الوقت - وصفت الرباط سبتة ومليلية بـ “مدينتين مغربيتين” في خطاب لوم ضد نائب رئيس المفوضية الأوروبية، وجهه المغرب ردا على تصريحات صدرت عن المسؤول الأوروبي، خلال مشاركته في القمة الأوروبية لوزراء الخارجية في بروكسيل، والتي اعتبرها “عدائية”.
وحسب ما أوردته صحيفة إلباييس الإسبانية، فان المغرب احتج رسميًا لدى المنظمات الأوروبية، حول تصريحات المسؤول الاوروبي التي اتهم فيها المغرب باستغلال “ورقة المهاجرين سياسيا” مؤكداً أن سبتة ومليلية مدينتان مغربيتان.
ويتشبث مارغريتيس شيناس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية المكلف بالهجرة بموقفه بأن المدينتين تتواجدان ضمن التراب الإسباني والأوروبي.
وبعثت وزارة الخارجية المغربية رسالة ضد “استهجان دبلوماسي” لنائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغريتيس شيناس، المسؤول عن الهجرة، على خلفية تصريحه.
وأرفقت الرباط المذكرة ذاتها بملحق فصلت فيه “التصريحات العدائية الرئيسية لمارغريتيس شيناس حول المملكة ومدينتي سبتة ومليلية المغربيتين منذ ماي 2021″، لافتة الى أنها “أعربت مرارا وتكرارا، وعبر قنوات مختلفة، عن رفض تصريحات مماثلة سابقة لنائب رئيس المفوضية”، داعية إلى “إنهائها بشكل قاطع للحفاظ على هدوء التعاون مع الاتحاد الأوروبي”.
وأشارت إليها في الملخص المقدم بـ “المدن المغربية”، وأوردت صحيفة الباييس هذا الأحد، أن المذكرة الشفوية التي قدمتها الرباط في الاتحاد الأوروبي تجمع “تصريحات معادية” لشيناس حول المغرب و “مدينتي سبتة ومليلية المغربيتين”. وأشارت هنا، الى أن الرسالة أحدثت “مفاجأة وعدم ارتياح” بين قادة الاتحاد.
وخلال الأشهر الماضية، اتخذت حكومة بيدرو سانشيز مقاربات مع المغرب لتطبيع العلاقات بين البلدين، والتي أفسدت فرحتها التوترات على الحدود والمرور غير المنتظم للأشخاص عبر أسوار مليلية وسبتة.
وفي تطور جديد للتوترات الدبلوماسية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أرسلت وزارة الخارجية المغربية مذكرة شفوية إلى المفوضية الأوروبية يوم 17 أيار (مايو) الجاري. وتعبر المذكرة عن “القلق العميق” للمغرب تجاه “التصريحات العدائية” التي أدلى بها شيناس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية المكلف بالهجرة، خلال قمة الأمن والدفاع الأوروبية التي عُقدت في بروكسل قبل أسبوع.
وأشارت صحيفة إلباييس إلى أن التصريحات العدائية لشيناس أثارت انزعاج المغرب، حيث اتهم فيها المملكة بـ”استعمال المهاجرين كأسلحة”. وأعربت المذكرة الشفوية عن استياء المغرب من هذه الاتهامات وأكدت أنها تعد اتهامات غير مقبولة وتشكل تجاوزًا للحدود الدبلوماسية.
ويرى محللون أن هذه الخطوة تأتي في إطار تأكيد المغرب لسيادته على سبتة ومليلية، وتأكيد أنهما جزء لا يتجزأ من التراب المغربي. وتعبر المذكرة عن رفض المغرب للمواقف التي تتناقض مع هذه الواقعة السياسية والقانونية،.. وتعكس الحرص على المحافظة على الوضع القانوني والتاريخي للمدينتين.
بهذا التأكيد الرسمي، يستمر المغرب في الدفاع عن مغربية سبتة ومليلية، ويسعى لتسوية المسائل ذات الصلة من خلال الحوار والتفاهم مع الجهات المعنية، مع الحفاظ على العلاقات الودية والتعاون المشترك مع الاتحاد الأوروبي.
وفي تعليق سابق، أكد الدبلوماسي والمدير السابق للمركز الوطني للاستخبارات (CNI) ، خورخي دزكالار،.. أن المغرب “لن يتنازل أبدًا” عن مطالباته في سبتة ومليلية، على الرغم من دعم إسبانيا لخطة الحكم الذاتي للصحراء.
ويعتقد خورخي دزكالار أنه يتعين على الحكومة الإسبانية تقديم تفسيرات واضحة حول الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع المغرب بعد إعلان دعمها لخطة الحكم الذاتي للصحراء، والتي تعتبر الحل “الأكثر جدية ومصداقية وواقعية” للصراع. وقال في مقابلة مع يوروبا برس “نأمل أن توضح الحكومة كيف يساهم قرارها في إيجاد حل للصراع أو ما هي الفوائد التي تجنيها إسبانيا منه”.
وذكر الدبلوماسي، الذي كان سفيرا للمغرب بين عامي 1997 و 2001،.. أن المغرب “استخدم” الهجرة “كسلاح” ضد إسبانيا، مذكرا بالدخول المكثف للمهاجرين إلى سبتة في مايو الماضي. ويؤكد أن تغيير موقف إسبانيا بشأن الصحراء لن يغير الواقع وأن المغرب سيستمر في المطالبة بسبتة ومليلية.
وأكد محمد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية أنه “على الرغم من أن قضية الصحراء المغربية تشكل أولوية للسياسة الخارجية للمغرب منذ عقود، إلا أن ذلك لم يمنع الرباط من المطالبة باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، رغم مناورات إسبانيا المتصاعدة وخاصة في السنوات الأخيرة وتكريس احتلالها للثغرين، مستغلة التركيبة الحالية للبرلمان الأوروبي، وخوف أوروبا من تسرب المهاجرين من الثغرين، فضلا عن انكباب المغرب الكامل على فضّ النزاع المفتعل في أقاليمه الصحراوية”.
وأوضح أن “تصريحات نائب رئيس المفوضية المكلف بالهجرة، المعادية للمغرب، تندرج في الإطار الذي يتناغم مع المساعي التي تقوم بها إسبانيا بمختلف مكوناتها، وبمساندة بعض الأحزاب والأطياف الأوروبية، لتكريس احتلالها لأراض مغربية، رغم إدراكها أن النظام الدولي لا يقر بسيادتها على المدينتين”.
وأضاف الطيار إن “المغرب وجه عدة مذكرات للمنظمة الأوروبية وإلى الأمم المتحدة تبين بوضوح أنه يرفض رفضا قاطعا كل محاولة تهدف لتكريس احتلال المدينتين بتوظيف ملف الهجرة غير النظامية أو فرض الأمر الواقع باستغلال انشغاله بملف قضية الصحراء المغربية، غير أن الاتحاد الأوروبي ورغم نهج الحوار الذي يعتمده المغرب في طرح قضية المدينتين وقضية الهجرة، كثف من اتخاذ مواقف معادية وقرارات مساندة للاستعمار الإسباني للمدينتين واستمراره في تمويل بنية تحية ومشاريع اقتصادية بالثغرين المحتلين، وهو ما شجع بعض مسؤولي هياكله على إصدار مثل هذه التصريحات المعادية لحق المغرب الكامل في بسط سيادته على كامل ترابه الوطني”.