الوقت_ ضجت وسائل الإعلام العربيّة بما يمكن تسميته"الشجار الإلكترونيّ" بين الإعلاميين في مصر، ما يعكس حجم التغير في السياسات والمقاربات لصناع القرار في القاهرة، حيث إنّ البرامج الرئيسية في القنوات المصرية المحلية كانت خلال الفترة الماضية منصة للهجوم على الإعلامي "عمرو أديب" المعروف بولائة الشديد لرئيس للنظام السياسيّ في مصر وللرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فقد شنّ الإعلامي والكاتب الصحفي المصري محمد الباز هجوما غير مسبوق على زميله الإعلامي أديب، منتقدا حديثه عن خوفه على البلد التي يتغنى بها دوماً عبر برنامجه “الحكاية” المذاع على قناة mbc التابعة للسعوديّة.
خلال بث مباشر عبر صفحته على فيسبوك، قال الصحفيّ الباز في حديثه عن عمرو أديب: “لا تصدقوا شخصاُ على قناة غير مصريّة، يخرج ويتحدث عن خوفه على أولاده وأهله، وتابع الباز هجومه قائلاً حتى لو كانت هناك مشكلة ضخمة لن يتأثر عمرو أديب ولا أولاده، ففي النهاية سيذهب ويعيش في السعودية، لأنه يخدم أجندة سعودية، وعنده كفيل سعودي ونقود كثيرة تكفيه إلى يوم القيامة، في إشارة إلى حجم الدعم السعوديّ، وأضاف: "السعودية من حقها أن تحلم وتعمل كل ما تريد ويكون عندها مشروع سواء في الإعلام أو في أي مجال، ومن حقها أن تجند أناسا في كل المجالات، وتجندهم هنا تعني عملهم لمصلحتها"، وبالتالي فإنّ عمرو أديب حسب وجهة نظر الباز يعمل خدمة لمشاريع السعودية، فهو "عميل سعوديّ"، على حد وصفه.
ويشار إلى أنّ عمرو أديب يقدم برنامج “الحكاية” المعروف، والذي يناقش قضايا محلية مصريّة حيث بدأ أديب تقديمه بعد رحيله عن قناة “أون تي في”، وتقوم فكرة هذا البرنامج على تناول أهم الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مع استضافة خبراء للحديث في كل المجالات، وكشفت تقارير صحفية عن قيمة العقد الذي وقع عمرو أديب عليه من قناة “mbc“والذي يحصل بموجبه على 3 ملايين دولار سنوياً بجانب 500 ألف دولار كمزايا أخرى خاصة بالإعلانات والمكافآت.
وقد وقّع أديب العقد مع مسؤول هيئة الترفيه السعودية “تركي ال الشيخ” الذي نشر مقطع فيديو للحظة الاتفاق مع اديب اعتبرته أوساط إعلامية بأنه مُهين، فيما هاجم عدد من اليوتيوبر المصريين المؤيدين للرئيس السيسي عمرو أديب والأجندة السعودية في بلادهم. وطرحوا تساؤلا مشتركا عن سبب وجود قنوات اجنبية موجهة لمناقشة القضايا المحلية المصرية والتحدث مباشرة للرأي العام المصري.
ولم تقف هذه القضية عند هذا الحد، بل تناول عدد من الإعلاميين المصرين المعارضين في الخارج الموقف الجديد من عمرو اديب ومن القنوات الإعلامية المصرية الممولة من السعودية والامارات، واعتبر الإعلامي المعارض المقيم في الخارج “معتز مطر” في برنامجه اليومي ان النظام المصري لا يجرؤ على شتم السعودية فيقوم بالهجوم على عمرو أديب، كما وجّه الإعلامي المُوالي للرئيس السيسي “نشأت الديهي” الذي يعمل في قناة مصرية محليّة ممولة من الإمارات سؤالا لزميلة عمرو أديب قال فيه ”هل تجرؤ يا عمرو على انتقاد وضع ما أو مشكلة ما في السعودية؟"، كما وجه الكاتب مصطفى بكري من خلال برنامجه انتقادات لخطاب أديب من دون أن يسميه بشكل مباشر.
وعلى هذا الأساس، تنوعّت الآراء حول الهُجوم المُباغت لإعلاميين مصريين على “عمرو اديب” والاجندة الإعلاميّة للرياض في مصر بين من اعتبرها جزءا من الصراع الخفي بين السعودية والإمارات، والذي بدأ ينتقل من ساحة اليمن الى مصر، وبين من يعتقد انها رسالة غير مباشرة من القاهرة لكل من السعودية والامارات تشير الى انزعاج مصريّ من الخطاب الإعلامي والسياسات التدخليّة التي تقوم بها هذه الدول داخل الجمهوريّة المصريّة.
ومن الجدير بالذكر أنّ موقع “أكسيوس” الأميركي نقل الشهر المنصرم عن مصادر أميركية وصهيونيّة أنّ مصر أوقفت تنفيذ اتفاقية تيران وصنافير مع السعودية وحكومة الاحتلال، وأكّد المسؤولون الإسرائيليون لموقع “أكسيوس” أنّ “الاتفاق، بما في ذلك انسحاب القوة متعددة الجنسيات من الجزر، لن يتمّ تنفيذه بحلول نهاية الشهر الجاري بسبب التحفظات المصرية، وأضافوا إنّهم “يعتقدون أنّ مصر تعطّل الصفقة بسبب قضايا ثنائية بين الولايات المتحدة ومصر، بما في ذلك المساعدة العسكرية الأميركية، ويُمكن بالاستناد إلى كل هذه المعطيات الاستنتاج بأن العلاقات المصرية السعودية تتعرّض لاهتزاز غير مسبوق منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم عام 2014.