الوقت - بينما تحاول أمريكا إبعاد روسيا والصين عن إيران وعزل طهران في العالم بتشديد حلقة الحصار عليها، لكن هذه الجهود فشلت والتحالف بين طهران وشركائها الشرقيين يزداد قوةً يومًا بعد يوم.
السيد إبراهيم رئيسي، رئيس إيران، الذي ذهب في زيارة تستغرق ثلاثة أيام إلى الصين، التقى رئيس هذا البلد، شي جين بينغ. وأكد الجانبان في هذا الاجتماع على تعميق التعاون في كل المجالات، وتم توقيع 20 وثيقة تعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والعلمية بين مسؤولي البلدين، تظهر أن ضغوط الغرب لا يمكن أن تخلق فجوةً في هذه العلاقات الثنائية.
لهذا السبب، أبدى المسؤولون الأمريكيون قلقهم من هذه القضية، وادعوا أنه عندما تكون إيران جانبًا من التفاعل مع الصينيين، يجب على العالم أن يكون شفافًا حيال هذه القضية ومواجهة طموحات هذا البلد، وطالبوا الصين بتبني موقف ضد برنامج إيران النووي والصاروخي بما يفيد بكين وواشنطن.
وبالنظر إلى أنه تم الانتهاء من وثيقة التعاون الشامل التي تبلغ مدتها 25 عامًا، وسيكون لها آثار هائلة على العلاقات الاقتصادية بين البلدين في المستقبل، فقد انعكست هذه الزيارة على نطاق واسع في وسائل الإعلام العالمية.
أصداء زیارة الرئيس الإيراني في الإعلام الشرقي
وصفت وسائل الإعلام الصينية، التي كانت تدرك أبعاد ونتائج اللقاءات بين الرئيس الإيراني ومسؤولي بكين، إنجازات هذه الزيارة بما يتجاوز العلاقات الثنائية الطبيعية.
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية أنه لا داعي لقلق الصين وإيران من نهج أمريكا والغرب. كما نشرت هذه الصحيفة صورةً لبرج الحرية مضاءً بأعلام إيران والصين في افتتاحيتها، وكتبت: "باعتبارهما حضارتين آسيويتين قديمتين، فإن الصين وإيران هما الآن قوتان صناعيتان مهمتان ومنتجتان للطاقة، وهاتان الدولتان تكملان بعضهما البعض اقتصاديًا ولديهما رغبة قوية في التطور".
كما نقلت صحيفة "تشاينا ديلي" عن خبير صيني عن هذه الزيارة قوله، إن إيران بلد مثالي في منطقة الشرق الأوسط لدفع مشروع "حزام واحد طريق واحد" الصيني.
كما تطرقت صحيفة "صبح الصين" إلی زيارة رئيسي لبكين، بعنوان "يبدو أن الاتفاق النووي الإيراني على جدول الأعمال". وكتبت صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست(جريدة جنوب الصين الصباحية) أيضًا: "زيارة الرئيس الإيراني إلى الصين هي أحدث خطوة من جانب بكين لتحسين العلاقات، وتعزيز التعاون مع هذه القوة في الشرق الأوسط".
كما كتبت قناة "آر بي سي" الروسية: زيارة الرئيس الإيراني لبكين ولقائه مع شي جين بينغ، يظهران علاقات أقوى بين البلدين في خضم التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة.
کذلك، غطت صحيفة "فيرست بوست" التي تصدر في الهند، وجود الرئيس الإيراني في الصين بعنوان "هل يجب أن يقلق الغرب من هذه الزيارة"؟ وكتبت هذه الصحيفة: إن الغرب وخاصةً الولايات المتحدة يتابعون بعناية هذه الزيارة، لأن لديها القدرة على إحداث تغيير جيوسياسي في المنطقة. العلاقات بين الصين وإيران متوترة مع الولايات المتحدة، وتحاولان تحدي قوة الولايات المتحدة إلى جانب روسيا".
أصداء الزيارة في وسائل الإعلام العربية
عكست وسائل الإعلام العربية، التي تتابع عن كثب التطورات في إيران، زيارة رئيسي لبكين هذه المرة أيضًا.
كتبت شبكة "الميادين" عن ذلك: "وجود طهران في خطة "حزام واحد وطريق واحد" في مصلحة بكين، وهذه الدولة تحاول تحسين العلاقات بين إيران والسعودية.
كما حللت صحيفة "رأي اليوم" أهداف زيارة الرئيس الإيراني للصين، ووصفتها بأنها خطوة مهمة على طريق التقارب بين طهران وبكين في المجالين السياسي والاقتصادي. وأكدت هذه الصحيفة أن التقارب بين إيران والصين أثار غضب الولايات المتحدة، التي تنظر بقلق إلى زيادة مستوى التعاون بين طهران وبكين.
کذلك، كتبت شبكة الجزيرة القطرية أنه على الرغم من العقوبات الأمريكية ضد إيران، تواصل الصين التجارة مع هذا البلد. من جهتها قالت صحيفة "النهار" اللبنانية، إن هذا الاجتماع عقد في ظل ظروف تتعرض فيها دولتان، إيران والصين، لضغوط اقتصادية من الغرب بسبب مواقفهما تجاه أوكرانيا.
أولت شبكة "العربية" السعودية، كغيرها من وسائل الإعلام العربية في العالم، اهتماماً خاصاً بالاجتماع بين رئيسي إيران والصين، ونقلت عن وسائل إعلام إيرانية قولها إنه تم التوقيع على 20 وثيقة تعاون خلال هذا الاجتماع.
وكتب موقع "إيلاف" السعودي، أثناء تغطيته الكاملة لزيارة الرئيس الإيراني للصين، أن شي جين بينغ أشاد بتضامن بكين وطهران في مواجهة الوضع العالمي المعقد في الاجتماع مع الرئيس الإيراني.
كما نشر موقع "العربي الجديد" تقريرًا عن الجوانب السياسية والاقتصادية للزيارة، بينما غطى بالكامل زيارة رئيسي للصين، وكتب أن الصين لا تزال أكبر شريك تجاري لإيران.
واختار موقع "صدی البلد" عنوان "الزيارة الناجحة للرئيس الإيراني" لتغطية لقاء رئيسي إيران والصين، وكتب أن الجانبين وقعا 20 اتفاقية تعاون في مجالات الاقتصاد وتكنولوجيا المعلومات والثقافة والرعاية الطبية والبيئة.
أصداء الزيارة في الإعلام الغربي
وسائل الإعلام الغربية، مثل قادتها، قلقة من التقارب بين طهران وبكين، وعكست الجانب الاقتصادي لزيارة الرئيس الإيراني.
أثناء تغطيتها لهذا الحدث، كتبت وكالة رويترز للأنباء أن الرئيس الصيني أبلغ نظيره الإيراني أن الصين ستواصل المشاركة البناءة في المفاوضات بشأن استئناف الاتفاق النووي.
وكتبت وكالة "فرانس 24" للأنباء، التي ركزت على اتفاقيات التعاون الاستراتيجي لمدة 25 عاماً بين طهران وبكين، أن "إيران والصين تربطهما علاقات اقتصادية قوية، وخاصةً في مجالات الطاقة ونقل البضائع والزراعة والتجارة والاستثمار. ويواجه البلدان ضغوطًا من الغرب لاتخاذ موقف ضد روسيا والتطورات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا، فيما تخضع إيران للعقوبات الأمريكية بسبب برنامجها النووي".
كما أشارت مجلة "بوليتيكو" إلى أهمية هذه الزيارة في تقرير، وكتبت: "هاتان الدولتان اللتان تتنافسان بطريقة ما مع أمريكا، تحاولان تطوير التعاون. الصين هي أحد عملاء النفط الرئيسيين لإيران وأحد مصادر الاستثمار الرئيسية في هذا البلد. في عام 2021، وقعت إيران والصين اتفاقية تعاون استراتيجي مدتها 25 عامًا، تشمل أنشطة اقتصادية رئيسية، بما في ذلك في مجالات النفط والتعدين والصناعات والنقل والزراعة". وأكدت المجلة: كلا البلدين لديهما علاقات متوترة مع الولايات المتحدة، ومع روسيا يسعيان للتغلب على قوة الولايات المتحدة.
کذلك، كتبت وكالة أسوشيتد برس للأنباء في تقرير، أن "هذه الزيارة لها جوانب سياسية واقتصادية مختلفة وستقرب بين البلدين. دعم الرئيس الصيني إيران وسط ضغوط غربية، وتحاول طهران توسيع العلاقات مع بكين وموسكو لتعويض العقوبات الغربية بسبب تقدمها النووي. وتعدّ الصين من أكبر مشتري النفط الإيراني ومصدر للاستثمار، وتم توقيع 20 اتفاقية تعاون بين إيران والصين خلال هذه الزيارة".
وكتبت قناة إي بي سي أيضًا عن هذه الزيارة: من المتوقع أن تؤدي زيارة الرئيس الإيراني إلى الصين، إلى تعميق العلاقة بين هذين الشريكين السياسيين والاقتصاديين اللذين يعارضان الهيمنة الغربية على العلاقات الدولية.
كما ذكرت قناة فوكس نيوز أن "هذه هي الزيارة الأولى لرئيس إيران إلى الصين، وتهدف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين الخصمين للولايات المتحدة. تعدّ الصين مشتريا رئيسيًا للنفط الإيراني ومصدرًا مهمًا للاستثمار في هذا البلد، وفي عام 2021 وقعوا اتفاقية تعاون استراتيجي مدتها 25 عامًا، تضمنت أنشطة اقتصادية رئيسية من النفط والتعدين إلى الصناعة والنقل والزراعة. أيضًا، العلاقات بين البلدين متوترة مع الولايات المتحدة، وحاولتا تأكيد قوتهما ضد الولايات المتحدة إلى جانب روسيا".
وفي تحليل لجهود البلدين لتعزيز العلاقات، قام مركز أبحاث "ناشونال إنترست" الأمريكي بتقييم الإجراءات الأخيرة لطهران وبكين كخطوة مهمة في تنفيذ وثيقة التعاون الاستراتيجي لمدة 25 عامًا، وكتب: "تم افتتاح القنصلية بعد توقيع الاتفاقية المعروفة باسم "الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران والصين" في مارس 2021، وبعد الاتفاق الأولي خلال زيارة شي جين بينغ إلى طهران في يناير 2016. وعلى الرغم من عدم الإعلان عن تفاصيل هذه الوثيقة، وفقًا لبعض التقارير فقد تضمن هذا العقد بيع منتجات النفط والغاز والبتروكيماويات الإيرانية إلى الصين، مقابل استثمارات مكثفة ووجود بكين القوي في المحافظات الجنوبية لإيران".
وأكد مركز الأبحاث الأمريكي هذا على دوافع الصين وإيران للتقارب الوثيق، وقال: "يمتلك النظامان في إيران والصين قيمًا تربطهما ببعضهما البعض، ويعتبر كلا البلدين الديمقراطية الغربية مفهومًا غير محلي وغزوي وضار. يعد نموذج التنمية الصيني بالازدهار والتقدم الاقتصادي لدول مثل إيران والدول الخليجية دون قضايا مثل الانفتاح السياسي وحقوق الإنسان. وهذا هو سبب رغبة أصدقاء الصين وأعدائها في تطبيق نموذج مشابه لهذا النظام في الشرق الأوسط وأجزاء أخرى من العالم".
وأضاف مركز الأبحاث هذا في تحليله: "يُظهر اتجاه السياسة الخارجية الإيرانية المتمثل في "التطلع إلى الشرق"، والنهج الجديد الموجه نحو آسيا للسعودية، أن ظهور الصين كنموذج للتنمية بين الدول النامية الأخرى أصبح أكثر ملاءمةً من ذي قبل، ولا سيما في وضع تتدهور فيه الديمقراطيات عالميًا".
وجاء في نهاية التقرير: "إن نجاح مبادرة الحزام والطريق الصينية هو أداة استراتيجية مهمة للصين في منافستها مع القوى الكبرى، وتعتزم الصين تحسين البنية التحتية لإيران على أساس اتفاقية استراتيجية مدتها 25 عامًا، من خلال بناء الطرق والجسور والموانئ والمصانع والمدن الصناعية. وبعد الانتهاء من مشاريع البنية التحتية هذه، سيتم ربط مناطق التجارة الحرة في جنوب إيران بالمشروع العملاق أعلاه، لتصدير البضائع إلى أسواق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأوروبا".
أظهرت الصين في العقد الماضي أن الضغوط الأمريكية لا يمكن أن تبعد هذا البلد عن إيران، وفي الوضع الحالي عندما تكون طهران وبكين في حالة توتر مع الغرب، فإن هذه العلاقات الثنائية ستتطور بشكل أكبر.
ومع تشكيل النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب بقيادة الكتلة الشرقية، سيختفي ضغط العقوبات التي استخدمتها الولايات المتحدة لمدة ثمانية عقود ضد دول غير تابعة لها، ولن يكون هناك بلد على استعداد لاتباع سياسات واشنطن، وكان لهذه القضية ظهور بارز بعد الحرب في أوكرانيا.