الوقت- في الفترة الماضية، أفصحت صحيفة فلسطينية عن تسليم السلطة الفلسطينية عبر الأردن لمجموعة من المصفحات والأسلحة، بهدف دعم وتعزيز قدرات أجهزتها الأمنية في الضفة الغربية، وتأتي هذه الدفعة من الأسلحة لتعزيز عمل الأجهزة الأمنية الرئيسية في الضفة، وتحديداً أجهزة "الأمن الوقائي" و"الأمن الوطني"، إضافة إلى دعم الشرطة في أداء مهامها.
وفقًا لمصادر إعلامية، أُكدت أن المصفحات التي استلمتها السلطة الفلسطينية جاءت من الجانب الأمريكي عبر وسيط أردني، وبتصريح من الحكومة الإسرائيلية المتشددة، وهذه الخطوة تأتي في إطار جهود تعزيز قدرات أجهزة السلطة في مواجهة التحديات المتعلقة بالمقاومة المسلحة التي تنشط في مناطق مثل جنين ونابلس.
سلاح السلطة بوجه المقاومين
السلطة الفلسطينية قد أكدت هذا الأمر لمجموعة متنوعة من الجهات، وتم تقديم هذه الإشارة من خلال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، ويعتقد العديد من المعنيين بالشأن الفلسطيني أن حسين الشيخ قد يكون مرشحاً محتملاً لخلافة الرئيس محمود عباس في المستقبل.
خلال اجتماعاته المتكررة مع الجانب الأمريكي، قام الشيخ بتأكيد أن السلطة تجد صعوبة في مواجهة هذه "الخلايا" المنتشرة بكثافة في مناطق مثل جنين ونابلس وطولكرم، وهذه المناطق تُعدّ من أكثر المناطق حساسية في الضفة الغربية، وأيضًا تعترض قوات الاحتلال صعوبة في اقتحامها دون الدعم الجوي والبري.
ومن ناحية ثانية، إن الجانب الأمريكي أدرك تمامًا متطلبات السلطة في هذا السياق، وقام بتزويدها بالمعدات اللازمة، سواء كانت مصفحات أو أسلحة أوتوماتيكية متطورة مزودة بتقنية الليزر، وذلك لاستخدامها في العمليات القتالية وفي مواجهة الخلايا المسلحة، وبشكل خاص في منطقة جنين التي تُعد واحدة من أكثر المناطق تحديًا وصعوبة في مواجهة الأمن.
يُعتبر المخيم الموجود في هذه المنطقة مأوىً لمقاتلين ذوي خبرة يعودون إلى الانتفاضات الفلسطينية الأولى في عام 1987 والثانية في عام 2000، ما يجعلها تحديًا كبيرًا في الجهود الأمنية.
وفي الفترة الأخيرة، قاد الرئيس محمود عباس سلسلة من الاجتماعات الأمنية واسعة النطاق في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، وخلال هذه الاجتماعات، طلب الرئيس من الجهات الأمنية تبني استراتيجية قوية للمواجهة بقوة وحزم لجميع الخلايا المسلحة التي تعمل على تقويض المشروع الوطني وضعف السلطة الفلسطينية، كما أشار إلى ضرورة أن تبرز السلطة ككيان قادر أمام الجهات الأمريكية والأوروبية، وعدم تقديم صورة عنها ككيان عاجز.
وقد أُقيم مؤخرا اجتماعٌ بين حسين الشيخ ونائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، ووفقًا لمصادر خبرية، فإن هذا الاجتماع يأتي في سياق تطوير الترتيبات الجديدة في المنطقة، مع التأكيد على دور الأردن كشريك أساسي في هذه العمليات.
وتواصلت أجهزة السلطة في الضفة الغربية بعمليات الاعتقال والملاحقات للمقاومين في مناطق نابلس وجنين وطولكرم، دون الاستجابة للدعوات والمطالبات بوقف هذه العمليات، وقال حسين الشيخ، وزير الحكم المحلي في سلطة رام الله، في محادثته مع مسؤولين كبار في الجهاز الأمني الإسرائيلي، إنه أكد لهم بأنه في حال عدم وجود شريك من الجانب الإسرائيلي يؤمن بحل الدولتين للشعبين، يأتي له أحيانًا ليرى نفسه في المرآة ويتساءل إذا كان قد خان دموع جدته، وقال أيضاً: "هل تستطيعون أن تتخيلوا كيف يعيش الفلسطيني العادي في مخيم اللاجئين؟".
بديل عباس لخيانة الفلسطينيين
أجرى موقع إسرائيلي تحقيقات حول حسين الشيخ، الذي يُعتقد أن لديه فرصة كبيرة لخلافة محمود عباس في رئاسة سلطة رام الله. واستمر إعداد هذا التحقيق لمدة تسعة أشهر، وأكد أن الكيان الإسرائيلي أصبح يتجه نحو التيار اليميني بشكل متزايد ولا يظهر اهتمامًا كبيرًا بإنهاء الاحتلال، وإضافة إلى ذلك، يُشير التحقيق إلى أن المجتمع الدولي قد انسحب بشكل تام من المشهد، ما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا، وأبرز التحقيق الإسرائيلي أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يعيشون تحت الاحتلال ويشهدون تصرفات القوات الإسرائيلية بشكل يومي، ويشددون على أن السلطة في رام الله قائمة بسبب مهمة واحدة أساسية، وهي تنفيذ الأعمال التي يمكن تصنيفها بأنها "أعمال قذرة" نيابة عن الاحتلال، ويُظهر التحقيق أن حسين الشيخ هو الشخص الذي يقود هذه الأعمال القذرة.
ونقل الموقع عن مصادر إسرائيلية سياسية وأمنية ذات مرتبة عالية قولها إن أحد المرشحين لخلافة الرئيس محمود عباس، البالغ من العمر 87 عامًا، لا يتمتع بأي شعبية في الشارع الفلسطيني نتيجة للتعاون مع الاحتلال، ومن ناحية أخرى، يُشير التقرير إلى أن حسين الشيخ هو صاحب الحظوظ الأكبر لتولي هذا المنصب بعد عباس، وذلك لأنه يحظى بدعم من تل أبيب والولايات المتحدة الأمريكية.
وبين الموقع الإسرائيلي أنه خلال فترة تسعة أشهر، تم تنظيم العديد من الاجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين وأوروبيين وأمريكيين وفلسطينيين بهدف تحليل ودراسة مسار حياة حسين الشيخ وكيفية ظهوره وتصاعده في الساحة الفلسطينية.
وفي هذا اللقاء غير المسبوق، أكد الشيخ على وجود فجوة عميقة بين القيادة والشعب الفلسطيني، وقال إن السلطة غير قادرة على إيجاد أمل في حل سياسي وأنها أيضاً غير قادرة على حل المشكلات الاقتصادية التي نشأت نتيجة للوضع الاحتلالي.
ومع ذلك، أثار تساؤلًا حول ما هو البديل للسلطة، متسائلاً "هل البديل هو الفوضى والعنف؟" وفقًا لتعبيره، ووفقًا لدبلوماسيين أمريكيين بارزين، فإن حسين الشيخ يتميز بأنه لا يتحدث كثيرًا، وهو شخص عملي يسعى جاهدًا للبحث عن حلول فعالة للمشكلات بدلاً من إلقاء محاضرات، ووصفه دبلوماسي أوروبي بأنه "رجل يسعى جاهدًا لحل المشاكل وإصلاح الأمور المعطلة، دون الانخراط في تطوير نظريات فقط".
ومع ذلك، قام أحد الدبلوماسيين الأمريكيين بمقارنة حسين الشيخ، البالغ من العمر 62 عامًا، بشاه إيران قبل الثورة الإسلامية، حيث لم يكن لدى الشاه شعبية تامة في إيران حسب قوله.
ونقل الموقع الإسرائيلي عن مصادر رسمية في كيان الاحتلال قولها إن حسين الشيخ يعمل بشكل كامل ووثيق بالتعاون مع "إسرائيل" من أجل منع العمليات الإرهابية ضد المستوطنين الإسرائيليين، إضافة إلى ذلك، يجري مباحثات مع مسؤولين إسرائيليين في تل أبيب لتجديد البنية التحتية في الضفة الغربية. ويؤكد الشيخ أن هذا الأمر مهم للفلسطينيين للحفاظ على الأمل في تحقيق حريتهم مستقبلاً، ويشير إلى أن أي إنجاز، حتى لو كان صغيرًا، يحمل أهمية كبيرة بنظره.
وبالتالي، إن حسين الشيخ لا يخفي رغبته في أن يكون وريثا لمحمود عباس، وهذا الأمر يثير استياء بعض أعضاء القيادة في السلطة الذين يرون أنه يتصرف كما لو أنه أصبح رئيسا للسلطة بالفعل، ومع ذلك، وفقا للموقع الإسرائيلي، هناك نسبة صغيرة جدا من الفلسطينيين في الضفة الغربية يعتقدون أن حسين الشيخ سيصبح رئيسا شرعيا لسلطة رام الله.
وقال الجنرال بالاحتياط تامير هايمان، الذي كان قائدًا سابقًا لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، إن حسين الشيخ يُمثل كل ما هو سلبي في السلطة الفلسطينية، بما في ذلك الانفصال عن الشعب، والفساد، والتعاون مع الكيان، وكلها جوانب سلبية من وجهة نظره.
من جهته، قال الدبلوماسي الفلسطيني السابق، محمد عودة، في مقابلة مع موقع إسرائيلي، إنه من المستحيل فرض رئيس مثلما فعلت واشنطن في أفغانستان بين عامي 2002 و2014 على الشعب الفلسطيني، بمعنى تعيين الرئيس دون موافقة ودعم الشعب، إضافة إلى ما تم ذكره سابقًا، خلال الجلسة السرية التي عُقِدت بين الشيخ وقادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في شباط (فبراير) من العام 2022، أكد لهم أن القرار بشأن مستقبل أفضل يكمن بيد تل أبيب، وقد تمثل هذه الكلمات اعترافًا صريحًا من قبل الشيخ بالفجوة الكبيرة في التوازن بين الصهاينة والفلسطينيين، واعترافًا بأن منظومة التنسيق التي يديرها قد فشلت بشكل كبير.
وبعد توقيع اتفاق أوسلو، بدأ حسين الشيخ بالبحث عن وظيفة مناسبة، وبسبب إلمامه باللغة العبرية، كان يقوم بالسفر إلى مدن إسرائيلية في المركز ويقدم محاضرات للطلاب حول أهمية السلام بين الشعبين، كما عمل لسنوات طويلة كمترجم للشخصيات الإسرائيلية والفلسطينية خلال اللقاءات المشتركة، ما منحه الفرصة لبناء علاقات قوية مع كبار الشخصيات الأمنية والسياسية في كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وإضافة إلى ذلك، أقر مسؤولون إسرائيليون بأن حسين الشيخ لم يشارك في ما أسموها "أعمال العنف" التي اندلعت خلال الانتفاضة الثانية، حسبما أفاد شالوم بن حنان، الضابط السابق بجهاز الأمن العام (الشاباك)، وأشار الشيخ في حديثه للموقع الإسرائيلي إلى أنه يؤمن ببرنامج الرئيس محمود عباس، وأن الرئيس يثق به، وأكد أنه ما زال معارضًا للمقاومة في الوقت الحالي، لأن هذه الأعمال تخدم مصلحة الكيان، وأكد أيضًا رفضه القاطع للتدخل في أمور الأبرياء، ويتضح أن حسين الشيخ يدرك أن الكثير من الفلسطينيين لا يثقون في قدرة الحكومة في رام الله على تحريرهم من الاحتلال الإسرائيلي، ولكن السؤال الذي طرحه الموقع هو ما إذا كان هذا الوعي سيدفع الشيخ إلى تغيير موقفه ومساره المستقبلي.