الوقت - في 3 كانون الثاني(يناير)، قام وزير الأمن الداخلي الجديد في الکيان الصهيوني إيتمار بن غفير، بزيارة المسجد الأقصى بعد أيام قليلة من تشكيل حكومة نتنياهو اليمينية، في ظل إجراءات أمنية مشددة.
حسب الاتفاقية بين الکيان الصهيوني والأردن، والموقعة في 26 أكتوبر 1994، فإن المسجد الأقصى يخضع لإشراف دائرة المؤسسات الإسلامية في بيت المقدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، ولا يمكن لغير المسلمين زيارة هذه المنطقة إلا في أوقات معينة، ولا يُسمح لهم بالصلاة في هذا المكان. لكن منذ عام 2003، اتخذ الکيان الصهيوني إجراءات أحادية الجانب لدخول المسجد الأقصى دون إذن هذه الإدارة.
أثارت زيارة الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف للمسجد الأقصى، مخاوف دولية من إعادة إشعال الصراعات في الشرق الأوسط.
في سبتمبر 2000، قام أرييل شارون، رئيس الوزراء الحادي عشر للکيان الصهيوني، بزيارة المسجد الأقصى، ما أثار أعمال عنف واشتباكات أدت إلى انتفاضة فلسطينية واسعة النطاق عُرفت بالانتفاضة الثانية.
وصف الفلسطينيون ودول أخرى هذا العمل بأنه استفزازي. كما حذرت الحكومات الغربية من أن مثل هذا السلوك الاستفزازي، يهدد الوضع الهش في الأماكن المقدسة في القدس.
کما وصف مجلس الأمن، في اجتماع طارئ، الخميس 5 يناير/كانون الثاني، بطلب من الصين والإمارات، زيارة الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف للمسجد الأقصى، بأنها "استفزاز غير مسبوق" وأدانها.
في هذا الاجتماع، تُرك الکيان الصهيوني وحيداً، وحتى الولايات المتحدة وروسيا والسعودية، وكذلك مصر والأردن والإمارات والبحرين التي وقعت معاهدة سلام مع تل أبيب، انتقدت هذا الکيان.
لم يتخذ اجتماع مجلس الأمن أي إجراء خاص بهذا الشأن، لكن القضية أحيلت إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي لتلقي فتوى هذه الهيئة القانونية.
رد فعل الصهاينة
صادق مجلس الوزراء الأمني للکيان الصهيوني يوم الجمعة 6 كانون الثاني/يناير، على سلسلة من العقوبات والإجراءات ضد السلطة الفلسطينية.
وبناءً على ذلك، تقرر، من بين أمور أخرى، وقف مشاريع البناء الفلسطينية في المنطقة (ج) من الضفة الغربية، والتي يجب أن يوافق عليها الکيان الإسرائيلي، في الوقت الحالي.
إضافةً إلى ذلك، يجب دفع نحو 39 ألف دولار من الضريبة التي يدفعها الکيان الإسرائيلي للسلطة الفلسطينية كتعويض لأسر ضحايا الإرهاب. كما سيتم اتخاذ إجراءات ضد المنظمات التي لها أنشطة معادية للصهيونية أو تروج لأي أنشطة معادية في الضفة الغربية، أو "تحت ستار الأنشطة الإنسانية، تتخذ إجراءات سياسية وقانونية ضد إسرائيل".
تحذير السلطة الفلسطينية
حذر رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية، من أن العقوبات الإسرائيلية على السلطة الفلسطينية ستؤدي قريبًا إلى انهيارها.
وفي حديث مع صحيفة "هآرتس" العبرية، قال أشتية إن اقتطاع 139 مليون شيكل من أصول السلطة الفلسطينية، والاستمرار في الاستيلاء على عائدات الضرائب، في ظل غياب التدخل الفوري من قبل المجتمع الدولي، وخاصةً الحكومة الأمريكية والدول العربية، سيكون المسمار الأخير في نعش السلطة الفلسطينية.
واتهم أشتية الحكومات الإسرائيلية السابقة بمحاولة تدمير حل الدولتين، والحكومة الحالية بتدمير السلطة الفلسطينية، وهذا يدل على أنها تحاول زيادة بناء المستوطنات لفصل القدس عن الضفة الغربية وضمها.
وقال رئيس وزراء السلطة الفلسطينية: "إن الشعب الفلسطيني يعاني تحت نير الاحتلال والهمجية، ومن حقنا أن نشكو ونقول للعالم إننا نعاني. نظام الاحتلال كله أحادي الجانب، والمستوطنات أحادية الجانب. كل شيء من جانب واحد. إسرائيل تصادر 300 مليون شيكل من حوالات السلطة الفلسطينية البالغة 900 مليون شهرياً من مكان تسوية الأموال، إضافة إلى ذلك تتقاضى 30 مليون روبية مقابل تحصيل أموالنا."
وأضاف: "إسرائيل تبيع لنا كل شيء، بما في ذلك خدمات الصرف الصحي والكهرباء ومياه الشرب، وتستفيد منه في الواقع. السلطة الفلسطينية تتلقى فقط حوالي 300 مليون شيكل كضرائب فقط، وبالتالي يبلغ دخلها الشهري 900 مليون شيكل، لكنها عملياً تنفق 1.3 مليار شيكل شهرياً. لذلك، لدينا عجز قدره 400 مليون شيكل كل عام. لم تعد البنوك الفلسطينية في وضع يمكنها من إقراض المزيد. وبسبب نقص موارد الميزانية، علينا دفع جزء من الرواتب فقط."
هل مسألة انهيار السلطة الفلسطينية جادة؟
تأتي تصريحات مسؤول السلطة الفلسطينية في حين تناقش الأوساط الصهيونية منذ عدة أسابيع، مسألة إنهاء الدور الأمني والاقتصادي والسياسي للسلطة الفلسطينية.
هذا بينما يطالب البعض الآخر بمزيد من العقلانية في هذا الأمر، وعدم الاقتراب من لهيب هذه القضية الخطيرة بالنسبة لتل أبيب، وهذا الملف ملغوم ويخشى الكثير الاقتراب منه.
رائد هذا التحرك هو إيتمار بن غفير وزير الأمن الداخلي في الكيان الصهيوني الذي يريد إنهاء دور منظمة السلطة الفلسطينية، لكن نتنياهو الذي يشجع القتل والإرهاب وارتكاب كل أنواع الجرائم بحق الفلسطينيين، ما زال يتجنب الاقتراب منه.
وبالنظر إلى هذه القضية، تثار العديد من الأسئلة، بما في ذلك ما إذا كان الكيان الصهيوني مستعدًا لانهيار منظمة السلطة الفلسطينية؟ وهل سيتحمل العبء المالي والاقتصادي وحتى السياسي للفلسطينيين؟ ماذا سيكون مصير محمود عباس رئيس منظمة السلطة الفلسطينية وغيره من قادة هذه المنظمات؟ وهل سيشعل هذا الإجراء انتفاضةً شعبيةً في الضفة الغربية؟
الدوائر الصهيونية تناولت هذه القضية الحساسة، ومن بينها عاموس يادلين، الرئيس السابق لوكالة التجسس الصهيونية، الذي ذكر سيناريو انهيار السلطة الفلسطينية باعتبارها تهديدًا استراتيجيًا لهذا الکيان.
والمؤسسات الأمنية قلقة من أن انهيار هذه المنظمة سيكون له عبء أمني، وهي تعلم أن انهيار هذه المنظمة سيعني تدهورًا خطيرًا في الوضع الأمني، وسيتعين على تل أبيب إرسال عدد كبير من جنودها إلى الأراضي الفلسطينية، ومصير محمود عباس سيكون غير مؤكد ولن يلعب أي دور.
وأفادت مصادر مرتبطة بالکيان الصهيوني بوجود خلاف في هذا المجال بين نتنياهو وبن غفير. نتنياهو ينظر إلى الوضع على أساس مبدأ الربح والخسارة، ويعتبر الحفاظ على منظمة السلطة الفلسطينية إنجازاً استراتيجياً لنفسه، وهذا يعني الحفاظ على الإنجاز الاستراتيجي الذي سيؤدي إلى رفع العبء الأمني والاستراتيجي عن أكتاف المحتلين.
من وجهة نظر نتنياهو، فإن تولي الأمر مباشرةً سيؤدي إلى تآكل مالي وأمني وبشري لهذا الکيان، وستدفع تل أبيب ثمناً باهظاً وستحدث انتفاضة. من ناحية أخرى، لدى بن غفير وجهة نظر مختلفة عن نتنياهو.
کيف سيكون رد فعل منظمة السلطة الفلسطينية؟
تعتقد بعض المصادر أن قادة منظمة السلطة الفلسطينية سينفذون قرارات المجلس المركزي بإلغاء الاتفاقات مع الکيان الإسرائيلي ووقف الاعتراف بهذا الکيان، حتى لو أدى هذا الإجراء إلى غضب الکيان وانتقامه.
يمكن القول إن احتمال انهيار منظمة السلطة الفلسطينية من قبل الكيان الصهيوني غير مرجح، لأن السلطة الفلسطينية تقدم مساعدةً كبيرةً للکيان الصهيوني من الناحية الأمنية. حيث خدمت هذه المنظمة الکيان الصهيوني أكثر من غيرها وتسببت في إطالة أمده.
وإضافة إلى التواطؤ في اعتقال المقاتلين الفلسطينيين، فإن هذه المنظمة تقلل أيضًا من التكاليف الأمنية لتل أبيب وتوفر خدمةً مجانيةً للکيان الصهيوني.
کما أن منظمة السلطة الفلسطينية عبء على كاهل الشعب الفلسطيني، وشوهت التاريخ الرائع لهذا الشعب في مقاومة الاحتلال.