الوقت- من أكثر القضايا سخونة اليوم في العراق النقاش حول الموافقة على الموازنة التي قدمتها حكومة السوداني إلى البرلمان.
إن أهمية هذه الموازنة لإدارة الدولة من قبل حكومة السوداني كبيرة لدرجة أن العديد من الجماعات السياسية قد ربطت مكاسبها السياسية بهذه الموازنة.
وبشكل عام لا بد من القول إن مبلغ الموازنة 198.6 تريليون دينار (ما يعادل 136 مليار دولار) ومقدار الدخل المتوقع فيها 134.5 تريليون دينار (ما يعادل 92 مليار دولار)، وعليه تظهر الحسابات الحسابية البسيطة أن عجز هذه الموازنة يبلغ نحو 63 تريليون دينار (ما يعادل 43 مليار دولار).
انتقادات عامة لموازنة 2023
بشكل عام، معظم الانتقادات لهذه الموازنة وجهتها الأحزاب الشيعية والسنية، وفضلت الأحزاب الكردية مواكبة هذه الخطة نسبيًا. والسبب في هذا التوافق هو الاتفاق الأخير بين بغداد وأربيل، والذي دفع الأحزاب الكردية إلى تجنب اتخاذ موقف حاد تجاه الحكومة المركزية العراقية.
الانتقادات العامة لموازنة 2023 لحكومة السوداني
1- فترة الموازنة
وفقًا للعرف العالمي المشترك، يتم تقديم قوانين الموازنة سنويًا من قبل الحكومة إلى البرلمان. حتى في البلدان التي لا يتم فيها تعريف الفصل بين السلطات بهذه الطريقة، تصدر الحكومات قانون الموازنة "سنويًا". التقليد الكلاسيكي في العراق هو نفس الشيء، لكن المشكلة تكمن في أن قوانين الموازنة عادة لا تُعرض على البرلمان في الوقت المحدد أو تتأخر الموافقة عليها. وبهذه الطريقة، يبدأ العام الجديد بينما لم تتم الموافقة على الموازنة بعد.
وبلغ هذا العمل ذروته في عام 2022، عندما لم يتم تشكيل الحكومة الجديدة بسبب الأزمة السياسية، كما افتقرت حكومة الكاظمي إلى السلطة القانونية لصياغة الموازنة؛ لذلك تم تنفيذ موازنة العام السابق بالضبط الآن، بينما انتهى الشهر الرابع من عام 2023، ولم يقر البرلمان موازنة 2023 بعد.
في مثل هذا الوضع وبدلاً من تقديم موازنة سنوية قدمت حكومة السوداني خطة كموازنة للبرلمان يفترض أن تستمر 3 سنوات. وبطبيعة الحال، قوبل هذا العمل بانتقادات محلية واسعة النطاق؛ لأنه غير مسبوق ليس فقط في العراق بل في العالم ايضا.
من ناحية أخرى، يرى البعض أن خطة حكومة السوداني لوضع موازنة لثلاث سنوات هي قرار سياسي بالكامل. وفقًا للاتفاقيات التي تم التوصل إليها وقت تشكيل الحكومة، تعهد إطار التنسيق الشيعي بإجراء انتخابات مبكرة. لكن في الأشهر الأخيرة، أعلن بعض القادة السياسيين المقربين من الحكومة أنه لا داعي لإجراء انتخابات مبكرة وستظل حكومة السوداني في مكانها حتى عام 2025.
ومن المفارقات، أن الخطة المقترحة لموازنة العراق من المفترض أيضًا أن تكون صالحة حتى نهاية عام 2025، ونتيجة لذلك، فإنها تعمل عمليًا على استقرار الحكومة الحالية حتى ذلك الحين.
إضافة إلى ما سبق، يمكننا سرد المزيد من الأسباب التي تُظهر أن قرار الحكومة بتقديم خطة الموازنة الثلاثية له توجهات سياسية قوية، حيث كانت الموازنة السنوية من أهم أدوات الرقابة في مجلس النواب، والآن ستؤدي الموافقة عليها لمدة ثلاث سنوات إلى إبعاد الحكومة عمليا عن رقابة وضغط البرلمان. هذا الموضوع مهم جدا للأحزاب السنية، لأن قوة هذه الأحزاب في تقسيم المناصب في النظام السياسي العراقي تتجلى في البرلمان ورئاسته، وبهذه الموازنة يصبح البرلمان عملياً برلماناً شرفياً.
يجب أن نضيف إلى هؤلاء قلق العديد من الأحزاب الشيعية التي تخشى مثل هذا العمل، لأنه بمثل هذه الموازنة، يتم وضع مبالغ ضخمة من المال تحت سيطرة الحكومة دون إشراف مستمر، ومن وجهة نظرهم، في مثل هذه الحالة، يمكن لمحمد شياع السوداني بسهولة استخدام هذه المبالغ لصالح مستقبله السياسي - وخاصة في انتخابات مجالس المحافظات.
وتجدر الإشارة إلى أن التجارب السابقة أظهرت أن رؤساء وزراء العراق يتجهون نحو تشكيل أحزاب سياسية متحالفة معهم. إذا كان رؤساء الوزراء السابقين قد شكلوا حزبًا متماسكًا خلال فترة ولايتهم؛ محمد شياع السوداني شكل "حزب فراتين" قبل عامين والآن يمكنه استغلال هذه الفرصة لتقوية تنظيمه.
2- عجز كبير في الموازنة
وحسب جهات مختلفة، فإن عجز الموازنة الجارية البالغ 63 تريليون دينار مرتفع للغاية. وتكمن أهمية هذه الحالة في أنه إذا انخفض سعر النفط سيزداد عجز الموازنة، ونتيجة لذلك ستواجه الحكومة مشكلة في دفع رواتب موظفيها. في هذا السياق، لا ينبغي أن ننسى أنه بفضل التعيينات الجديدة من قبل الحكومة الحالية، سيصل عدد أصحاب الرواتب في العراق إلى أكثر من 4 ملايين شخص.
3- مشكلة أسعار النفط
انتقاد آخر للموازنة الحالية هو قضية أسعار النفط. ومن المتوقع أن يكون سعر النفط في هذه الموازنة حوالي 70 دولاراً. لكن بالنظر إلى تقلبات المنطقة والعالم، فإن مثل هذا التنبؤ بعيد بعض الشيء عن الواقع في رأي البرلمان. في الواقع، أكثر من 80٪ من دخل العراق يعتمد على بيع النفط، وإذا كان متوقعا أنه سيباع بسعر 70 دولارا، وهذا التوقع لم يتحقق في أي وقت خلال هذه السنوات الثلاث، فإنه ستواجه الحكومة مشاكل في توليد الدخل، ونتيجة لذلك، فإن الإنفاق الذاتي سيعاني، بما في ذلك دفع رواتب الموظفين.
انتقادات طفيفة لموازنة 2023
وهي الانتقادات المتعلقة بطبقة معينة أو منطقة معينة، وفي هذا السياق وجهت مطالب وانتقادات للحكومة الحالية من قبل البرلمان. على سبيل المثال، تريد الأحزاب السنية زيادة موازنة محافظاتها، وكذلك الأمر بالنسبة للأحزاب الشيعية.
أو أن أنصار محور المقاومة والحشد الشعبي، على سبيل المثال، يريدون ضم مجندين جدد وتخصيص مبالغ لدفع البعض منها مقابل الفروقات لقوات هذا التنظيم في قانون الموازنة الحالية. بشكل عام، تم تضمين هذه الأنواع من الانتقادات أو المطالب في الموازنة الحالية.
