الوقت - مع تزايد العمليات الاستشهادية للفلسطينيين في الضفة الغربية، طرح متطرفو الکيان الصهيوني جميع الخيارات على الطاولة من أجل ضمان أمن المستوطنين.
إن تطوير المستوطنات في الضفة الغربية، الذي كان أحد وعود بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الکيان الصهيوني، تتم الآن متابعته بجدية من أجل إبعاد الفلسطينيين عن الضفة الغربية.
وفي هذا الصدد، صادر المستوطنون في الأيام الأخيرة أجزاءً من الأراضي الفلسطينية الواقعة شمال مستوطنة "دير استيا" في الضفة الغربية، ويخططون لبناء مستوطنة جديدة في هذه المنطقة. وقام الصهاينة ببناء طريق لهذه المستوطنة الجديدة، ونقلوا صهاريج لتزويد هذه المنطقة بالمياه، وحتى أنهم قاموا بتزويدها بالكهرباء.
أثار بناء مستوطنات جديدة رد فعل دول العالم وحتى الغربيين، الذين وصفوه بأنه عمل مثير للتوتر وطالبوا بوقف هذا البرنامج المثير للجدل. ويتم تطوير المستوطنات بهدف زيادة الجالية اليهودية في الضفة الغربية، وإجبار الفلسطينيين على الهجرة.
النقطة المهمة التي يمكن ملاحظتها في الجولة الجديدة لبناء المستوطنات الصهيونية، هي تطوير هذا البرنامج باستخدام العمليات العسكرية. وبما أن الفلسطينيين دائماً ما يقاومون بناء مستوطنات جديدة، لهذا السبب فقد هددهم إيتمار بن غفير، وزير الأمن الداخلي في الکيان الصهيوني المعروف بعدائه للفلسطينيين، مرةً أخرى بمزيد من القتل.
وزعم بن غفير، السبت الماضي، خلال زيارة إلى عملية بناء مستوطنة "جفعات أفتار" الصهيونية جنوب نابلس، بحضور مستوطنين متطرفين وسلطات صهيونية محلية أن: "العمليات العسكرية وقتل آلاف الفلسطينيين وتدمير منازلهم، هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار وتعزيز أمن إسرائيل ومستوطنيها".
تزايدت في الأيام الأخيرة مطالب المؤسسة السياسية للکيان الصهيوني، بتنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربية التي تشهد تصعيدًا للتوترات.
يعتقد بن غفير أنه من الممكن طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية بالقوة العسكرية وإكمال مخطط التهويد. حتى أنه جعل البقاء في الائتلاف الحكومي مشروطًا بتنفيذ العمليات في الضفة الغربية وبناء مستوطنات جديدة، لكن تجربة العام الماضي أظهرت أن أي عمل استفزازي سيقابل برد فعل قوي من مقاومة هذه المنطقة.
إن استخدام كل وسائل القوة لمواجهة الفلسطينيين، يعود إلى الخوف والإرهاب اللذين خلقتهما العمليات الاستشهادية التي يقوم بها الشباب الفلسطيني ضد المستوطنين في قلوب الصهاينة. علی سبيل المثال، أطلق ثلاثة شبان فلسطينيين، الثلاثاء الماضي، النار على مستوطنين في رام الله في عملية استشهادية، قتل خلالها 4 صهاينة وجرح عدد آخر.
إن تزايد العمليات الفلسطينية، التي أصبحت ممارسةً عاديةً في الأراضي المحتلة، قد سلب النوم من أعين سلطات تل أبيب، ولهذا السبب فإنهم يحاولون إخلاء الأجزاء المسلحة من الضفة الغربية من وجود مجموعات مقاومة حديثة التشكيل بعمليات عسكرية، وأهمها مجموعة "عرين الأسود" التي تسببت في مشاكل للجيش الصهيوني في الأشهر الماضية.
يشير ضعف الكيان الصهيوني ضد فصائل المقاومة في الضفة الغربية، إلى أن جيش هذا الکيان المدجج بالسلاح لم يتمكن من تحقيق النجاح من خلال الهجمات والقمع اليومي للفلسطينيين، وهو الأمر الذي اعترف به الصهاينة أنفسهم.
وفي هذا الصدد، اعترف المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي رونين مانيليس، الجمعة الماضي، بعجز جيش هذا الکيان، وقال: "إن الحاجة إلى استخدام الطائرات لتنفيذ عمليات في جنين وشمال الضفة الغربية، تظهر أن الجيش الإسرائيلي لم يعد قادراً على تنفيذ عمليات برية في عمق هذه المنطقة".
وفي إشارة إلى أن تل أبيب قد فقدت حرية العمل العسكري، أكد: "ما حدث مؤخراً في جنين كان حدثاً بالغ الخطورة، من حيث كمية القوة النارية والمتفجرات التي يستخدمها الفلسطينيون، ما دفع الجيش إلى استخدام سلاح الجو لأنه لم يعد قادراً على العمل على الأرض".
لجوء الجيش الصهيوني إلى عمليات مكثفة لتنفيذ مخططاته في القرى الفلسطينية، سببه يأس هذا الکيان الذي لجأ إلى تكتيكه الأخير. وبسبب تضييق فصائل المقاومة الحصار على الأراضي المحتلة، يعترف كبار المسؤولين في تل أبيب بأنهم فقدوا ميزان الردع، ولا يمكنهم محاربة فصائل المقاومة على عدة جبهات، ولذلك يتم تنفيذ عملية محتملة في الضفة الغربية بهدف تدمير إحدى جبهات القتال.
ضعف السلطة الفلسطينية، الذريعة الجديدة للاحتلال
خلقت حكومة نتنياهو المتطرفة ذريعةً جديدةً لإضفاء الشرعية على أعمالها العسكرية في الضفة الغربية، وتبرير هذه الجريمة.
وفي هذا الصدد، حذر رونين بار، رئيس جهاز المخابرات والأمن الداخلي للکيان الصهيوني المعروف بـ "الشاباك"، من انهيار السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس رئيس هذه المنظمة، وتحدث عن عدم قدرتها على السيطرة على الوضع في الضفة الغربية.
وحسب رونين، فإن "السلطة الفلسطينية فقدت السيطرة على الوضع في الضفة الغربية، وعلى الجيش الإسرائيلي اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذه المناطق".
ويأتي هذا الادعاء في حين لعب محمود عباس دائمًا دورًا مساعدًا للصهاينة، واعتقل مرارًا وتكرارًا أعضاء حماس وسلّمهم إلى تل أبيب لإرضاء الإسرائيليين.
لقد أعربت السلطات الصهيونية عن قلقها إزاء الفترة التي تعقب رحيل محمود عباس، وبما أن الهيئات السياسية والأمنية للسلطة الفلسطينية تتجه أيضًا نحو المقاومة المسلحة، فإن تل أبيب تخطط للسيطرة الأمنية على الضفة الغربية بالقوة في أسرع وقت ممكن، لأنها تعلم أنها لا تستطيع الوثوق بقادة السلطة الفلسطينية المقبلين.
لذلك، فإن ضعف السلطة الفلسطينية هو وصفة لتبرير استمرار الاحتلال في الضفة الغربية، حتى يتمكن الکيان من تدمير مجموعات المقاومة ذات النفوذ الأكبر في هذه المنطقة.
لكن فصائل المقاومة، التي دخلت الآن المرحلة المسلحة، تزداد قوةً يوماً بعد يوم، وتنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق لا يمكن أن يضمن أمن المستوطنين. ويواجه الکيان الإسرائيلي حاليًا هياكل ومنظمات المقاومة الفلسطينية في مناطق واسعة، ما يقلل من قدرة جيش الاحتلال على التعامل معها.
ويأتي سعي حكومة نتنياهو إلى شن الحرب في الضفة الغربية، فيما تواجه أيضًا موجةً من الاحتجاجات من قبل المعارضة. هذه الاحتجاجات الأسبوعية التي بدأت قبل خمسة أشهر لم تنته، وقال المعارضون إنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم حتى ينسحب المتطرفون من خططهم المثيرة للجدل لـ "إصلاح الهيكل القضائي".
من ناحية أخرى، فإن الدخول العسكري إلى الضفة الغربية أشبه بالاقتراب من عش الدبابير، لأن فصائل المقاومة في هذه المنطقة تحظى بالدعم الكامل من فصائل المقاومة في غزة ولبنان. وبالتالي، في أي نزاع بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، ستشارك أطراف محور المقاومة الأخرى أيضًا.
وفي هذا الإطار، تمت زيارة قياديي حماس والجهاد الإسلامي إلى طهران واللقاء مع كبار المسؤولين الإيرانيين، بهدف التنسيق بين هذه الجماعات ضد الکيان الإسرائيلي. وفي الواقع، كان هناك نوع من التنسيق المشترك هذه الأيام بين الحركتين، وفي الاشتباكات الأخيرة في غزة، قالت حماس إن جميع عمليات الجهاد الإسلامي الصاروخية ضد الأراضي المحتلة تمت بقرار من غرفة العمليات المشتركة.
إن توحيد فصائل المقاومة في فلسطين سيزيد بالتأكيد من تكاليف الكيان الصهيوني، ويدفعه إلى النظر في جميع الجوانب قبل أي عمل ضد الفلسطينيين.
من ناحية أخرى، فإن الوضع في المنطقة ليس في مصلحة الكيان الصهيوني، وقد انحاز الرأي العام العربي في المنطقة إلى فصائل المقاومة، بسبب جرائم المحتلين في المسجد الأقصى والقدس، ومن الأمثلة الواضحة علی ذلك هجوم الجندي المصري الشهيد على الجيش الصهيوني، الذي دق ناقوس الخطر لنتنياهو على الحدود مع مصر.