الوقت- نداء إلى الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والشعوب أطلقته 141 منظمة حقوقية ، دعت فيه إلى وقف المجزرة بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي. جاء هذا النداء بمبادرة من اللجنة الدولية للتضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي . وأعربت المنظمات الحقوقية عن إدانتها لجريمة قتل الأسير الفلسطيني ناصر أبو حميد “التي تفتح صفحة المصير الذي تعده إسرائيل للأسرى الفلسطينيين عموما، وللمرضى منهم بشكل خاص”.
وأشارت إلى أن سلطات الاحتلال الغاصب تحتفظ اليوم بجثة الشهيد أبو حميد، وترفض تسليمها لذويه، لافتة إلى أن عدد شهداء الحركة الأسيرة ارتفع إلى 233 شهيدا منذ عام 1967، منهم 74 شهيدا ارتقوا نتيجة لجريمة الإهمال الطبي (القتل البطيء). وأوضحت أن "هذه الممارسات تجاوزت حدود التصور، فإضافة إلى كونها تنفرد عالميا في احتجاز جثث العديد من الفلسطينيين الذين تقتلهم إمعانا في تعذيب وإذلال أهاليهم، فهي تستمر في تعذيب الأسرى المرضى حتى موتهم، ويشجعها على الاستمرار في همجيتها هذه السكوت المخزي للعالم".
وبيّن الموقعون على النداء أن ملحمة الشهيد الأسير ناصر أبو حميد هي من أوضح الأمثلة على ثقافة التوحش العنصري الإسرائيلي، فهو من أسرة فلسطينية عرفت بوطنيتها وتضحياتها، حيث كان محكوما بالسجن المؤبد هو وأربعة من أشقائه، فيما شقيقه الخامس عبد المنعم استشهد برصاص الاحتلال، وأصيب بالسرطان وهو في الأسر وسط التعذيب الجسدي من قبل إدارة السجون، وهي ممارسات باتت معروفة لكل من يلتفت إلى عذابات الشعب الفلسطيني.
وأشارت إلى أن "سلطات الاحتلال والفصل العنصري تسببت بوضعه الصحي الخطير وقتلته من خلال منع أي علاج طبي له، وقد دخل في غيبوبة وحرمت عائلته من رؤيته، وها هي اليوم تحتفظ بجثته وترفض تسليمها إليهم، ما رفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 233 شهيدا منذ عام 1967، منهم 74 شهيدا ارتقوا نتيجة لجريمة الإهمال الطبيّ (القتل البطيء).
و في هذا السياق، حذرت المنظمات الحقوقية من أن كل الأسرى، وخاصة المصابين بأمراض عضال، معرضون للمصير نفسه، مناشدة أحرار العالم والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وتحديدا اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بوقف هذه المجزرة المتواصلة منذ 74 عاما. وطالبت المنظمات بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية؛ لفتح تحقيق عاجل في ملابسات استشهاد الأسير أبو حميد، والإعلان عن نتائجها، ليصار إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم المرتكبة بحق الأسرى. فبقاء المسؤولين الإسرائيليين دون أي عقاب عما يرتكبونه من جرائم يشكل وصمة عار لكل من يتهرب من إغاثة الأسرى الفلسطينيين في سجون دولة الاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي.
كما دعت إلى الانتفاض و التعبير بطريقة أكثر وضوحا وشجاعة وصدقا عن شجب هذه الجرائم بحق الإنسانية التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري بحق الأسرى، والتي تشكل انتهاكا جسيما لكل قواعد وأعراف القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وخاصة لاتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 المعنية بحماية أسرى الحرب، واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1984، كما ناشدت المنظمات الحقوقية كل الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان العمل على الإفراج الفوري عن جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة لدى سلطات الاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي. حيث لا يجوز على الإطلاق أن تتهرب هذه الهيئات من مسؤوليتها هذه التي تبرر وجودها أساسا.
تفنن في أساليب انتهاك حقوق الأسرى الفلسطينيين
لطالما حذر مراقبون دوليون من خطورة الوضع الذي يعيشه الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال والانتهاكات التي يطبقها كيان الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين، والتي طالت المضربين عن الطعام والمرضى. و تتنوع الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأسرى على المستويات الصحية والجسدية والنفسية والقانونية والاجتماعية والتعليمية، تتنوع على المستوى الجسدي والنفسي والقانوني والاجتماعي والتعليمي والصحي، ويمكن استخلاصها في :
1 .الانتهاكات على مستوى التحقيق: تشمل التعذيب الجسدي الهادف إلى استخدام القوة للتأثير في المعتقلين وإلحاق الضرر بهم بغية انتزاع اعترافات منهم. من أبرز هذه الأساليب وضعية الشبح التي تتم عبر تقييد يدي المعتقل ورجليه بالكرسي بصورة مؤلمة ومتواصلة. ووضعية "الموزة" التي تتم عبر طي جسم المعتقل على شكل قوس خلال جلوسه على مقعد دون مسند . ووضعية "القرفصاء" حيث يتم إجبار المعتقل على جلوس القرفصاء على أطراف أصابعه. لطم الوجه والرفس بالأرجل. والإهانات والشتائم بما في ذلك التفتيش العاري والصراخ والبصق وما شابه. التهديدات والحرمان من النوم. والتعذيب النفسي. والقطع عن العالم الخارجي.
2. الاعتقال الاداري: وهو إجراء غير قانوني يحرم المدنيين من الحرية بناء على أمر من سلطة تنفيذية وليس قضائية دون توجيه تهم لهم ودون محاكمة واستنادا إلى ملف سري لا يسمح للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليه بما يقطع الطريق أمام أي دفاع قانوني حقيقي وعليه يحرم المعتقل من ضمانات المحاكمة العادلة بما يخالف الضمانات الاجرائية . تتراوح فترة الاعتقال الاداري بين 6 شهور و 6 سنوات كمعدل عام وتطول أكثر من ذلك في بعض الحالات .
3.الحرمان من الزيارات والمراسلات والعزل عن العالم الخارجي: يجري استخدام هذا الاسلوب الذي يشكل انتهاكاً للمادة (71 )من جنيف الثالثة لعام 1949 والمادة (116 )من جنيف الرابعة كأسلوب عقابي للتأثير على الاسرى والتلاعب بمشاعرهم ومعنوياتهم. وفي حالة الزيارة تكون إجراءات التفتيش مشددة ومعقدة ومهينة وتجري الزيارة عبر حاجز زجاجي ودون مراعاة لخصوصيتها.
4 .العزل: هذا الاسلوب يتم اتباعه عبر وضع المعتقل في زنزانة انفرادية صغيرة وبعيدة للغاية عن باقي الزنازين ومكاتب المحققين، ما يمنع المعتقل من سماع أو رؤية أي أحد الا الشرطي الذي يسلمه الطعام من تحت الباب . وهو انتهاك للمواد (82-98 )من جنيف الثالثة والمواد(117-126 )من جنيف الرابعة.
5 .انتهاكات على مستوى الحق في التعليم والثقافة والترفيه: منع إدخال الكتب التعليمية، رفض توفير صفوف للدراسة، منع الالتحاق بجامعات أو مؤسسات تعليمية، منع توفير معلمين من الاسرى للأسرى الاطفال، منع الادوات والقرطاسية، في خطوات متكاملة تهدف لتجهيل الاسرى وتنتهك المادة (38 )من جنيف الثالثة.
6 .انتهاكات روتينية: التفتيش العاري بما في ذلك للأسيرات، الانتهاكات في البوسطة خلال النقل للمحاكم، والتي عادة لا توفر ضمانات محاكمة عادلة للأسرى.
انتهاك الحق في الصحة: المرض وسيلة تعذيب والدواء وسيلة ابتزاز
يتعرض الأسرى الفلسطينيون لانتهاكات صحية تراكمية ممنهجة من اللحظة الأولى التي يجري فيها اعتقالهم مرورا بالتحقيق و الاحتجاز و قضاء المحكومية تشمل الانتهاكات الصحية و الإهمال الطبي المتعمد اذ لا تتوافر أدنى أشكال العناية الصحية و لا يقدم العلاج المناسب لكل أسير وفق مرضه أو وفق الوقت و الكمية المناسبة كما لا يجري عمل فحوص مخبرية طبية للأسرى، ومنع وزارة الصحة الفلسطينية من إدخال أدوات للفحص و المماطلة في إجراء العمليات الجراحية لسنوات بما يفاقم الوضع الصحي للأسير المريض و قد يعرضه لخطر الوفاة. كما تتضمن الانتهاكات الصحية سوء تجهيزات المراحيض و أماكن الاستحمام و قلتها و التقصير في تدابير احتياجات النظافة الشخصية من قبل إدارة السجون و الإهمال بحق ذوي الاحتياجات الخاصة و فاقدي الأطراف و ضعيفي النظر و الأسرى الذين هم بحاجة لأجهزة تنفس و بخاخات لمرضى الربو و الامتناع عن تقديم وجبات غذاء تتناسب مع مرضى الضغط و السكر و القلب و الكلى و غيرهم. و عادة ما يجري علاج معظم الأمراض باستخدام حبة أماكول.
ولا تتوقف انتهاكات الحق في الصحة عند هذه المجالات بل تمتد لتشمل نواح أخرى تمس صحة الأسرى، منها أجهزة التشويش وما تبثه من موجات كهرومغناطيسية وإشعاعات خطيةرة، وسوء المستشفيات والعيادات الصحية، وانتهاكات خطيرة على مستوى مشاركة الطواقم الطبية العاملة في السجون مباشرة في تعذيب الأسرى وفق شهاداتهم كما يخضع العديد من الأسرى لتجارب طبية و عقاقير محرمة أو قيد التطوير. إضافة إلى بنية السجون القديمة و المتهالكة التي تساهم بشكل كبير في انتشار الحشرات و ازدياد الأمراض كل ذلك يشير إلى أن مصلحة السجون في كيان الاحتلال تستخدم المرض كوسيلة للعقاب و الابتزاز !!
احتفاظ بالجثامين...انتهاكات للإنسانية ما بعد الموت
تنتهج إسرائيل سياسة احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين قُتلوا على يدها أثناء ما يُزعم أنه تنفيذ هجوم ضد أهداف إسرائيلية، منذ وقت طويل، في سابقة لا تقوم بها إلا "إسرائيل" في العالم. و قد سنّ الكنيست" الإسرائيلي قانوناً عام 2018 يُجيز بموجبه عدم تسليم الجثامين لأصحابها، وكذلك محكمة الاحتلال العليا.
و يسعى الاحتلال من خلال سياسة احتجاز الجثامين هذه إلى معاقبة الشعب الفلسطيني عامة، وذويهم خاصة، كما يستخدمها كورقة للمساومة والابتزاز السياسي إلى الضغط على قيادة المقاومة في غزة، التي تأسر جنودا إسرائيليين منذ عدة سنوات، في سبيل التسريع في إبرام صفقة تبادل بأي ثمن. و بكل وقاحة يتعامل الاحتلال مع هذه القضية بطريقة لا إنسانية ولا أخلاقية، حيث يضرب عرض الحائط بكل الاتفاقيات الدولية التي نصت على احترام جثامين الشهداء، ويترك الأسرى الشهداء مقيدين في ثلاجات الموتى، ليثبت أنه يمارس النازية في أبهى صورها.
وقد كانت هذه السياسة تسري وتتوقف على مدى عقود ماضية. ففي أعقاب وقف غير رسمي لسياسة احتجاز الجثامين في عام 2004، عادت إسرائيل قبل 6 سنوات لاستئناف استخدام هذه السياسة القاسية مع الفلسطينيين. و مع الصمت أمام هذه الجريمة النكراء أصبح الحديث عن الجانب القانوني باسترجاع هذه الجثامين غير مجدٍ، لكن هناك طريق للتحرك على المستوى الدولي باعتبار ذلك جريمة عقاب جماعي ترتقي لمستوى التعذيب.
إقرار قانون إعدام الأسرى
تعتزم حكومة الاحتلال الصهيوني المتطرفة تصعيد سياساتها الإجرامية بحق الفلسطينيين من بين ذلك قانون إعدام الأسرى، فما هو قانون إعدام الأسرى؟
مهدت حكومة الاحتلال لـ قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين بعد إقرار قانون القومية الذي يكرس يهودية الدولة وذلك بعد منح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر للسير باتجاه إقراره وفي تاريخ 5/11/2018 وافق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على الدفع بمشروع قانون العقوبات تعديل الحكم بـ إعدام الأسرى الفلسطينيين الذين نفذوا عمليات بطولية أوقعت خسائر في صفوف الاحتلال 2017. وقدم عضو الكنيست المتطرف روبرت إليطوف مشروع قانون اعدام الاسرى بتاريخ 30/10/2017 وتم وضعه في مسار سريع للتصويت عليه في اللجنة الوزارية للتشريع
وتعمل حكومة الاحتلال على تشريع قانون اعدام الاسرى حيث جرى طرح مشروع قانون اعدام الاسرى الفلسطينيين في الهيئة العامة للكنيست في العام 2015 إلا أنه لم يؤيده سوى حزب اليمين المتطرف وقانون اعدام الاسرى الفلسطينيين يمنع استبداله بعقوبة أخرى وفق ما تقره حكومة الاحتلال الإسرائيلي فيما يسمح بتطبيق اعدام الاسرى في حال تم اقراره من غير طلب من المدعي العام العسكري الاسرائيلي . ويسمح بتطبيق عقوبة اعدام الاسرى في محاكم الاحتلال الاسرائيلي المدنية وليس في المحاكم العسكرية فقط.
ويسمح بتطبيق عقوبة اعدام الاسرى عن طريق قرار محكمة بإجماع اثنين من القضاة الثلاثة وليس جميعهم. وبلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال، حتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، نحو أربعة آلاف و700 أسيرًا، وفق مؤسسات معنية بشؤون الأسرى. ومن الواضح أن هذه العنصرية والتطرف انسحبت على المجتمع الصهيوني، وهو ما يكشفه استطلاع الرأي الذي أجراه المعهد (الإسرائيلي) للديمقراطية الذي قال إن 71% من (الإسرائيليين) يؤيدون إعدام الأسرى الفلسطينيين. و يعتبر التطرف داخل الكيان الصهيوني ليس جديدا، وهناك مدارس دينية تؤسس له تحت إطار منهجي منظم ومنذ سنوات يتم تدرسيه للطلاب المستوطنين الذين أصبحوا اليوم يعملون في جيش الاحتلال ويحملون السلاح.
هذا ما يعني أن الاحتلال وبكل ما يملك من أدوات وإمكانيات، فشل على مدار عقود طويلة في تحقيق هدفه بكسر إرادة الأسرى وتجريدهم من سلاحهم الوحيد، المتمثل في العزيمة والثبات والصمود، رغم أنه يمارس عملية الإعدام بحق الأسرى بأشكال مختلفة، أبرزها سياسة الإهمال الطبي، وإطلاق النار على المعتقلين ميدانيًا.