الوقت- أعلن قادة الاحتجاج ضد خطة "إصلاح القضاء" في إسرائيل الاستمرار في فعالياتهم، رغم قرار رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تجميد خطته المثيرة للجدل بشكل مؤقت، وواصل آلاف المتظاهرين التدفق إلى الشوارع في مدن إسرائيلية، بما في ذلك تل أبيب، مؤكدين ضرورة إلغاء جميع التشريعات التي تتضمنها الخطة، وعدم الاكتفاء بتجميدها مؤقتاً. وفي وقت سابق من مساء الإثنين الماضي، قال نتنياهو في خطاب متلفز "قررت تعليق تصويت الكنيست على تشريعات إصلاح القضاء، للتوصل إلى اتفاق واسع من منطلق المسؤولية الوطنية والرغبة في منع انقسام الأمة". واندلعت اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين، الذين حاولوا الوصول إلى شارع أيالون في تل أبيب وإغلاقه، وفق صحيفة "هآرتس" العبرية، واستخدمت الشرطة وسائل تفريق المتظاهرين مثل الخيالة وسيارات المياه العادمة والقنابل الصوتية لمنع المتظاهرين من الوصول للشارع الرئيسي، حسب الأناضول.
كما قرر عمال التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل مواصلة التظاهرات ضد خطة الإصلاح، مشيرين إلى أن خطاب نتنياهو أدى إلى هجوم من المتظاهرين الداعمين له على المتظاهرين ضد الخطة. وأضافوا: "هذا ليس تأجيلاً للخطوة، بل محاولة تخدير فاشلة لنا، وسنواصل الاحتجاج حتى يتم إلغاء إقرار الخطة بشكل كامل، وهو شرطنا لبدء مفاوضات مفتوحة". ومن جهتها، قالت "الحركة من أجل جودة الحكم" إنها "ستواصل الاحتجاجات ضد الخطة القانونية رغم تصريح نتنياهو تعليق التصويت عليها". ودعت الحركة قادة المعارضة إلى الاستمرار في محاربة خطة الإصلاح التي ستجعل إسرائيل دولة "ديكتاتورية"، مشيرين إلى أن تأجيل الخطة ليس الحل الوحيد
وأصيب شرطيان إسرائيليان بعدما ألقى متظاهرون تجاههم الزجاجات، في تل أبيب، ونقل موقع "والا" عن قادة الاحتجاج قولهم "مستمرون في التظاهر". وحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اعتقلت الشرطة ما مجموعه 33 متظاهراً خلال احتجاجات تل أبيب، ليلة الاثنين الماضية. وكان رئيس المعارضة، يائير لبيد، رحب بشكل حذر بخطاب نتنياهو بشأن تجميد "إصلاح القضاء"، وقال لبيد في تغريدات على تويتر "يجب أن ندع للرئيس (إسحاق هرتسوغ) تحديد آلية التفاوض ونثق به كوسيط عادل. هذا كل ما طلبناه في الشهرين الماضيين: حوار حقيقي وبناء من قيادة مستعدة لتحمل المسؤولية". وأضاف "هذه أكبر أزمة في تاريخ البلاد. لدينا مسؤولية لحلها معاً، حتى نتمكن من العيش سوياً هنا، نحتاج اليوم إلى بناء البلد الذي سيعيش فيه أطفالنا في المستقبل".
لكنه ألمح إلى إمكانية اتخاذ رئيس الوزراء القرار كمناورة لتهدئة الأجواء المتوترة في الشوارع قائلاً "سمعنا بقلق التقرير الذي بموجبه قال نتنياهو لرفاقه المقربين: أنا لن أتوقف في الحقيقة، أنا فقط أهدئ الأرواح"، وحذر لبيد من أنه "إذا حاول نتنياهو المناورة، فسيجد مرة أخرى مئات الآلاف من الوطنيين الإسرائيليين العازمين على النضال من أجل ديمقراطيتنا" وكان نتنياهو أقال، مساء الأحد الماضي، وزير الأمن يوآف غالانت، بعد يوم من مطالبة الأخير للحكومة بوقف خطة "إصلاح القضاء"، وعلى إثر ذلك، شهدت إسرائيل احتجاجات ليلية حاشدة استمر زخمها حتى ساعات فجر يوم الإثنين الماضي.
وقالت تقارير إسرائيلية بأن عدد المتظاهرين في الشوارع الإسرائيلية، مساء الأحد، بلغ 500 ألف متظاهر، خرجوا تلقائياً دون تنسيق مسبق في أعقاب الإعلان عن إقالة غالانت، فيما اعتبر مسؤولون في الائتلاف أن نتنياهو ارتكب "خطأ استراتيجياً" بإقدامه على إقالة غالانت. ومنذ 12 أسبوعاً، يتظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين ضد خطة "الإصلاح القضائي" التي تدعمها حكومة نتنياهو، ويعارض المحتجون الخطة التي يأمل نتنياهو وحلفاؤه اليمينيون والدينيون تمريرها، والتي من شأنها أن تحد من سلطات المحكمة العليا في إصدار أحكام ضد السلطتين التشريعية والتنفيذية، بينما تمنح أعضاء الكنيست الإسرائيلي سلطات حاسمة في ما يتعلق بتعيين القضاة.
ومن جانبه، دعا رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي الجنود إلى مواصلة أداء واجبهم، والتصرف بمسؤولية في مواجهة الانقسامات الاجتماعية المريرة، حسب وصفه. وقال هاليفي -في تصريحات نشرها المكتب الإعلامي العسكري- إن هذه المرحلة مختلفة عن أي مرحلة شهدتها إسرائيل من قبل. وأضاف إن إسرائيل لم تشهد توالي مثل هذه الأيام "المفعمة بالتهديدات الخارجية في وقت تتشكل فيه عاصفة في الداخل"، وفقا للبيان. ومن جانبه، طالب رئيس لجنة الأمن في الكنيست بإعادة وزير الدفاع إلى منصبه بعد أن أقاله نتنياهو ردا على مطالبته بالعدول عن خطة إصلاح القضاء، ورأى رئيس لجنة الأمن في الكنيست أن "هذا ليس الوقت المناسب لتغييرات في وزارة الدفاع".
من ناحية أخرى، رحبت الولايات المتحدة بإعلان نتنياهو تعليق تشريع التعديلات القضائية. وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير أن تأجيل هذه التعديلات سيتيح الفرصة للتوصل إلى تسوية تخرج إسرائيل من الأزمة. وأضافت إن مزاعم تمويل واشنطن للاحتجاجات "باطلة ولا أساس لها". وأظهر الاستطلاع أن 47% من الجمهور الإسرائيلي يصف الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها (إسرائيل) بالسيئة والسيئة جدًا مقارنة بـ30% مما كانت عليه في الفترة السابقة وهو ما يمثل زيادة حادة في عدد المواطنين الذين عبّروا عن قلقهم مما يحدث في الحلبة السياسية والشارع الإسرائيلي. كما أظهر أن 46% من الجمهور الإسرائيلي يشعرون بقلق كبير وخشية من مستقبل الوضع الأمني في ظل استمرار العمليات مقارنة ب 31% خلال الفترة الماضية.
وأظهر استطلاع نشرته هيئة البث الإسرائيلي "كان" أن 64% من الإسرائيليين يخشون من التبعات الاقتصادية للتعديلات القضائية التي يقودها الائتلاف الحكومي الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو، فيما اعتبر 56% أن هناك علاقة مباشرة بين هذه التشريعات ومحاكمة نتنياهو بتهم فساد. وأوضح الاستطلاع أن 64% من المستطلعة آراؤهم يخشون التبعات الاقتصادية لخطة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، مقابل 28% قالوا إنهم لا يخشون ذلك، و8% أجابوا بـ"لا أعرف". وحسب الاستطلاع الذي أجري بواسطة معهد "كانتر" وشارك فيه نحو ألف شخص، فإن 51% من الإسرائيليين يعارضون الإجراءات التشريعية، مقابل تأييد 31%، فيما امتنع 18% عن الإجابة.
كما كشف الاستطلاع، الذي أُجري يومي 26 و27 شباط/ فبراير الماضي، أن 56% من الإسرائيليين يعتقدون أن هناك علاقة بين الخطة ومحاكمة نتنياهو، مقابل 28% لا يرون ارتباطا بين المسألتين، و16% لم يكونوا رأيًا حول المسألة. وحمّل 46% من المستطلعة آراؤهم، ائتلاف حكومة نتنياهو، مسؤولية "الشرخ" في المجتمع الإسرائيلي الناجم عن التحركات التشريعية، بشأن القضاء، بينما اتهم 33% المعارضة، ولم يكن لدى 21% رأيًا حول الأمر. ويعيش الشارع الإسرائيلي انقسامًا في الرأي بين مؤيديين للخطة الحكومية لـ "إصلاح جهاز القضاء"، وبين رافضين لهذه الخطة. ويتظاهر آلاف الإسرائيليين منذ نحو 8 أسابيع ضد خطة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، ومن المتوقع أن تستمر الاحتجاجات خلال الأسابيع المقبلة.
لقد وقعت هذه المظاهرات في ظل صراع عنيف بين الائتلاف الوزاري اليميني المتطرف برئاسة نتنياهو والفصيل المعارض برئاسة رئيس الوزراء السابق يائير لابيد. وينظر قادة معارضة النظام الصهيوني في الإصلاحات القضائية لحكومة نتنياهو لإضعاف النظام القضائي ومحاولة نتنياهو منع محاكمته في ثلاث قضايا فساد ورشوة، وقد أثاروا منذ فترة طويلة نقطة أن هذه الإجراءات لمجلس الوزراء ستحرج النظام الصهيوني وسيؤدي ذلك إلى الصراع والحرب الأهلية والانهيار التدريجي. وتناقلت وسائل الإعلام الصهيونية الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية المتردية في هذا النظام الغاصب. وحسب صحيفة "غلوبس" الاقتصادية (الصهيونية)، "أينما نظرت، أصبحت الشوارع والتقاطعات والمنطقة الواقعة أمام "الكنيست" تعَبر عن الغضب الإسرائيلي. ويوم الاثنين، ترك حوالي 300 ألف إسرائيلي وظائفهم وسكنهم في مدن أخرى وتوجهوا إلى مبنى الكنيست للتعبير عن احتجاجهم أمام النواب في الوقت نفسه الذي يناقش فيه البرلمان عملية الإصلاحات القضائية".