الوقت- في الأيام المقبلة، من المقرر أن يعقد المجلس الوزاري المصغر لكيان الاحتلال الإسرائيلي اجتماعا لمراجعة مدى الاستعداد للدخول في حرب شاملة ومتعددة الجبهات، ووفقاً للقناة 13 التابعة لتلفزيون الاحتلال، في تقريرها بهذا الخصوص، فإن أحد جداول أعمال اجتماع مجلس الوزراء الأمني هو دراسة الاستعداد للدخول المحتمل في حرب شاملة ومتعددة الجبهات، وقبل أشهر، أدلى القائد العام لجيش الاحتلال الإسرائيلي بتصريحات تحتوي على اعتراف بخطورة التوتر على الجبهات المتعددة، وأكد قائد الأركان العامة للجيش الإسرائيلي أن الكيان مستعد بشكل كامل لمواجهة أي تحدٍ على عدة جبهات، ومع ذلك، كشفت هذه التصريحات حينها بوضوح على أن الكيان يتعامل بجدية وقلق مع تهديد اندلاع نزاع متعدد الجبهات، وقبل فترة، حذرت وسائل الإعلام ومراكز الدراسات الإسرائيلية من أن أي حرب قد تنشأ بين محور المقاومة والاحتلال قد تشهد تصاعدًا كبيرًا في التصعيد، ما قد يؤدي إلى قصف مكثف للأراضي الفلسطينية المحتلة يوميًا بآلاف الصواريخ، وهذه التحذيرات تأتي في سياق هجمات "إسرائيل" المستمرة وعملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين، والتي تؤكد أن تل أبيب المتفككة لا تقدم إلا القمع والعنف.
"إسرائيل" تفشل في إدارة الأزمات
لا شك أن تجربة التعامل مع الاحتلال أظهرت بوضوح أن العدو الصهيوني يعتمد على تبريرات ضعيفة ومكشوفة لتبرير سياسته، ويعبث في إدارة الأزمات، ولكن المقاومة قد حققت نجاحات كبيرة تشهد على قوتها وصمودها في وجه هذا العدو العنصري، وفي الوقت الذي تم التأكيد فيه على أن الجيش الإسرائيلي سوف يعرض السيناريوهات المتوقعة لحرب شاملة على وزراء المجلس الأمني، أشار هذا الإعلام العبري إلى تفاصيل أحد السيناريوهات وأضاف: الجيش يتوقع حدوث صراعات حادة في المدن الفلسطينية في المناطق (المحتلة) عام 1948، وشددت القناة 13 التابعة للكيان الصهيوني على أن كبار مسؤولي جيش الحرب الإسرائيليّ يعتقدون أن الوضع الحالي في "إسرائيل" يشبه الأيام التي سبقت بدء حرب 2006 (حرب 33 يوما) بين الاحتلال ولبنان وعلى وجه التحديد حزب الله.
ومن ناحية أخرى، كشف أحد ضباط الشاباك السابقين أن المجتمع الإسرائيلي غير مستعد للحرب لأنه غير مستعد للتضحية من أجل الكيان الاحتلاليّ، وأكد يزهر دافيد، القائد السابق لمنطقة شمال الضفة الغربية لجهاز الشاباك الإعلامي التابع للكيان الإسرائيليّ، في حديث مع وسائل الإعلام الصهيونية، أن المجتمع الإسرائيلي أصبح الآن مجتمعًا سمينًا لا يتسامح مع أي نوع من الضحايا وهو غير مستعد لإرسال جنوده إلى ساحة المعركة ومن ثم ينتظر موتهم، وإنّ الأخبار القادمة من فلسطين تؤكّد إقراراُ إسرائيليّاً بأن قلق "إسرائيل" اليوم يتركز على الصراع في عدة جبهات، حيث لا بدّ أن يتركز النقاش بداية على استعدادات حزب الله واحتمال مواجهات مستقبلية مع الكيان الإسرائيلي، وقد أكد مركز أبحاث الأمن الداخلي التابع للكيان الإسرائيلي أن "إسرائيل" تشعر بقلق بشأن مواجهة حزب الله، وأشار المركز إلى فشل الردع الإسرائيلي ضد حزب الله.
من ناحية ثانية، عبّر متخصصون وخبراء إسرائيليون عديدون عن قلقهم من تداول فكرة حرب جديدة بسبب التكلفة المرتفعة المحتملة، وفي دراسة بحثية نشرها مركز دراسات الأمن الداخلي للكيان الإسرائيلي، تم التأكيد على فقدان "إسرائيل" لقوتها الرادعة ضد حزب الله، وضرورة اتخاذ استراتيجية مناسبة لاستعادة الردع الإسرائيلي في أقرب وقت ممكن، مع استحالة تطبيق كل الأساليب الإسرائيلية ي حالة حرب محتملة ضد حزب الله في لبنان، وفشل الجيش الإسرائيلي في استعداده وتدريبه لمواجهة حروب متزامنة على عدة جبهات.
ومع تصاعد التوتر واحتمالية حدوث مواجهة عسكرية كبيرة مع "إسرائيل"، يشعر الإسرائيليون بزيادة في مستوى القلق بسبب تعزيز قوة محور المقاومة وبشكل خاص القدرات الصاروخية لهذا المحور، هذا القلق الصهيوني ينبع من استمرار تطوير مشروع الصواريخ الدقيقة من قبل المقاومة، والذي يشكل تهديدًا للجبهة الداخلية للكيان بما في ذلك منشآتها الاستراتيجية، وقد أشارت مواقع إعلامية إسرائيلية إلى أن ترسانة الصواريخ لدى المقاومة تُعتبر "تهديدا استراتيجيا" حقيقيًا لـ "إسرائيل" التي قبلت هذه الحقيقة عمليًا، وقد تزايدت قوة محور المقاومة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث حققت انتصارات مهمة في مختلف مناطق المنطقة، من إيران وحتى اليمن، وذلك إضافة إلى لبنان وفلسطين وسوريا والعراق، وهذا التطور السريع يجعل تل أبيب تعيش حالة قلق عميقة بشكل لم يسبق له مثيل بسبب التغيرات المستمرة في المنطقة والأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، وتلك الأحداث تركت الكيان في حالة من الصدمة نتيجة لرد الفعل القوي من قبل المقاومة الفلسطينية، وخاصة من الشباب الفلسطيني.
حرب كبرى ليست في مصلحة الكيان
تتزايد التوقعات باندلاع "حرب كبرى" في ظل تولي حكومة الكيان الإسرائيلي الجديدة برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقد حذر العديد من المحللين تل أبيب من احتمالية تفجير "أمطار الصواريخ"، وذلك في إطار استمرار العدوانية والعنصرية التي تتبعها الحكومة الصهيونية ضد الفلسطينيين، إضافة إلى تنفيذ خطة "الإبادة الجماعية" التي تهدف إلى تهجيرهم قسريًا لمصلحة المستوطنين، وكل هذه الأحداث تأتي في سياق تاريخ "إسرائيل" المميز بالعنف والصراع، ونتيجة لهذه التحديات، تظل المقاومة مستعدة بجدية لمواجهة التحديات السياسية والأمنية، حيث تعتبر الوضع الحالي أمرًا جديًا يتطلب الاستعداد والتصميم لحماية حقوق الفلسطينيين والدفاع عن مقدساتهم.
معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، قبل مدّة، قال إنه يجب على الجيش الإسرائيلي التحضير لمواجهة عسكرية على جبهتين، في إشارة إلى حزب الله في لبنان والجماعات الفلسطينية في قطاع غزة، ويتوقع أن تكون هذه الحرب مع محور المقاومة والتي يمكن أن تتسبب في إطلاق آلاف الصواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية بشكل يومي، مع احتمال نشوب حرب ضد الكيان في لبنان وسوريا والعراق، ويرى المعهد أن حماية "إسرائيل" تعتبر الأمر الأهم بالنسبة للولايات المتحدة والدول الغربية، وهو ما يسهم في تجاهل القرارات الدولية وفرض سياسة الواقع على الفلسطينيين، ويتضمن هذا السياق انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان والقوانين الدولية، إضافة إلى محاولات الضم والتوسع على حساب الأراضي والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وتعكس هذه السياسة إصرار الحكومة الإسرائيلية على استمرار الصراع وتعطيل أي فرص غير المقاومة.
وفي سياق الحرب المحتملة، يتوقع أن تكون "إسرائيل" عرضة لنيران غير مسبوقة تأتي من اتجاهات متعددة، ويتوقع أن يقوم حزب الله بإطلاق أكثر من 1000 صاروخ في اليوم، إضافة إلى العشرات أو حتى المئات من الصواريخ الدقيقة وبعيدة المدى التي يمكن أن تصل إليهم من سوريا وربما من العراق، والجدير بالذكر أن الشعب الفلسطيني وقادته في المنطقة دائمًا مستعدون لصد أي محاولة إسرائيلية للمساس بحقوقهم ومقدساتهم، وذلك في ضوء استمرار الحملة الإجرامية التي تنفذها "إسرائيل" بهدف تهجير الشعب الفلسطيني ونهب أمواله وممتلكاته، وتدمير منازله، وسعيًا منها لتغيير معالم المدينة المقدسة والتلاعب بها، وهذا يأتي في إطار محاولات تل أبيب لتحقيق سيطرة صهيونية كاملة على المسجد الأقصى المبارك والمقدسات التاريخية للشعب الفلسطيني.
لهذا السبب، يمكن أن يؤدي التصعيد الإسرائيلي إلى اندلاع ما يمكن وصفه بـ "مقاومة شاملة" في فلسطين والمنطقة، بهدف كبح العدوان واستعادة الحقوق وتحرير الأراضي والأماكن المقدسة. وقد أكدت انتفاضة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، التي أطلقها شبان ثائرون رداً على العدوان الصهيوني الوحشي على المدنيين الأبرياء، أن فترة استمرار هذه الاعتداءات تتجه نحو النهاية، إضافة إلى ذلك، نجحت المقاومة في منطقتنا في تحقيق انتصارات كبيرة على "إسرائيل"، وقامت بتغيير قواعد اللعبة في الميدان، باستخدام القوة العسكرية في مختلف جوانبها.
وقد أثرت هذه الانتصارات بشكل كبير على المستوى المحلي وأثرت أيضاً على مستوى المنطقة بأكملها، وبالنظر إلى الوضع الحالي، يصعب على "إسرائيل" حسم المعركة، سواءً ضد حزب الله في الشمال أو ضد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة المحاصر، وهذا يأتي في ظل التوترات الحادة بين الأطراف الصهيونية والتفكك في الجيش والمجتمع.
إذن، يبدي الإسرائيليون اهتماماً بالغاً حيال كيفية تقليل مفعول معادلة الردع التي تمتلكها دول المقاومة وحزب الله والتي تشكل تهديداً كبيراً للكيان، ويؤكد مسؤولون صهاينة أن القوة الردعية الإسرائيلية قد تأثرت سلباً، ووفقًا لتقرير نشره مركز أبحاث الأمن الداخلي الصهيوني، يُعتبر حزب الله اليوم القوة الرئيسية للمقاومة، والتي تمثل تهديداً استراتيجياً كبيراً للإسرائيليين، وقد سجل حزب الله في السنتين الأخيرتين إنجازات ملموسة، منها منع تحليق الطائرات الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية، وتوسيع نطاق النشاط المقاوم في الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى التصاعد في التوترات مع جيش العدو الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، والحدود مع فلسطين المحتلة.