الوقت- في مشهد يختزل التضامن الإنساني ويجسّد نبض الشعوب الحرة، انطلقت يوم الأحد مسيرة دولية حاشدة دعماً لقطاع غزة، بمشاركة آلاف المتضامنين من 32 دولة، هدفها الأسمى: كسر الحصار الإسرائيلي الجائر المفروض على القطاع منذ 18 عامًا، والمطالبة العاجلة بوقف حرب الإبادة المتواصلة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
المسيرة التي تنظمها حركة "المسيرة العالمية إلى غزة"، تنطلق من مختلف جهات العالم، حاملة معها قوافل الدعم الإنساني ورسائل التأييد الشعبي للفلسطينيين في مواجهة واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية المعاصرة.
من المقرر أن تلتقي هذه القوافل في العاصمة المصرية القاهرة يوم الخميس المقبل، حيث تنطلق جماعيًا نحو مدينة العريش شمال شرق مصر، ومن ثم يتابع المشاركون السير على الأقدام نحو معبر رفح الحدودي مع غزة، في خطوة رمزية تعبّر عن حجم الإرادة لكسر جدار الصمت.
وحسب المنظمين، تخطط القوافل لنصب خيام احتجاجية على مقربة من المعبر، في رسالة واضحة للكيان الإسرائيلي والعالم مفادها: "غزة ليست وحدها".
"قافلة الصمود" الجزائرية تتقدّم
وفي طليعة المشاركين، كانت "قافلة الصمود" الجزائرية التي انطلقت من الجزائر العاصمة يوم الأحد، متجهة عبر تونس إلى ليبيا، ومن هناك إلى الأراضي المصرية، لتلتحق بمسيرة العبور نحو غزة، وأكد يحيى صاري، رئيس "المبادرة الجزائرية لنصرة فلسطين وإغاثة غزة"، أن القافلة ذات طابع إنساني بحت، وتحمل في طياتها صوت الجزائر، الداعم دوماً لفلسطين.
وقال صاري: "نحن لا نحمل فقط مساعدات، بل نحمل رسالة: أنتم لستم وحدكم. نحن معكم في الألم والمعاناة، وهذه القافلة هي تعبير بسيط عن تضامننا"، وأوضح أن القافلة تندرج ضمن الحراك الشعبي الدولي المتنامي، الذي انطلق براً وبحراً وجواً، رفضاً للعدوان الإسرائيلي الإجرامي على المدنيين في غزة.
من المغرب إلى رفح: صوت الشعوب يعلو
ومن المغرب، أعلنت "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين" عن مشاركتها في المسيرة، حيث أكد منسقها عبد الحفيظ السريتي أن وفدًا مغربيًا سينتقل جوًا إلى القاهرة، ثم برًا إلى رفح، بهدف الضغط على الاحتلال لفتح المعابر، ووقف الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.
السريتي قال: "منذ السابع من أكتوبر، لم يغادر المغاربة الميادين، وسنواصل دعمنا للمقاومة، ونقول للعالم إن الشعب الفلسطيني يُباد أمام أعينكم، بالأسلحة الأمريكية وتواطؤ الصمت الدولي"، وطالب المجتمع الدولي بتحرّك عاجل لوقف هذه الجرائم، وإدخال المساعدات الإنسانية دون تأخير.
في البحر أيضًا... "مادلين" تقترب ولكن تحتجز
تزامناً مع انطلاق المسيرة البرية، اقتربت سفينة "مادلين" التضامنية من الوصول إلى شواطئ غزة، ما أثار رد فعل عنيفاً من جانب الاحتلال الإسرائيلي، حيث أعلن وزير الدفاع يسرائيل كاتس أنه أعطى أوامر بمنع السفينة من دخول القطاع المحاصر، واحتجزت القوات الإسرائيلية السفينة، التي تقل على متنها ناشطين بارزين بينهم السويدية غريتا ثونبرغ والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام.
يُذكر أن سفينة أخرى، "الضمير"، كانت قد تعرضت لهجوم بطائرة إسرائيلية مسيّرة في مايو الماضي أثناء محاولتها كسر الحصار عن غزة، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها.
غزة تنزف والعالم يتحرك
منذ بداية العدوان الإسرائيلي في أكتوبر، ارتكبت قوات الاحتلال، بدعم أمريكي مباشر، مجازر مروعة بحق المدنيين في غزة، أكثر من 181 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب آلاف المفقودين، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة تضرب سكان القطاع، كل ذلك وسط تجاهل فاضح للأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية بوقف الإبادة.
اليوم، يعيش قرابة 1.5 مليون فلسطيني بلا مأوى، بعدما دُمّرت منازلهم في حربٍ لم تترك حجراً على حجر، ولا روحاً بريئة دون تهديد.
المسيرة... أكثر من خطوة رمزية
هذه المسيرة ليست مجرد فعالية تضامنية، بل هي تجسيد للإرادة الشعبية العالمية، التي بدأت تُحاصر المحتل على كل الأصعدة، وتعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد العالمي، إنها رسالة تقول للعالم: إن صمت الحكومات لن يحجب صوت الشعوب، وإن فلسطين ليست وحدها في وجه الإبادة، في زمن العتمة، تمشي قوافل الأحرار نحو غزة... على طريق العدالة، وفي درب الكرامة.