الوقت - في آخر تصريح للرئيس التركي رجب اردغان قال: إنه منفتح للقاء الرئيس الأسد ولكنه يطالب بخروج القوات التركية من شمال سورية لكن ذلك غير ممكن لأننا نحارب الإرهاب هناك.
هذه الجمل تحمل دلالات واسعة ومعاني كبيرة في طياتها، هذا ما لا يتوافق مع الواقع العسكري في الشمال السوري ولا الواقع السياسي أيضاً، ماذا ينوي أردوغان وما هي مشاريعه وما هو هدفه من المقاربة مع دمشق ان حدثت ، حول هذه التساؤلات أجرت مراسلة موقع الوقت الإخباري التحليلي مقابلة مع المحلل السياسي والمختص في الشأن التركي الأستاذ سومر سلطان ودار الحوار كالتالي:
الوقت- لما وضعت سورية، خروج القوات التركية من أراضيها كشرط للتفاوض؟
سلطان: من الطبيعي أن تطلب سورية أو تفرض شرطاً كهذا، لأن وجود القوات التركية عداء، عدا عن كونه لم يات بطلب منا، وعدا عن كونه أتى رغماً عنها، فإن أردوغان يتصرف بما يوحي بنية تأسيس دولة أمر واقع ، أو تأسيس دولة انفصالية، يعني أنه يوحي بالانفصال، وهذا لا يتبع القوانين السورية، و يتبع القوانين الأخرى ولا يتبع وحدة النقد السوري بل وحدات أخرى، وشرطة أخرى، والقيادات مختلفة، كل شيء هو مختلف، وهذا يوحي بل يؤكد وجود نية تركية لفصل هذه النقطة بشكل نهائي عن الجغرافية السورية، ولو في المدى المتوسط، أو المدى البعيد ما يعني أنه قد تكون هذه الافكار طوباوية، أو غير متوقعة في المدى المنظور، ولكنها على المدى الأبعد هي حقيقية.
وبالتالي من الطبيعي على أي دولة ذات سيادة، وعلى أي سلطة تعتبر نفسها شرعية وسلطة سورية طبعاً هي شرعية فمن الطبيعي أن تطلب خروج أي قوات لم تطلب هي دخولها اصلاً
الوقت- هل تعتبر مخاوف سورية حيال احتلال تركيا حقيقية؟
سلطان: نعم توجد مخاوف حقيقية، الدليل هو أن تركيا تطبق قوانين أخرى، و الدليل أنها أنشأت ما تسمى حكومات مؤقتة تابعة لها وأنها تعامل قوى الأمر الواقع الموجودة في هذه المناطق على أنها قوة شرعية، على سبيل المثال إن تركيا تفتح أبوابها الحدودية مع إدلب حيث تسيطر جبهة النصرة وتصادق على أختام جبهة النصرة للعبور دخولاً وخروجاً، ولكنها لا تطبق نفس الأمر في المعابر الحدودية الموجودة مع مناطق سيطرة الدولة السورية، وعلى رأسها مناطق قسد الحدودي.
تتصرف تركيا وكأن جبهة النصرة هي السلطة الشرعية والممثلة للشعب السوري، بينما الحكومة الوطنية المركزية في دمشق تعتبرها وكأنها ليست شرعية ولا تمثل للشعب السوري، وهذا يؤكد نيتها في احتلال هذه المناطق وفصلها عن الوطن الأم.
الوقت- مع الأخذ بعين الاعتبار، رغبة أردوغان بإعادة تطبيع العلاقات مع سوريا، إلى متى يمكنه الاستمرار باحتلال الأراضي السورية بحجة عدم الأمن؟
سلطان : نعم ينوي اردوغان تطبيع العلاقات، ولكنه لا ينوي الخروج قريباً وسيحاول تأجيل الخروج ما أمكن، وبالأحرى لن يخرج الا بعمل على الأغلب عمل "مقاوم" أو ربما بضغوط كبيرة، ممكن أن يتعرض لها والاحتمال الأكبر أن تكون هذه الضغوط التي سيتعرض لها ربما عسكرية عليه، كما رأينا في اشتباكات قبل عامين في محور خان شيخون والتي أجبرته على التراجع وحاصرت عدداً من نقاطه وأنزلت خسائر كبيرة بجنوده على يد أبطال الجيش العربي السوري، ونفس الأمر أعتقد سيسري على بقية المناطق التي يحتلها حالياً والأمر، ليس فقط نيته في التوسع واحلامه العثمانية المريضة او إعلان نفسه قائداً على العالم الاسلامي والقيام بالفتوحات كما يتخيل الأمر، أيضا حتى في الواقع العملي هو لديه الآن جيش حقيقي، جيش رعب وجيش إرهاب موجود في ادلب، وإنه يظن أن هذا الجيش حقق له مستوى من النفوذ لدى قادة المنطقة، وعلى رأسهم قادة دول الخليج وأنهم اصبحوا يحسبون حسابه، ما يعني أن اردوغان يتصرف تصرف الازعر الذي يطلب اعتراف الجميع به عبر التهديدات وعبر سياسة الارهاب وهذا حقيقي ، ويبدو أنه نجح حتى الآن في فرض ما يريد.
وبالتالي هو لن يتخلى بسهولة عن المنطقة واعتقد انها مفيدة له، وخاصة أنه الان بأمس الحاجة الى ضخ تمويل خليجي كبير في اقتصاده المتعب، فقد رأينا أن التمويل القطري منفرد ولم تنتج عنه تلك الآثار الكبيرة ولذلك يطمح لمضاعفته عبر التقارب مع السعودية والامارات وربما الكويت عبر استخدامه للجيوش الإرهابية المتنقلة الموجودة في ادلب .
الوقت- ما الآثار التي يمكن أن تعكسها التطورات والتغيرات الأخيرة فيما يخص الحرب الأوكرانية، وتزعزع العلاقات الروسية التركية، وحالة عدم الأمان التي تتسبب بها القوات الأمريكية في الشمال السوري على سلوك الاحتلال التركي؟
سلطان : ربما الأثر الجيد الوحيد هو إدراك الروس ولو متأخرين أن الضمانات التركية لا يعول عليها ، ما يعني أن روسيا و ايران كانتا شاهدتين على تملص اردوغان من ضماناته ووعوده فيما يخص طريق m4 منذ اكثر من عامين وحتى الان.
وأضيف إليه الآن تملصه من التعهدات الشفهية التي يقال إنه قدمها في الاجتماعات الثنائية التي شاركت فيها سورية وجها لوجه معه سواء في اجتماعات وزراء الدفاع، أو وزراء الخارجية أو ضباط الأمن والاستخبارات.
الآن عندما يضاف إلى ذلك التوتر الروسي فيبدو أن الروس أقل ما يمكن أنهم سيدعمون حراكاً ما قد يكون به الجيش العربي السوري وبأمر من القيادة الوطنية في دمشق، أو بالأحرى أنهم على الأقل لم يعودوا يطمعون في مزايا أو مكتسبات قد يعدهم بها أردوغان بمعنى أنهم لم يعودوا يثقون بها.
الأمر مرتبط بشكل أساسي بصاحب القرار وهو الجيش العربي السوري وقيادته، فإذا قرر المضي في سياسة الحرب المباشرة فستكون روسيا بالتأكيد داعما له، وحتى اذا قرر المضي في سياسة أخرى هي سياسة المقاومة الشعبية أيضا ستكون روسيا داعما له سياسياً وعسكرياً.