الوقت- نددت بعض المنظمات الحقوقية بقرار الحكومة المغربية تسليم الناشط السعودي الشيعي حسن آل ربيع للسلطات السعودية وقالت إن هذا الأمر سيشكل خطرا على حياته.
ومن خلال إرسال رسالة إلى عزيز أخنوش، رئيس وزراء المغرب، أدانت هذه المنظمات الحقوقية بشدة موافقة الحكومة على تسليم آل ربيع.
يذكر في هذه الرسالة أن المغرب العربي سلم هذا الناشط الشيعي السعودي إلى السلطات السعودية في 6 فبراير / شباط.
وأكدت منظمات حقوقية أن آل ربيع يواجه الآن خطر التعرض للاضطهاد وإصابات خطيرة لأسباب تتعلق بمعتقداته الدينية وتاريخ عائلته في المشاركة في الاحتجاجات السياسية.
كما أعربت هذه المنظمات الحقوقية عن قلقها من انتهاك الحكومة المغربية لمبدأ حقوق الإنسان والقوانين الدولية الخاصة بعدم الإعادة القسرية، وفي هذا الصدد، بما في ذلك أحكام اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين الأفارقة، واتفاقية مناهضة التعذيب، والاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية.
وحسب تقارير هذه المنظمات، تجاهل القضاء المغاربي كل هذه التحذيرات ووافق على تسليم الناشط سعودي لبلاده.
كما جاء في هذه الرسالة: هذا أمر مقلق للغاية بالنظر إلى سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. لأنه في المملكة العربية السعودية، لا تزال انتهاكات الإجراءات القانونية والاعتقالات التعسفية والسرية والاختفاء القسري والتعذيب وإعدام المعارضين والمنتقدين متفشية.
وشددت المنظمات الحقوقية على أن تصرف الحكومة المغربية في تسليم آل ربيع لسلطات الرياض ينتهك أيضا قانون الإجراءات الجزائية المغربي.
ومن بين الموقعين على هذا البيان منظمة "القسط" الحقوقية، التحالف العالمي لمشاركة المواطنين (سيفيكوس)، المجتمع ضد عقوبة الإعدام في المغرب، المنتدى المغاربي لمناهضة عقوبة الإعدام، مجتمع المؤسسات المغربية لحقوق الإنسان، الجمعية المغاربية لحقوق الإنسان (AMDH) ،ومنظمة نحو الحرية، والخدمة الدولية لحقوق الإنسان (ISHR)، والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية لحظر التعذيب، والعديد من المنظمات الأخرى.
من هو حسن آل ربيع؟
حسن محمد آل ربيع من منطقة القطيف، غادر بلاده بشكل قانوني منذ عام وشهرين وسافر إلى عُمان وإندونيسيا وبعض الدول الأخرى. كانت رحلته الأخيرة إلى المغرب عندما اعتقلته قوات الأمن في هذا البلد. كان يقيم في المغرب العربي لمدة 5 أشهر تقريبًا.
في 14 يناير / كانون الثاني، بعد إلقاء القبض عليه في مطار المغرب، مثل حسن آل ربيع أمام المحكمة الابتدائية، ثم تم إرساله إلى سجن "تيفلت 2"، حتى يصدر حكم محكمة الاستئناف بالرباط بشأن تسليمه للسعودية.
"علي آل ربيع" شقيق هذا الناشط السعودي حكم عليه بالإعدام بسبب مزاعم كاذبة للسلطات السعودية.
في فبراير 2021، اعتقلت السلطات السعودية شقيقين لحسن آل ربيع وتعرض علي آل ربيع للاختفاء القسري، ثم حُكم عليه مؤخرًا بالإعدام في محكمة مع انتهاكات جسيمة بما في ذلك انتزاع اعترافات تحت التعذيب. كما أعدم نظام آل سعود اثنين من أبناء عمومة حسن آل ربيع في 2019 بعد محاكمات جائرة تتعلق اتهاماتهما بالمشاركة في مظاهرات القطيف.
وفي هذا السياق قالت "جوي شي" الباحثة السعودية في منظمة هيومن رايتس ووتش سابقاً: نظراً لتصاعد التعذيب وانتهاك الإجراءات القضائية في نظام آل سعود القضائي، على المغرب ألا يعيد حسن آل ربيع قسراً إلى السعودية فالسعودية ستعذب هذا المواطن والمغرب ستكون شريكة في هذا التعذيب.
وأكدت هذه المنظمة الحقوقية: في الماضي، أعدمت السلطات السعودية أعضاء آخرين لحسن آل ربيع، بينهم اثنان من أبناء عمومته، في عام 2019 بتهم باطلة بـ "الارتباط بالإرهاب والاحتجاجات".
وسابقا سلمت الحكومة المغربية في مارس 2021 رجل الأعمال السعودي "أسامة الحسني" للسعودية رغم مخاوفه على حياته وسلامته.
حسب تقرير “المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان”، فإنّ آل ربيع غادر السعودية منذ عام وشهرين، بشكل نظامي ولم يكن مطلوبا أمنياً، وتنقل بين أندونيسيا وعُمان وعدة بلدان، قبل أن يصل إلى المغرب، حيث أقام لمدة 5 أشهر تقريباً. وأكدت المنظمة أنّ مغادرته أتت بعد تصاعد الانتهاكات، وخصوصاً بحق عائلته، حيث “شنت القوات الأمنية السعودية عدة مداهمات لمنزل عائلته بهدف اعتقال أخيه منير، واعتقلت تعسفياً أخيه الأكبر علي آل ربيع، فيما يُعتقد أنّ هذا الاعتقال للضغط على أخيه منير لتسليم نفسه، وفي سياق نهج اتخاذ الرهائن الذي بدأت السعودية بتطبيقه بشكل مكثف في فترة حكم الملك سلمان وابنه”.
وأشارت المنظمة إلى حكم الإعدام الصادر مؤخراً، بحق أخيه علي محمد آل ربيع المعتقل منذ 7 شباط/فبراير 2021، وذلك على خلفية تُهم مزعومة بينها ما يتعلق بممارسة حقوق مشروعة. وشدّدت المنظمة على أنّ “اعتقال حسن محمد آل ربيع، في الوقت الذي يمارس فيه النظام السعودي أعتى أنواع التعذيب وسوء المعاملة”، معتبرةً أنّ “اعتقال حسن، وإمكانية تسليمه إلى السعودية، هو انتهاك للقوانين الدولية، حيث تحظر اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي صادق عليها المغرب عام 1993، تسليم المتهمين إلى دولة من المحتمل أنها قد تعرضه للتعذيب”. ورأت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أنّ “تسليم آل ربيع، هو تواطؤ خارق للقوانين العادلة”، وأنّ “هذا الانتهاك يضاف لسجل المغرب الأسود في تعاونها القمعي للسعودية، وسوف يعرّض ذلك آل ربيع للتعذيب والسجن بأحكام طويلة، ولا يستبعد حتى صدور حكم عليه بالإعدام”. وتساءلت المنظمة في تغريدة على حسابها على موقع “تويتر”: “هل يُسلّم المغرب حسن آل ربيع، ويتركه لمصيرٍ مجهول في السعودية؟”. كذلك نشرت المنظمة في تغريدتها صوراً لـ5 سعوديين تمّ تسليمهم للسعودية خلال حكم سلمان وكتبت: “خلال حكم الملك سلمان، 5 سعوديين سُلِّموا إلى السعودية من قبل المغرب، الفيليبين، قطر، الكويت وعمان. أربعة منهم ما زالوا معتقلين، تعرّضوا لفترات من الإخفاء القسري ويرجّح تعرضهم للتعذيب”.
على الرغم من وجود قمع دائم ضد الشيعة في المملكة العربية السعودية، منذ مجيء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تعرض الشيعة للقمع بشدة إلى جانب قطاعات أخرى من المجتمع السعودي.
وحتى الآن، تم اعتقال العشرات من الشيعة السعوديين من قبل جهاز أمن آل سعود. على الرغم من أن اعتقال النشطاء الشيعة والمعارضين للحكومة السعودية كان موجودًا دائمًا في المملكة العربية السعودية، إلا أنه منذ وصول ولي عهد "محمد بن سلمان" عام 2017 إلى كرسي ولاية العهد واستلام زمام الأمور فقد زادت عملية الاعتقال والقمع للشيعة والمعارضين السعوديين بشكل كبير، ففي مايو 2019 أعدمت الحكومة السعودية 37 شخصًا وقطعت رؤوسهم بدم بارد وكذلك في 12 مارس 2022، تم إعدام 41 محتجًا شيعيًا سعوديًا من سكان منطقتي الأحساء والقطيف في شرق الجزيرة العربية.
هذه الأحكام السياسية القاسية والجائرة بحق علماء الشيعة والناشطين الاجتماعيين والقانونيين تظهر الوجه الحقيقي لآل سعود وجههم الذي يقوم على النهج الطائفي والفكر التكفيري والإقصاء، وليس كما يدعون من مظاهر التغيير والتقدم.