبات الغربية، والصينيون مهتمون أيضًا بالتعاون مع دول المنطقة، ولا يريدون أن تؤدي التوترات في البحر الأحمر إلى الإضرار بعلاقاتهم مع العرب.
وهناك مسألة أخرى وهي أن هذه الدول تشارك في التجارة الدولية، ولا تحب أن تتعطل عملية التجارة العالمية، ولا يمكن اعتبار امتناع موسكو وبكين عن التصويت في مجلس الأمن، عملاً عدائياً ضد أهل غزة وفلسطين.
الوقت: قال جو بايدن منذ بداية حرب غزة، إنه لا يسعى إلى تطور التوتر مع إيران ومحور المقاومة، وقال بعض الخبراء إن نتنياهو يريد إدخال أمريكا في صراعات مباشرة، هل تعتقدون أن استراتيجية نتنياهو تغلبت على بايدن؟.
السيد جعفر قنادباشي: لم يكن لنتنياهو أي دور في هذا الهجوم، لقد قامت أمريكا وبريطانيا بمثل هذه الهجمات ضد اليمن بسبب هيبتهما الإقليمية والعالمية، لأن الممرات المائية الدولية تعرضت للخطر حسب زعمهم.
والقضية الأخرى هي كسب الدخل المالي، حيث إن الغربيين يريدون الحصول على أموال مقابل صواريخهم من السعوديين، من خلال الادعاء بأنهم يدافعون عن مصالح السعودية عبر اتخاذ إجراءات ضد صنعاء.
کما أن دعم أستراليا وكندا للهجوم على اليمن تم بدعوة من بريطانيا، ويحاولون الحصول على حصة من هذه الإيرادات من الفواتير التي يقدمونها للسعودية، وتريد السعودية أيضًا تدمير قوة أنصار الله الصاروخية والطائرات دون طيار لتجنب هذه التهديدات.
يبحث جو بايدن عن موارد مالية لحملة الانتخابات الرئاسية، لكنهم لم يفكروا على الإطلاق في ما يفكر فيه الرأي العام داخل هذه الدول، وما هي عواقب هذا العمل العسكري على مصالحهم الوطنية.