الوقت - شهدت مناطق مختلفة من سوريا خلال العامين الماضيين هدوءاً نسبياً ولم ترد أي تقارير عن وقوع اشتباكات، وخاصة في المحاور الشمالية، لكن في الأسابيع والأيام الأخيرة، وقعت أحداث جعلت التطورات الميدانية في هذا البلد تتصدر عناوين الصحف الرئيسية في وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية.
إن التحركات الجديدة للقوات الأمريكية والمجموعات الإرهابية في شمال شرق وشرق سوريا (وخاصة المحور الشرقي لمحافظة دير الزور) جعلت الوضع في هذه المحاور هشاً، وبناءً على المعلومات التي تم الحصول عليها فقد أصبحت هذه المناطق على حافة الصراع.
وحسب مصادر ميدانية فإن المناطق الشرقية من سوريا كانت خلال الأيام الماضية مسرحاً لتبادل إطلاق نار متفرق، وتسبب سلوك الأميركيين والإرهابيين في هذا المحور في استمرار الهجمات الصاروخية ضدهم بشكل أكبر من السابق.
وفي هذه العمليات المناهضة لأمريكا، حيث يتجلى دور فصائل المقاومة الشعبية المنشأة حديثا، تم استهداف مواقع المحتلين في منشآت غاز "كونيكو"، وحقل "عمر" النفطي، ومنطقة الشدادي في جنوب محافظة الحسكة.
تجدر الإشارة إلى أن الدخول العملي لفصائل المقاومة الشعبية للرد على التحركات الأمريكية جاء بعد أيام قليلة من الإعلان عن تشكيل مجموعة "بركان الفرات" التي تخطط بدعم من واشنطن لشن مغامرة ضد قوات الجيش السوري ومحور المقاومة في المنطقة.
أظهرت أحداث وتطورات الأسابيع الماضية في مناطق شرق سوريا المهمة بأشكال مختلفة، بما في ذلك تشكيل مجموعات جديدة تدعمها الولايات المتحدة وترافقها تحركات جديدة في المنطقة، أن الأميركيين يتطلعون إلى جولة جديدة من التصعيد في هذا المحور.
بينما قام محور المقاومة بتجهيز قواته على أعلى مستوى للرد على أي سيناريو، لكن في الخطوة الأولى وفي المرحلة الحالية يفضل أن يكون الرد على التحركات الحالية على مستوى جزء من قدرات فصائل المقاومة الشعبية.
هناك أسباب مختلفة تكمن وراء أهداف الأمريكيين من خلق التوتر في شرق سوريا، سنوضحها في التقرير التالي، لكن في حالة واحدة، ينبغي ألا ننسى وجود موارد كبيرة من النفط والغاز في شرق محافظة دير الزور، وهذه القضية ضاعفت أهمية هذه المناطق في شرق نهر الفرات وتسببت في احتلال الأميركيين لهذا المحور في السنوات الماضية بحجة محاربة "داعش" ودعم أكراد المنطقة.
وتقع في هذا المحور حقول نفطية مهمة مثل "غلبان ويونس والتنك والشعيطات والقهار 1 والقهار 2 والأزرق وجرينوف والعمر وسيجان والغواري والجفرة وكونيكو ورميلان و..." والأمريكيون لديهم عدة قواعد لنهب هذه الموارد.
ويعتبر حقل العمر النفطي أكبر الحقول من حيث المساحة والإنتاج شرق الفرات، و"التنك" ثاني أكبر حقل نفطي يقع في منطقة "الشعيطات"، وحقل "رميلان" يضم نحو 1322 بئراً نفطية و25 بئر غاز، وحقل غاز كونيكو الذي كان مصدراً رئيسياً للكهرباء للحكومة السورية، خضع لاحتلال الأمريكيين والقوات التابعة لقيادتهم.
وليست ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية هي العناصر الوحيدة المدعومة من قبل الأميركيين في منطقة شرق الفرات، كما تعاونت مجموعة من العشائر العربية في المنطقة مع الأميركيين والميليشيات الكردية لأسباب مالية (حصلت على جزء بسيط من الربح من نهب حقول النفط والغاز).
وحسب المعلومات التي تم الحصول عليها، فإن عشيرة العكيدات كان لها في السنوات الماضية وجود كبير حول حقول النفط والغاز في المناطق الشرقية لنهر الفرات، وحاليا هي الأكثر تعاونا مع القوات الأمريكية والكردية في هذه المنطقة.
وبالطبع فإن عدداً لا بأس به من العشائر العربية في منطقة شرق نهر الفرات تعرض للضغط من قبل القوات المدعومة أمريكياً (وخاصة ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية) في السنوات الماضية، وهذه القضية أدت إلى ظهور فصائل مقاومة شعبية من داخل العشائر تكون قادرة على تغيير ميزان القوى في المستقبل لصالحها ولمصلحة الحكومة السورية.
تعتبر موارد النفط والغاز شرق نهر الفرات أحد أسباب التحركات والمغامرات الجديدة للأميركيين، وفي المرحلة الحالية فإن سلوكهم يزيد من مستوى التوتر في منطقة شرق سوريا الحساسة والاستراتيجية والمعقدة، وتظهر أنهم يسعون لتحقيق أهداف أكبر في هذا الأمر، وهي قطع ارتباط قوى محور المقاومة على الحدود المشتركة بين العراق وسوريا وقطع طريق "طهران-المتوسط" الاستراتيجي الذي يؤثر أيضا على المعادلات الدولية.