الوقت- يثبت ملف تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية و كيان الاحتلال يوماً بعد يوم شرعية المقاومة وإنسانية أصحابها فيما يقوض الرواية الإسرائيلية ويضعفها في جميع أنحاء العالم، فقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو أثار جدلا كبيرا، ظهرت خلاله إحدى الأسيرات الإسرائيليات وهي تلوح بيدها أثناء مغادرتها قطاع غزة، والأسيرة الإسرائيلية تم الإفراج عنها ضمن الدفعة الأولى في صفقة تبادل بين حماس وجيش الاحتلال.
اللقطة أثارت حالة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، وتم تناولها أيضا في وسائل الإعلام الإسرائيلية التي انتقدت تلويحها وهي تبتسم لأهل غزة، في أثناء نقلها في سيارة الصليب الأحمر، وفي سياق مشابه، كشفت لقطات سابقة عن لحظة صافحت فيها أسيرة أخرى مقاتلًا من “القسام” أثناء تسليمها إلى الصليب الأحمر للإفراج عنها من قطاع غزة.
وأكّد الأسرى الذين شملهم اليوم الأول من عملية تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل، أنهم عوملوا بشكل إنساني من قبل المقاومة الفلسطينية على عكس ما كانت تروج له دعاية الاحتلال.
شهادات حية
جاء ذلك في الوقت الذي لم ينسَ العالم بعد المقابلة التي أجرتها المسنة الإسرائيلية المحررة حول المعاملة اللائقة التي حصلت عليها خلال الأسر لدى حماس في قطاع غزة، الأمر الذي دمر الدعاية الإسرائيلية حينها، حيث ظهرت العديد من الاتهامات والفيديوهات المفبركة التي تدعي سوء معاملة حماس لأطفال أو أسرى من الكيان الصهيوني ولكن حركة حماس بنفسها نفت ذلك وكذلك بدأت روايات تظهر إلى العلن أكذوبة الإعلام الصهيوني في رسم صورة الجلاد على حركة حماس.
فقد أثارت شهادة المسنة ضجة واسعة وغضبًا في الأوساط الإسرائيلية وصلت إلى درجة إقالة المسؤول الإعلامي للمشفى الذي عقد فيه المؤتمر الصحفي، كما كان هناك توبيخ أيضًا للرقابة العسكرية الإسرائيلية، لعدم تغيير أقوال الأسيرة المفرج عنها.
قالت إحدى المسنتين الإسرائيليتين اللتين أطلقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سراحهما الاثنين إنها ومن معها من الأسرى تلقوا معاملة جيدة من قبل مقاتلي الحركة الذين كانوا ودودين معهم، واهتموا باحتياجاتهم ووفروا لهم الرعاية الطبية اللازمة.
وكشفت المسنة، وتدعى يوخفد ليفشيتز (85 عاما)، في مؤتمر صحفي في أحد المستشفيات الإسرائيلية، عن أن عناصر المقاومة الفلسطينية الذين احتجزوها وأسرى آخرين طمأنوهم بأنهم لن يلحق بهم أي أذى، ووفروا لهم المأكل والمشرب خلال فترة احتجازهم.
وقالت "قالوا لنا إنهم يؤمنون بالقرآن، وإنهم لن يؤذونا، وسيعاملوننا كما يعاملون من حولهم".
وتابعت "كان يأتينا طبيب كل بضعة أيام ليتابع حالتنا وكان حريصا على توفير الأدوية لنا، وكنا نأكل الخبز مع الجبن الأبيض والخيار تماما مثلما يأكلون".
وردا على سؤال وُجّه إليها عن سبب مصافحتها عناصر المقاومة الفلسطينية الذين رافقوها ومسنة أخرى أثناء الإفراج عنها، أجابت بأنها فعلت ذلك لأنهم "عاملوها وباقي الأسرى بشكل جيد واهتموا بجميع احتياجاتهم".
وأضافت "لقد كانوا طيبين للغاية، كما كانوا حريصين على أن نتناول ما يكفي من المأكل والمشرب، لقد عاملونا معاملة جيدة، واهتموا بكل التفاصيل".
وتابعت "لقد خططت حماس لكل شيء منذ فترة طويلة، لقد أعدوا كل ما نحتاجه، بما في ذلك الشامبو والبلسم"، وانتقدت المسنّة الإسرائيلية الأجهزة الأمنية والجيش الإسرائيليين وقالت "إن نقص كفاءة الجيش والشاباك أضر بنا كثيرا، لقد كنا كبش فداء للحكومة
الآن وبعد أسابيع من ذلك الأمر تأتي شهادات إضافية من أقارب الإسرائيليين الذين أفرج عنهم الليلة الماضية، لتؤكد على وجود معاملة إنسانية للأسرى في القطاع.
انتصار آخر لحماس
رسمت حماس مفهوما أوسع لمعنى المقاومة، وعلينا أن نتذكر أنها عسكرياً قامت بعمل لم يقم به من قبل إلا الجيش المصري الذي استطاع هزيمة الجانب الإسرائيلي في ساحة القتال، حماس انتصرت بالفعل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ولا يمكن تغيير ذلك.
والشيء نفسه مع حماس اليوم، لقد انتصرت في 7 أكتوبر/تشرين الأول حتى لو قامت "إسرائيل" بالعمل على تدمير الحركة، إنه بغض النظر عن الكيفية التي تتكشف بها حرب غزة وما جرى وما يجري الآن فقد خسرت "إسرائيل" بالفعل وانتصرت حماس.
فيما يتجلى الانتصار الثاني لحماس من خلال المعاملة الإنسانية للأسرى والتي سبق وأن أشاد بها عدد من الإعلاميين والصحفيين الإسرائيليين بخصوص تعاملها مع ملف الأسرى والمحتجزين وذلك بالمبادرة إلى تسريح بعض المحتجزين لدوافع إنسانية، وبالتالي كسب الدعاية النفسية والإعلامية.
على الجانب الآخر
بينما في المقابل فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءات تعسفية وعقابية بحق الأسرى الفلسطينيين منذ بدء معركة “طوفان الأقصى” نرى الأسرى المحررين من سجون الاحتلال يروون قصصاً فظيعة من المعاناة في سجون الاحتلال والتعامل اللا إنساني.
في هذا السياق قال أحد الأسرى الفلسطينيين القاصرين، المفرج عنهم الجمعة، إن وضع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مأساوي وصعب للغاية ولا يمكن وصفه.
وأضاف الأسير البالغ 17 عاما إن إدارة السجون تقوم بتجويعهم، مؤكدا أنهم معزولون بشكل كامل عن العالم، وكشف أن إدارة السجن هددت الأسرى بأنها ستعيد اعتقالهم إذا استقبلتهم أعداد كبيرة من المواطنين للاحتفال بالإفراج عنهم.
من جانبها تحدثت فاطمة عن ظروف اعتقالها، وقالت "كان هذا أول اعتقال لي، وقد فوجئت به، حيث تعرضت في البداية للاعتداء من قبل جندي إسرائيلي في البلدة القديمة بالقدس، وبعد وقوعي على الأرض ركلني على رأسي وبدأ بضربي بشدة، ثم تجمع حولي عدد من جنود الاحتلال، وحاولوا نزع خماري عني، ثم سحبوني للاعتقال".
وتعرضت فاطمة من اللحظة الأولى لاعتقالها للتعذيب والضرب والاعتداء من قبل جنود الاحتلال، الذين حاولوا خنقها في سيارة الشرطة التي نقلتها إلى مركز التحقيق، بلف خمارها حول عنقها والشد عليه لينقطع نفسها، عدا عن التلفظ بألفاظ نابية ومعيبة، كما روت، وتقول فاطمة "شعرت بأني سأموت من شدة الضرب الذي تعرضت له في سيارة الشرطة، من اللحظة الأولى لاعتقالي وحتى الوصول إلى مركز التحقيق لم يتوقفوا عن ضربي ثانية واحدة".
وتشرح فاطمة بصوت متحشرج ظروف التحقيق التي عاشتها، والتي تشبه في مجملها معظم ظروف التحقيق التي تعيشها الأسيرات والأسرى في السجون الإسرائيلية حاليا، والتي تبدأ بالضرب المبرح منذ بدء التحقيق، والتهديد باعتقال العائلة والاغتصاب.
قالت "ضربني المحقق وحاول نزع ملابسي عني، وحين دافعت عن نفسي قال لي إنه سينهي أمر عائلتي باعتقالهم، هددني بوالديّ بحكم أنهما من كبار السن ولا يتحملان التعذيب والسجن".
تقول فاطمة إن أوضاع الأسيرات في السجن صعبة جدا، وإنها زادت صعوبة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي (بعد بدء العدوان على غزة)، حيث إن عدد المعتقلات من الأسيرات والقاصرات كان في ازدياد مستمر، فيوميا كان يتم إحضار على الأقل 3 معتقلات جدد إلى غرف السجن التي كانت تشهد اكتظاظا كبيرا.
صفعة قوية في وجه نتنياهو
ملف معاملة حماس مع الأسرى الاسرائيليين قد كرس اعتقاداً في أوساط إسرائيلية كثيرة بأن تعامل المقاومة الفلسطينية مع الأسرى الاسرائيليين يظهر أن حكومة نتنياهو حجر عثرة وكعامل لا يسمح بإحراز تقدم في المفاوضات بل يعيقها، حيث تأتي أهمية هذه الشهادات الإسرائيلية، فهي أنها تكذّب وتدحض ما كانت تروّج له حكومة الاحتلال وداعموها، فقد زعم كبار المسؤولين الإسرائيليين أن مواطنيهم يتعرضون لمعاملة سيئة عند حركة "حماس".
في هذا السياق يُجمع محللون سياسيون إسرائيليون على أن مستقبل رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بات على المحك بعد الهجوم المباغت الذي شنته المقاومة الفلسطينية على "إسرائيل" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، والذي أصاب هيبة دولة الاحتلال في مقتل، وأسفر عن قتل وأسر العشرات من عناصر جيشها الذي طالما وُصف بأنه قوة لا تقهر.
كان الإسرائيليون قبل هجوم حماس يتمتعون بالثقة، واعتقدوا أن حربا مفاجئة مثل حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 لا يمكن أن تحدث مرة أخرى، وأنه إذا حدث ذلك فإن جيشهم سيقضي عليها في مهدها، ثم جاء هجوم حماس بعد 50 عاما تقريبا، وهو ما مثل لهم صدمة عميقة.