الوقت- أثارت زيارة "دميرتاش" زعيم حزب الشعوب الديمقراطي لموسكو قلق "اردوغان" وحزبه ليشن سلسة من التصريحات بوجه "دميرتاش" بسبب اعتباره اسقاط الطائرة الروسية بالخطأ، فيما يرى "دميرتاش" أن الأوان قد آن لإنتهاج سياسة انفتاحية مسالمة خلافاً للسياسة الأردوغانية، وهو يرى في تصريحاته أن المواجهة مع روسيا أمر لا يقع في دائرة الصواب وعليه تأتي زيارته . نجاحات "دميرتاش" الأخيرة وحزبه في الإنتخابات النيابية أعطت زخماً لمؤيديه، فيما تعمل روسيا على رفع مستوى تحركها في المنطقة وخاصة حيال الملفات المتعلقة بالمسألة السورية والجماعات الإرهابية والتي ينظر فيها إلى الملف الكردي كعامل مؤثر فيها.
تصريحات حزب أردوغان تُناقض بعضها
كل ما جاء في تصريحات "دميرتاش" عبارة عن اعتبار اسقاط الطائرة الروسية بأنه خطأ، هذا التصريح اقتضى من "أردوغان" وحزبه بتوجيه انتقادات لاسعة معتبرين أن تصريح "دميرتاش" فضيحة وخيانة بكل معنى الكلمة، وأعتبروا بأن توجهه لزيارة موسكو خطأ فادحا، هذا في حقيقة الأمر ما يعكس تناقضاً شديداً لدى "أردوغان" وحزبه في الموقف والتصرف، فأردوغان بعد انتشار خبر اسقاط الطائرة صرح بأننا لو كنا نعرف بأن الطائرة روسية لما أسقطناها وهو ما يشير بوضوح و اعتراف ضمني بأن هذا التصرف كان خطأ. كما و أن "أردوغان" نفسه بذل الكثير من الجهود للقاء "بوتين" أو حتى اجراء اتصال معه لتقديم توضيح و اعتذار بالأمر لكن الأخير رفض، كما وأن وزارة الخارجية التركية التي بذلت الكثير من الجهود للقاء لافروف، واليوم توجه الإنتقادات لدميرتاش على زيارته لموسكو وتصريحاته، وهي نفس التصريحات التي أدلى بها المسؤولين في حزب "أردوغان"، و جهود اللقاء و الزيارة أيضاً كانت موجودة. هذا في واقع الأمر يعكس أن الخلاف بين "أردوغان" و "دميرتاش" هو ذات الخلاف الذي مرده لتلك الأسباب التي تدفع بأردوغان لشن عمليات قصف جوية على المناطق التي يقطنها الأكراد.
العقاب الروسي و الفرصة الكردية، أردوغان قلقاً
لا يرى "بوتين" مانعا في الإنفتاح على الأكراد و بناء علاقات وطيدة معهم بما فيهم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، فهو ليس مصنفاً على لائحة الإرهاب في روسيا، على الجانب الأخر فإن المكسب الروسي يأتي من الدخول إلى إحدى الأوراق التي لطالما استخدمتها أمريكا فيما مضى كورقة ضغط بوجه روسيا وخاصة في العراق وسوريا، كما أن الفائدة المشتركة للروس من جهة والأكراد من جهة أخرى تتمثل بالتعاون والتنسيق في ضرب جماعات الفكر الإرهابي والتي تعد خصم كليهما، هذا ما يشجع الطرفين للحديث عن افتتاح مكتب للحزب في روسيا . على الجاب الآخر فزعيم الحزب "دميرتاش" يرى في التعاون والتنسيق مع روسيا مكسبا سياسيا داخلياً وخارجياً وهو ما تقتضيه طبيعة العلاقات السياسية والإنفتاح على الأطر المؤثرة اقليمياً ودولياً.
مجريات الأمور هذه تقلق "أردوغان" وحزبه، وهي تضاف إلى العقوبات الإقتصادية التي فرضها "بوتين" كعامل نفسي مؤثر، وتثير المخاوف الأردوغانية من اشتداد قوة الأكراد والتي لطالما عمل "أردوغان" على قمعها وتحجيمها، هذه المخاوف تزيد من حدتها نتائج الإنتخابات الأخيرة والتي حصل فيها حزب "دميرتاش" على نسبة 10 بالمائة في مقابل تراجع ملحوظ لحزب "أردوغان". الإنفتاح الروسي على الأكراد في تركيا يزيد من أهميتها انتقادات "دميرتاش" المتكررة لسياسة أردوغان العدائية بوجه سوريا والعراق وأخرها روسيا. كما وأن "دميرتاش" يرى في توتر العلاقات مع روسيا كعامل ضاغط على رجال الأعمال الأتراك والطلبة المتواجدين في روسيا، وزيارته تأتي بحسب تعبيره كعامل مساعد للتجار والطلبة في اجتياز مشاكلهم.