الوقت- لا يخفى على أحد أن السنوات الماضية شهدت نمواً متزايداً في الخيانة والسقوط في مستنقع التطبيع مع الاحتلال الصهيوني وقد ساعدت بعض الأنظمة لبعض الدول الخليجية هندسة تلك الخيانة في محاولة بائسة منها للقضاء على القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية فلسطين، وهنا لابد من الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من تعدد الدوافع، واختلاف الأسباب التي سعت الأنظمة المطبعة لاستخدامها لتبرير تطبيعها مع كيان الاحتلال والسقوط في خطيئة التطبيع الا أن النتائج كانت عكسية على من قام بالتطبيع حيث أظهرت الشعوب العربية والإسلامية رفضها المطلق للتطبيع مع الصهاينة وهذا ما شهدناه خلال الفترة الماضية حيث سبق وأن صرح الصحفيون «الإسرائيليون» خلال العام الماضي بذهولهم من رفض استجابة الشعوب العربية والإسلامية في مونديال قطر 2022لمقابلات «إسرائيلية»، إضافة إلى ذلك صرح الصحفيون الإسرائيليون سابقاً أن الأنظمة العربية طبعت وأن الشعوب العربية لم تطبع، أيّ الشارع شيء، ورأي الحكومة شيء آخر، وكأنّ «إسرائيل» كذبت عليها الأنظمة بتقرير مزيف عن شعوبها.
وفي هذا السياق يوماً بعد آخر يتضح جلياً القلق للإنظمة المطبعة والكيان الصهيوني جراء الفشل الواضح لمشروع التطبيع، نعم هذه هي الحقيقة فالتطبيع هو عبارة عن تحقيق علاقات بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني لكسر الرواية المشوهة عن «إسرائيل»، ومن خلال الاحداث الاخيرة والتقارير الصادرة حول التطبيع وزيادة المظاهرات المناهضة للتطبيع ،اتضح بشكل واضح أنّ الأنظمة الخليجية، كانت تكذب على الكيان الصهيوني وكان الحكام المطبّعون يقدمون له أماني معسولة، ليكسبوا دعماً وسنداً صهيونياً ويحققوا مصالح أمنية في بلادهم لحماية عروشهم، وكانت الأنظمة العربية تقدّم تقارير خاطئة عن الشعوب العربية وأنها قابلة للتطبيع، لذلك فإن ما نشر موخراً حول التطبيع يعتبر صدمة كبيرة فلن تكتمل فرحة الصهاينة ولن يلتقطوا ثمرة صفقة قرن واتفاق أبراهام.
لقاء إماراتي إسرائيلي
خلال الأيام الماضية كشفت وسائل الإعلام عن لقاء حدث بين إحدى الدول الخليجية المطبعة وقادة الكيان الصهيوني، حيث تمحور اللقاء حول التطبيع وفي هذا السياق التقى مسؤول كبير في حكومة الإمارات برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وحذره حسب ما ورد من أن سلوك الحكومة الإسرائيلية يوتر العلاقات بين البلدين.
وأفادت قناة “كان” العامة أن رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان أرسل مستشاره الرفيع خلدون المبارك من أجل ابلاغ رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية بشأن معاملتها للفلسطينيين.ونقل عن المبارك قوله لنتنياهو: “توجه هذه الحكومة يتعارض تماما مع اتفاقات إبراهيم”.
وأضاف المبارك : تصرفات الحكومة الإسرائيلية تعرض أي تقدم محتمل في العلاقات مع الإمارات والدول العربية الأخرى للخطر. بعض السياسيين [الإسرائيليين] يدعمون العنف. هذا يتعارض مع روح اتفاقيات إبراهيم والممارسات الحالية، ويعرض الاستقرار الإقليمي للخطر".
بعد نقل وسائل الإعلام الصهيونية للقاء الذي تم بين مسؤول إماراتي كبير و رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، علق المحللون الصهاينة وأبدو قلقهم حول مصير التطبيع القائم بين الكيان الصهيوني ودولة الإمارات، حيث عبر الخبراء الصهاينة أن جميع المؤشرات تؤكد أن مصير التطبيع هو الفشل، وإضافة إلى ذلك فقد ذهب البعض للقول إن هذا العام يعتبر العام الأصعب على الكيان الصهيوني وإن جميع الأحداث الاخيرة في داخل الكيان الصهيوني تؤكد أن الكيان يواجه أياما عصيبة جداً.
إلغاء موعد زيارة نتنياهو إلى الإمارات
وفقا لتقرير القناة 12، حذر المبارك نتنياهو من أن عدم الاستقرار سيكون له تأثير ضار على الاستثمارات المالية الإماراتية في إسرائيل.وكان من المقرر أن يقوم نتنياهو بأول زيارة رسمية له إلى أبو ظبي في يناير، لكن آل نهيان ألغى الزيارة بعد أن زار وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير الحرم القدسي، ما وصفته الإمارات بـ”اقتحام الوزير لباحة المسجد الأقصى”.ولم تتم إعادة دعوة نتنياهو إلى أبو ظبي منذ ذلك الحين، وأبلغ رئيس الوزراء أعضاء حكومته أنهم محظورون من زيارة الدولة الخليجية حتى أن يقوم بزيارة رسمية للعاصمة الإماراتية، حسبما أفادت القناة 12.
وورد أن نتنياهو فرض حظرا مماثلا فيما يتعلق بزيارة الولايات المتحدة، التي لم توجه بعد دعوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي للقيام بزيارة رسمية. وقد أثارت الحكومة الإسرائيلية مرارًا غضب إدارة بايدن، التي استدعت يوم الثلاثاء السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايك هرتسوغ لعقد اجتماع مفاجئ نادر.
وفي هذا الصدد قال المبارك، الذي التقى أيضا بالرئيس إسحاق هرتسوغ، لنتنياهو إن “تصعيد” حكومته ضد الفلسطينيين يخلق عدم استقرار إقليمي و”يصب في مصلحة المتطرفين”، الذين قال إنهم يبحثون عن أي عذر للمواجهات، حسب التقرير.
التطبيع فشل ..الأسباب و السيناريوهات القادمة
لقد كان الكيان الصهيوني يأمل بتعزيز العلاقات مع الدول الخليجية وانضمامها إلی عملية التطبيع، لكن ما يحدث الان مخالف لمزاعم الصهاينة، حيث كانت السلطات الصهيونية تأمل في أنه مع توقيع اتفاقيات “أبراهام” بين الإمارات والبحرين مع الكيان الصهيوني، لم يعد تطبيع العلاقات أمراً محرماً وأن تسلك المزيد من الدول هذا المسار، لكن وفي الوقت الحالي يتضح أنه لا يوجد بلد على استعداد لقبول هذا العار، وغضب الرأي العام من عملية التطبيع يتزايد يومًا بعد يوم. حيث إن أولى التحديات التي تواجه استمرار التطبيع مع الكيان الصهيوني هي معارضة الشعوب لأي تطبيع فخلال الفترة الماضية نشرت صورًا لتظاهرات شعبية في بلدان مختلفة، ردّد المشاركون فيها شعارات مناهضة لتطبيع العلاقات مع تل أبيب.
ومن الجدير بالذكر أنه بعد الاحداث الاخيرة، ازدادت موجة الكراهية العامة ضد الکيان الصهيوني، فالرأي العام للمنطقة وحتى المواطنين الغربيين لم يدخروا جهداً لدعم الفلسطينيين.
تحديات صعبة.. ما الذي ينتظر نتنياهو؟
إن التطبيع يواجه تحديات صعبة بسبب أنه لم يحقق مكاسب كبيرة للدول المطبّعة. فدولة الإمارات، التي تُعَدّ أُولى الدول التي طبّعت مع "إسرائيل"، وذهبت بعيداً إلى مستويات تجاوزت الاتفاقيات الرسمية أو الاقتصادية والأمنية، ووصلت إلى حالة الاندماج الكامل فيها، اصطدمت مؤخراً برفض "إسرائيل" بيعها منظومة "القبة الحديدة" والدفاع الجوي بسبب خشيتها من تسريب معلومات تكنولوجية عسكرية الى أطراف أخرى، الأمر الذي اضطر أبو ظبي إلى شراء منظومة دفاع جوي من كوريا الجنوبية.
كما سُجِّل للإمارات تعثُّرها في تنفيذ شراء صفقة الطائرات الحربية من طراز "أف 35". ولهذا يمكن القول ايضاً إن السلوك الواضح من الدول التي وقّعت اتفاقيات التطبيع، وخصوصاً الإمارات والبحرين، يعطي دلالة واضحة على أن مسار التطبيع يعيش حالة كبيرة من الرفض الشعبي. وعلامات الفتور والتعثر ومؤشرات الفشل في دول التطبيع أصبحت واضحة. حيث تعمل تلك الدول على إعادة إعطاء زخم لاتفاقيات التطبيع،من أجل إبقاء الحديث عن مسار التطبيع حياً، والقول إنه ماضٍ ويتقدم، وإن هناك دولاً قادمة ستلتحق وتوقع اتفاقيات تطبيع جديدة مع "إسرائيل".
في الختام إن الكيان الصهيوني يعلم جيداً أنه يواجه تهديدات خطيرة تهدد بقاءه وإن هذه التهديدات بعضها داخلية وبعضها خارجية. أما بالنسبة للتهديدات الداخلية فتتمثل بحالة تنامي العمليات ضد كيان الاحتلال الصهيوني في المناطق المحتلة حيث إن العمليات الاخيرة أحدثت رعباً لدى الكيان الصهيوني وأثبتت فشل ما تسمى الاجهزة الامنية التابعة للكيان الصهيوني و من جهةٍ اخرى اخرى مواجهة رفض الشعوب العربية والإسلامية للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
وفي هذا السياق يمكن القول ايضاً إن ترسانة المقاومة العسكرية تمثل قوة وردعا للكيان الصهيوني وخاصة أن حركات المقاومة أعلنت مراراً وتكراراً أن جميع الأرضي المحتلة أصبحت تحت مرمى نيران المقاومة. وما تجدر الإشارة اليه أنه يجب على قادة الاحتلال الصهيوني استيعاب الدرس، والبحث عن الأسباب الحقيقة لرفض الشعوب العربية والإسلامية في العالم للتطبيع ، فالرسالة الواضحة التي يجب أن تصل لقادة الاحتلال ، ملخصها أنّ هناك استحقاقات كثيرة تسبق التطبيع ، إذا هم أرادوا العيش بسلام في المنطقة العربية ، وأولها التوقف عن ارتكاب المجازر ، وإعادة الحقوق ، التي أقرتها المواثيق الدولية للشعب الفلسطيني.