الوقت- في خطوة ذات رسائل مهمة، بعثت كتائب عز الدين القسام، الفرقة العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، برسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لبث تسجيل فيديو لمعتقلة إسرائيلية في غزة يوم الاثنين.
وأدان نتنياهو نشر الفيديو واصفا إياه بأنه "دعاية نفسية قاسية" وقال في بيان إنه سيتجه إلى إيلينا توربانوف ودانييل أروني ورامون كيرشت (المعتقلين) الذين اختطفتهم حماس والذين ارتكبوا جرائم حرب على حد زعمه: "أنا أعانقك، قلوبنا معك ومع المختطفين الآخرين، نحن نبذل قصارى جهدنا لإعادة جميع الذين تم اختطافهم وفقدهم إلى وطنهم"، ويظهر الفيديو 3 نساء يجلسن جنبا إلى جنب أمام الحائط، وأرسلت إحدى النساء في الفيديو رسالة غاضبة إلى نتنياهو تطلب منه العودة إلى منزلهم مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
رسائل مهمة لنتنياهو
"في 7/10 (تاريخ بدء عملية طوفان الأقصى) لم تكن هناك قوات ولم يأت أحد إلينا، لذلك تريد قتلنا جميعا"، هذا ما قالته إحدى الأسيرات في التسجيل، مخاطبة نتنياهو، مضيفة يجب أن تحررنا الآن وتحرر مواطنوهم (الفلسطينيون)، نحن في هذا الوضع بسبب الفشل الذي تسببت فيه وأنت ملزم بالإفراج عنا جميعا، وقالت أسيرة أخرى:" أعلم أنه كان هناك طلب لوقف إطلاق النار، وكان من المفترض أن تفرج عنا جميعا، وتضطر إلى إطلاق سراحنا جميعا، وبدلا من ذلك نعاني من عجزك السياسي والأمني والعسكري والدبلوماسي".
"أطلق سراحنا الآن، أطلق سراح الأسرى الفلسطينيين واسمح لنا بالعودة إلى عائلاتنا الآن، أنت تقتلنا"، وشددت أسيرة أخرى أيضا على ضرورة طلب نتنياهو الإفراج عنهم، قائلة: " نحن مواطنون أبرياء، ندفع ضرائب لدولة "إسرائيل"، كنا في الأسر في ظل ظروف بلا شروط، وهاجمت نتنياهو وقالت: " أنت تقتلنا هل تريد أن يقتلنا الجيش? وقالت:" لا يكفي أن تذبح الجميع، ولا يكفي أن يقتل المواطنون الإسرائيليون".
ومن الجدير بالذكر أن الجيش الإسرائيلي أعلن في وقت سابق أن مقاومة غزة تحتجز حوالي 200 مدني ورهينة عسكرية.
وفي الوقت نفسه، أعلنت كتائب القسام، من خلال الناطق باسمه (أبو عبيدة)، أن عدد الأسرى في المقاومة تراوح بين 200
و 250، منهم 200 في حماس والباقي موزعة على مكونات المقاومة الأخرى.
وقال أيضا إن 50 سجينا قتلوا نتيجة الغارة الإسرائيلية المستمرة على غزة، وواصلت عائلات المعتقلين الإسرائيليين الاحتجاج بعد أن صعدت قوات الاحتلال غاراتها على قطاع غزة، معربة عن قلقها بشأن مصير وحياة الأقارب، وقال ممثل عن عائلة الأسير إنه بعد اللقاء مع نتنياهو، أكدوا له قبولهم صفقة التبادل على أساس مبدأ "الجميع مقابل الجميع" وطلبوا منه إعادة الأقارب قبل العملية البرية.
حماس تحرج حكومة العدو
في الفترة الماضية، أعلن يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة، أن الحركة مستعدة "قريبا" للمضي قدما في اتفاقية تبادل الأسرى مع "إسرائيل"، وقال السنوار في بيان" نحن مستعدون لإبرام اتفاق تبادل فوري يتضمن إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون المحتلة مقابل إطلاق سراح جميع أسرى المقاومة الفلسطينيين".
وأشار السنوار إلى دعوة المؤسسات المعنية بقضية الأسرى للبدء، دون استثناء، إلى إعداد قوائم تتضمن أسماء الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين في سجونهم استعدادا لما يمكن إحرازه من تقدم إلى المرحلة التالية، وأعلن أبو عبيدة، المتحدث باسم الفرقة العسكرية في حماس، لواء الدين القسام، أنه مستعد لإطلاق سراح المعتقلين مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين.
وقال أبو عبيدة في بيان واضح إن" الثمن الذي يتعين على الجانب الإسرائيلي دفعه مقابل العدد الكبير من الأسرى المحتجزين لدى القسام هو إفراغ السجون من جميع الأسرى الفلسطينيين".
وأشار إلى أن حماس كانت على وشك التوصل إلى اتفاق مع الكيان بشأن المعتقلين، لكن تل أبيب أجلت الاتفاق، قائلة "كان هناك اتصال في ملف الأسير وكانت هناك فرصة للتوصل إلى مراسم اتفاق، لكن العدو تسبب في تأخيرها".
وأضاف إن حماس مستعدة أيضا لإجراء محادثات حول اتفاق جزئي حول قضية الأسرى، وأوضح: "إذا أراد العدو إنهاء ملف السجين دفعة واحدة، فنحن مستعدون، وإذا كان يريد مسارا يتضمن تجزئة الملف، فنحن مستعدون للتفاوض والتحدث عنه.
ونفذت قوات الاحتلال الإسرائيلية عملية عسكرية استمرت 22 يوما في قطاع غزة عرفت باسم "السيف الحديدي"، أسفرت عن تدمير المنطقة بأكملها، ما أسفر عن مقتل أكثر من 7703 شهداء وأكثر من 3195 طفلا و 1863 امرأة، إضافة إلى 19743 جريحا بجروح مختلفة.
وحسب وزارة الصحة الإسرائيلية، أعلنت حركة "حماس" خلال هذه الفترة مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي وإصابة 5132، في هذه الحالات، تم اعتقال أكثر من 220 إسرائيليا، من بينهم مسؤولون كبار، والجهود جارية للنظر في إمكانية تبادلها مع أكثر من 6000 سجين فلسطيني، من بينهم أطفال ونساء.
وفي السابق، أفرجت حركة "حماس" عن امرأتين من خلال الوساطة الدولية، ويحملن الجنسية الأمريكية والإسرائيلية من خلال جهود الوساطة في قطر ومصر، وقال نادي الأسرى الفلسطينيين، وهو منظمة غير حكومية، في بيان صدر يوم الخميس الماضي، إن عدد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي وصل إلى حوالي 7 أو 10 آلاف بعد أن ارتفع عدد الاعتقالات التي شوهدت في المنطقة اعتبارا من هذا العام إلى 6700 معتقل.
وبصرف النظر عن المظاهرات الحاشدة التي تشهدها المناطق التي تحكمها سلطة الاحتلال الإسرائيلي احتجاجا على "حكومة نتنياهو"، تواجه حكومة الاحتلال تحديات داخلية تؤكد خطورة الوضع الداخلي الذي واجهته، وتتصاعد المظاهرات الداخلية، وهو مشهد يفتح الباب على نطاق واسع أمام التوقعات بأن تتصاعد مع مرور الوقت إذا لم تتخذ حكومة الاحتلال خطوات حاسمة لإنهاء الصراع مع غزة وبدء عملية تفاوض جادة لحل الأزمة مع الفلسطينيين.
وعلاوة على ذلك، ينظر إلى هذه المظاهرات داخل الكيان على أنها تأكيد لجهود الإعلام والدعاية الإسرائيلية وفشل المؤيدين الغربيين في تبرير الحرب الوحشية في غزة، ويبدو أن الحرب لا تزال تواجه انتقادات شديدة واحتجاجات في جميع أنحاء العالم، مع مظاهرات ضد الجريمة الإسرائيلية مستمرة في غزة منذ آخر 23 يوما والمظاهرات مستمرة لعدة أيام في تل أبيب، وفقا لتقارير وسائل الإعلام العبرية، ويمكننا أن نرى أن المشاركين ليسوا فقط عائلات السجناء، ولكنهم يظهرون أيضا أسبابا مختلفة للاحتجاج. يبدو أن هؤلاء الأشخاص يعبرون عن غضبهم من الحكومة الإسرائيلية، ويطالبون برحيل نتنياهو ويعتقدون أنه فشل، وحسب التقارير، جلس المتظاهرون أمام مقر وزارة الحرب الإسرائيلية مطالبين باستقالة نتنياهو والاعتراف بفشله، ومطالبين بعودة أبنائهم، الذين ما زالوا محتجزين في غزة.
الغضب الداخلي وآثاره؟
تظهر شعارات وهتافات المتظاهرين الإسرائيليين تعبيرا عن الغضب ضد الحكومة الإسرائيلية، ما يدل على أن الغضب الشعبي قد ازداد وتصاعد بشكل كبير، ويأتي هذا في وقت تحتاج فيه "إسرائيل" إلى زيادة الدعم الشعبي في الحرب مع غزة، وقد أعلن ممثلو عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين اعتقلتهم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أنهم قدموا طلبا إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لعودة أقاربهم قبل العملية البرية وأكدوا أنهم مستعدون لاتفاق تبادل قائم على مبدأ "جميع أسرانا مقابل أسراكم".
وسابقا، أوضح ممثل عن عائلة أسرى الحرب الإسرائيلية أنه طلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أخذ مصير عائلات الأسرى في الاعتبار عند التخطيط للعمل، وأن اتفاقية تبادل الأسرى ستحظى بدعم كبير، وكفلوا أيضا أن تكون الحكومة مسؤولة مسؤولية كاملة عن سلامة أقاربهم.
وفي بيان صدر باسم عائلات الأسرى الإسرائيليين، أكدوا أنهم طلبوا من حكومة نتنياهو عدم القيام بأي أنشطة يمكن أن تؤثر على الأسرى المحتجزين لدى مقاومة غزة وإعطاء الأولوية لمصير هؤلاء الأسرى في اتخاذ القرارات المتعلقة بهم.
وطلب ممثل عائلة الأسرى الإسرائيليين من بنيامين نتنياهو النظر في صفقة محتملة لتبادل الأسرى من الجانبين، مشيرا إلى أنها تحظى بدعم واسع، وأعرب عن أمله في أن يتم الانتهاء من هذا الاتفاق قريبا.
في الاجتماع، هتف المشاركون، " استعيدهم جميعا الآن"، أعلن نتنياهو أنه قدم اقتراحا للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، وأشار إلى أنه التقى بعائلات إسرائيلية "مخطوفة" في غزة وأخبرهم أن حكومته ستبذل قصارى جهدها لإعادتهم، مؤكدا أن الاتصالات لإطلاق سراحهم لا تزال جارية وأن توسيع العمليات البرية لن يتعارض مع الجهود المبذولة لإطلاق سراحهم.
وتشير توقعات المراقبين إلى أن تصعيد تظاهرات الكيانات ضد حكومتهم أمر متوقع، وخاصة بعد ما كشفته " الحركة الديمقراطية "في الكيان عن حرق الوثائق من قبل مكتب رئيس الوزراء بعد تنفيذ عملية" طوفان الأقصى " التابعة لكتائب القسام.
يمثل هذا الإجراء من قبل إدارة نتنياهو محاولة لتقليل مسؤوليته عن فشل حكومة الاحتلال في مواجهة هجمات المقاومة الفلسطينية على المستوطنات والثكنات في قطاع غزة.
في النهاية، بدأت المظاهرات في تل أبيب بمطالب الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، لكنها تحولت تدريجيا إلى مطالب بإقالة نتنياهو واستقالته، كما استفادت حماس من هذه المظاهرات من خلال إصدار بيانات تتعلق بالعديد من الأسرى والأسرى وإظهارهم أمام الرأي العام الإسرائيلي، ما زاد الضغط على حكومة نتنياهو، يبدو أن حماس تعرف كيفية استخدام هذه الأنواع من المظاهرات لتحقيق أهدافها، وزيادة الضغط على الكيان، واستخدام التصريحات والأفعال حول الأسرى الإسرائيليين كجزء من حرب نفسية ضد الكيان، وهذا يجعل من الممكن زيادة الضغط النفسي والعام على "إسرائيل" في ظل استمرار قصفها الصاروخي، وإذا استمر هذا الوضع، يمكن أن تزيد حماس الضغط على تل أبيب، ما قد يزيد الضغط على حكومة نتنياهو، التي تحفر قبرها.
ويعتقد أن الصواريخ التي تطلقها حماس، إذا استمرت أكبر، سوف تضعهم في وضع صعب من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية، وهذا يمكن أن يضع نتنياهو في موقف صعب ويمكن أن يضعه تحت ضغط كبير من الإسرائيليين الذين يعتقدون أنه لم يتمكن من وقف هجمات حماس أو إحراز تقدم في ملفات السجناء، وقد يشكل ذلك تحديا كبيرا لحكومته ومستقبله السياسي، كما يمكن لنتنياهو التركيز على الحفاظ على السلطة ومحاولة التهرب من المحاكمة بتهم الفساد، والنهاية المريحة للحرب بالنسبة له ستساعده في الحفاظ على سلطته وتجنب المشاكل القانونية.
