الوقت – اتهم الإعلام الإسباني النظام المغربي بتوريط حكومة مدريد في خرق العقوبات المفروضة على روسيا أوروبيّا، بعد أن كشف رئيس شركة محلية أن منتجات النفط الروسي وتحديدا “الديزل” لا تزال تدخل الأراضي الإسبانية، وأحيانا تنقل أيضا إلى باقي الدول الأوروبية، وذلك رغم الحظر الأوروبي على موسكو.
وكشفت صحيفة “إلموندو” الإسبانية أن المغرب بدأ يستورد بنهاية 2022 ما بين 50 ألفا و 100 ألف برميل من الوقود يوميا من روسيا، مؤكدة أن المملكة أضحت من بين أكثر زبائن روسيا طلبا للمنتجات النفطية الروسية بإفريقيا.
واتهمت الصحيفة الإسبانية المغرب بالتورط في ولوج منتجات النفط الروسي وتحديدا الديزل للأراضي الإسبانية ونقلها لبعض الدول الأوروبية، وذلك رغم الحظر الأوروبي والعقوبات المفروضة على موسكو.
ونقلت “إلموندو” عن مصادر بقطاع الطاقة أن ذلك يعادل في المتوسط أكثر من سبعة ملايين لتر من هذا الوقود يوميا، ما سمح لروسيا بأن تصبح المزود الأول للمغرب مزيحة بذلك السعودية.
وقالت إنه بين يناير ومارس العام الماضي، وصلت شحنتان من الديزل إلى الموانئ الإسبانية و أثارت الشكوك بسبب مسارها غير العادي. إذ تم تحميلهما في بريمورك (روسيا) وغادرتا إلى طنجة شمال المغرب، فيما تزعم أن أصل الوقود المنقول كان سعوديا.
وفي هذا الصدد، أعلنت مدريد أنها قررت الشروع في التحقيق في إمكانية دخول منتجات للنفط الروسي، وقالت إنها ستلتزم بتتبع مصادر كل شحنات النفط الروسي الذي يدخل أوروبا عبر أراضيها، وفق ما نقلت وكالة “يوربا بريس”.
وقالت تيريزا ريبيرا، النائبة الثالثة لرئيس الحكومة الإسبانية ووزيرة التحول البيئي والتحدي الديمغرافي إنها ستطلب تنفيذا فوريا لتتبع جميع واردات منتجات الطاقة إلى أراضي الأوروبية.
تصريحات نائبة سانشيز جاءت بعد أيام من تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة ريبسول، جوسو جون إيماز، الذي أشار فيها إلى أن الديزل الروسي يدخل من وجهات مثل تركيا وشمال إفريقيا.
ورغم أن إيماز لم يذكر المغرب، إلا أن وسائل إعلام إسبانية بدأت في شن حملة ضد المغرب واتهامه بتصدير الديزل الروسي إلى إسبانيا بشكل عكسي.
وأمام الضجة، تعهدت الوزيرة الإسبانية بالتحقيق لكنها قالت إن المشاورات الأولى أظهرت أن الوثائق التي يقدمها المستوردون سليمة وتظهر بشكل واضح مصدر الوقود والمسار الذي قطعه.
ومنتصف أبريل الجاري، قالت وكالة “سبوتنيك” إن المغرب كان من بين أكثر الدول الإفريقية المستوردة للغازوال الروسي، خلال شهر مارس الماضي، إلى جانب كل من الجزائر وتونس.
وأوضح مكتب الإحصائيات نانس ميديا المتخصص في قطاع النفط والغاز إن الدول المغاربية الثلاثة احتلت الصدارة شهر مارس الماضي واستحوذت على 30 في المئة من إجمالي صادرات الغازوال الروسي
وحسب المعطيات ذاتها، فإن المغرب استورد 12 في المئة من إجمالي صادرات روسيا من الغازوال، فيما بلغت حصة تونس 10 في المئة والجزائر 8 في المئة.
وتصدرت تركيا قائمة الدول المستقبلة لشحنات الغازوال الروسية، حيث بلغت حصتها ما يقارب 33 في المئة من إجمالي صادرات موسكو.
وفي السياق ذاته، سجلت “سبوتنيك” أن روسيا حافظت خلال الأشهر الماضية وتحديدا مارس من الحفاظ على إمدادات مستقرة لدول “صديقة أو محايدة”.
وأشارت إلى أن “التعامل مع السوق الأوروبي ظل مستقرا، وذلك رغم العقوبات التي فرضت على موسكو بسبب الحرب على أوكرانيا”.
تأتي هذه المعطيات تزامنا مع اتهامات متفرقة موجهة لشركات المحروقات باستيراد غازوال روسي “رخيص” للاحتيال على المغاربة، وهو ما رفضته وزارة الاقتصاد والمالية.
وأكدت في المقابل أن “مجموعة من الدول وخاصة منها النامية لم تحضر استيراد المنتوجات النفطية الروسية كما لم تلتزم المملكة بتقييد امداداتها من المنتجات البترولية روسية المصدر”.
وفي جواب على سؤال كتابي للفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أوضحت نادية فتاح وزيرة الاقتصاد والمالية، أن المعطيات الإحصائية المتوافرة لدى إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة تؤكد أن “حصة واردات الغزوال الروسي شكلت 9 بالمئة سنة 2020 و5 بالمئة سنة 2021 و9 بالمئة سنة 2022″.
وبخصوص 2023، كشفت الوزيرة المغربية أنها بلغت، خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير إلى 27 فبراير 2023، نسبة 13 بالمئة.
وأفادت الوزيرة، بأنه ” بخصوص القيمة المصرح بها تبين أن متوسط سعر الطن من الغازوال الروسي خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير إلى 27 فبراير سنة 2023، بلغ 9.522 درهم للطن مقابل 10.138 درهم للطن بالنسبة لبقاي الواردات من الغازوال من باقي الدلو أي فارق 6 بالمئة”.
وكانت الصحافة الإسبانية ومنها الباييس، والدولية مثل فاينانشال تايمز، قد تناولت خلال يناير الماضي كيف تناور الشركات الروسية لبيع البترول وخاصة الغازوال في السوق الدولية للكثير من الدول، ومنها الأوروبية، لتجنب الحظر المفروض على الشركات الروسية، أو بسبب تحديد الكميات التي يُسمح بإدخالها إلى السوق الغربية.
وكان مجلس أوروبا قد منع في قرار له خلال يونيو الماضي، استيراد النفط الخام وإدخاله بحرا إلى الأراضي الأوروبية. ثم قام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يوم 5 فبراير الماضي بمنع الدول الأعضاء من استيراد النفط الروسي.
وكان الاعتقاد في البدء، هو أن السفن التي ترسو قبالة مياه مدينة سبتة المحتلة، تبيع لشركات في هذه المدينة، مستغلة بأنها سوق حرة، لكن تبين لاحقا تورط شركات مغربية في استيراد الغازوال الروسي وبيعه مجددا إلى الأوروبيين. وكانت فضيحة الغازوال الروسي قد اندلعت في المغرب خلال فبراير الماضي، عندما طلب حزب الاتحاد الاشتراكي من الحكومة، تقديم توضيحات حول التلاعب في الغازوال الروسي.
والمثير أن شركات مغربية تقوم باستيراد الغازوال الروسي منذ شهور إلى ميناء مدينة طنجة في مضيق جبل طارق عبر شركات مسجلة في مناطق حرة، وتشتريه من السفن الروسية في المياه الدولية للمضيق، ثم تدّعي أنه مستورد من مناطق آسيوية أو أمريكية. ولم تقم حكومة الرباط بأي تحقيق في هذا الملف.
ووجدت الحكومة الإسبانية نفسها مجبرة على فتح تحقيق بشأن كيف يدخل الغازوال الروسي إلى السوق المحلية، وذلك تطبيقا لقرار 5 فبراير الذي يحظر استيراد النفط الروسي ومشتقاته.
وإذا ثبت تورط شركات مغربية في هذا الملف، فقد يترتب عنه إجراءات أوروبية وأمريكية ضدها وضد ومدرائها مثل وضعهم في لائحة سوداء.
وكان مسؤول من الشركة العملاقة للنفط الإسبانية “ريبسول” جون إيماز، قد صرح وفق هافتنغتون (النسخة الإسبانية) في عدد السبت الماضي أن “الأسوأ أنه على الرغم من العقوبات، ما زال الديزل الروسي معروضا في السوق. لا يزال معروضا في السوق الأوروبية والإسبانية. بالطبع هناك عدة وجهات يصل عبرها، تركيا وشمال إفريقيا.. لكن هذا الديزل قادم إلى الاتحاد الأوروبي “. وطلب هذا المسؤول من الاتحاد الأوروبي تطبيق قانون المحروقات ضد روسيا.
وإذا أسفر التحقيق عن نتائج تؤكد فرضية بيع شركات مغربية للغازوال الروسي للأسواق الأوروبية، وقتها قد يترتب عنه إجراءات أوروبية وأمريكية ضد هذه الشركات ومدرائها مثل وضعهم في لائحة سوداء وربما مصادرة ممتلكاتهم في الدول الأوروبية.