الوقت - خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حضرت الولايات المتحدة بكل قوتها السياسية والاقتصادية والإعلامية إلى الميدان، ووقفت إلى جانب المحرضين والمشاغبين في إيران.
واستمراراً لهذه التدخلات، وعندما أصدر القضاء الإيراني حكماً بالإعدام على أحد مثيري الشغب ونفذه، وصف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية "نيد برايس" الشخص الذي تم إعدامه بالمتظاهر، وقال إن إعدامه "تصعيد مروع" وادعى أن الحكومة الإيرانية ستخضع للمساءلة.
كما وصف "جيك سوليفان"، مستشار الأمن القومي الأمريكي، تنفيذ هذه العقوبة بـ "غير العادل والقاسي"، في إطار استمرار التدخل في الشؤون الداخلية لإيران، وزعم أن "هذه محاولة سلبية لترويع الشعب الإيراني الشجاع".
وزعم هذا المسؤول في إدارة بايدن: "سنحاسب الحكومة الإيرانية على العنف الوحشي الذي ترتكبه ضد شعبها". وعلى الفور، كررت الدول الغربية التابعة للولايات المتحدة أيضًا نفس المفاهيم والجمل بأدبيات مختلفة ضد إيران.
لكن دعونا نرى كيف يتعامل رجال الدولة الأمريكيون، الذين يقولون إنهم قلقون على حياة الشعب الإيراني، مع شعبهم في بلدهم.
المحاكمة والتنفيذ في ثوان
يكفي إلقاء نظرة على تصرفات الشرطة والنظام القضائي الأمريكي في السنوات الأخيرة، لنعرف ما هي الحكومة المتوحشة، وقوات شرطة أي حكومة تقوم بقتل شعبها دون إقامة محكمة بذرائع مختلفة، مثل تجاوز الإشارة الحمراء أو عدم اتباع التوجيهات، وغالبًا ما تتم تبرئتهم. سنذكر هنا بعض الحالات فقط، لأن صفحات هذا المقال لا تتسع لذکر جميع الحالات.
قُتل "جورج فلويد"، المواطن الأمريكي الأسود الذي کان يبلغ من العمر 46 عامًا، يوم الاثنين 25 مايو 2020، أثناء اعتقاله من قبل الشرطة في مدينة مينيابوليس الأمريكية. وأثناء الاعتقال صرخ "لا أستطيع التنفس" عدة مرات، بينما سجلت كاميرات الهواتف المحمولة للمواطنين الأمريكيين ذلك، لكن الشرطي الذي وضع ركبته على رقبته لم يستمع إلى هذه الكلمات، وحدق في الكاميرات والتقط صورةً تذكاريةً مع ضحيته التي لم تتنفس بعد 8 دقائق.
المهم أن الشرطة الأمريكية لم تتوقف عن قتل الشعب الأمريكي حتى بعد الاحتجاجات الحاشدة على مقتل "جورج فلويد"، ووفقًا للبيانات التي نشرتها قاعدة بيانات الشرطة الأمريكية، بعد مقتل جورج فلويد، قتلت قوات الشرطة في هذا البلد 229 أسود آخر بنهاية العام نفسه.
الإعدام بجريمة تجاوز إشارة المرور الحمراء
يظهر تقرير استقصائي آخر نشرته صحيفة نيويورك تايمز في نوفمبر 2021، أن قوات الشرطة في بلدٍ يصف إعدام المجرمين والبلطجية في إيران بأنه عمل وحشي، قتلت مئات الأشخاص في السنوات الخمس الماضية بسبب جرائم عادية جدًا، مثل تجاوز الإشارة الحمراء أو عدم إرسال الإشارة أو تجاوز السرعة بشكل غير قانوني.
وجاء في تقرير هذه الصحيفة الأمريكية: "قتل أكثر من 400 مواطن على أيدي الشرطة في هذا البلد خلال السنوات الخمس الماضية. لقد قتلتهم الشرطة بسبب جرائم مثل عبور الخط المستمر والسرعة غير المصرح بها وحمل علب مشروبات كحولية مفتوحة في السيارة وتجاوز الإشارة الحمراء وأشياء من هذا القبيل. ولم يكن هؤلاء السائقين يحملون أسلحة نارية أو أسلحة باردة، ولم يخضعوا حتى للملاحقة القانونية.
والنقطة الصادمة في تقرير صحيفة نيويورك تايمز، هي أن معظم الضباط الذين ارتكبوا جرائم القتل هذه قد مُنحوا حصانة ولم تتم مقاضاتهم، وتمت إدانة 5 منهم فقط.
وطبقاً لقوانين الشرطة الأمريكية، فإن الضباط الذين يخشون أن يكون هناك شخص فار مسلح يمكنهم إطلاق النار عليه، وحتى إذا تبين أن الشخص المذكور أعزل ولم يكن هناك تهديد، فإن القتل يعتبر مبرراً.
ولهذا السبب، هناك عدد قليل جدًا من ضباط الشرطة الأمريكية متهمون بالقتل. وتبرير الشرطة لهذه المواجهة المميتة هو "الخوف على الحياة". وحسب بعض الجهات القضائية، فإن القانون في الواقع لمصلحة رجال الشرطة في هذه الحالة، ويمكنهم الادعاء بأنهم تدخلوا لمنع القتل علی أنفسهم.
وبعض السلوكيات التي يصفها الضباط القاتلون بأنها مخاطرة جسيمة، هي رفض السائق الخروج من السيارة والوقوف في وجه الضابط وعدم إيقاف السيارة.
تقرير المجلة المتخصصة "لانسيت"، التي نشرت في أكتوبر 2021 وقبل شهر واحد من تقرير نيويورك تايمز، ذكر أبعاد قتل الناس على أيدي الشرطة الأمريكية بشكل أكثر كارثيةً.
ينص جزء من هذا التقرير على ما يلي: "اكتشف الباحثون في كلية الطب بجامعة واشنطن أنه بين عامي 1980 و 2021، لم يتم الإبلاغ عن أكثر من 55 في المئة من الوفيات، أي ما مجموعه أكثر من 17000 حالة، أو تم تصنيفها ضمن فئات أخرى لا تشمل عمليات القتل على أيدي الشرطة."
واتضح في هذا البحث أن السود أكثر عرضةً للقتل على يد الشرطة 3.5 مرات أكثر من البيض.
إطلاق النار على طالب يبلغ من العمر 13 عامًا
في سجل الحكومة الأمريكية، هناك كل أنواع الجرائم، من قتل طفل يبلغ من العمر ثلاثة أشهر إلى رجل يبلغ من العمر 80 عامًا، وطبعًا قتل الطلاب والتلاميذ.
في يونيو الماضي، كشف نشر مقطع فيديو لقتل مراهق أسود يبلغ من العمر 13 عامًا على يد شرطة شيكاغو، عن أبعاد جديدة لعنف الشرطة الأمريكية ضد السود والملونين.
وحسب الإندبندنت، أظهر الفيديو أن طالب الصف السابع قتل على يد الشرطة الأمريكية بينما كان يرفع يديه استسلاماً وكان أعزل.
وقالت شرطة شيكاغو إنه عندما وقع هذا الحادث، كان هذا الشاب يهرب من سيارة مسروقة. هذا في حين أن عددًا من الشهود قالوا في إفاداتهم بهذا الشأن، إن الشاب المذكور رفع يديه ولم يكن يحمل أي سلاح.
وأكد مقطع فيديو آخر لحادث إطلاق النار هذا، نشره موقع "ديلي بيست" الإخباري الأمريكي، صحة شهادة الشهود. في هذا الفيديو، شوهد المراهق البائس وهو يركض على الرصيف باتجاه مصباح موقف السيارات بمحطة وقود ويداه مرفوعتان بوضوح إلی الأعلی ولا يحمل سلاحًا في يديه.
وفي يونيو أيضًا، أفادت وسائل الإعلام الأمريكية بأن ضباط الشرطة في مدينة كانسس سيتي سيتي، أطلقوا النار على امرأة حامل أثناء البحث عن سيارة مسروقة، وأرسلوها إلى المستشفى بعدة رصاصات.
إطلاق 90 رصاصة على شاب يبلغ من العمر 25 عاماً
في تموز/يوليو الماضي، وفي جريمة أخرى وبعد مقتل أميركي من أصل أفريقي في مدينة أكرون بولاية أوهايو، نظم أهالي هذه المنطقة مظاهرةً كبيرةً أدت إلى صراع مع الشرطة الأمريكية.
ووفقًا لروسيا إليوم، فإن الأمريكي من أصل إفريقي جايلاند ووكر البالغ من العمر 25 عامًا، كان مطلوبًا من قبل الشرطة بعد ارتكاب مخالفة مرورية عندما تم استهدافه.
وأعلنت مصادر محلية في ولاية أوهايو، في إشارة إلى أن الشرطة الأمريكية لم تفصح عن تفاصيل هذا الحادث، أنه أثناء مقتل هذا الشاب الأمريكي من أصل أفريقي، أطلقت الشرطة أكثر من 90 رصاصة عليه.
إطلاق النار في السرير
في سبتمبر من الشهر الماضي، هاجمت الشرطة الأمريكية منزل رجل يبلغ من العمر 20 عامًا، وأردته قتيلًا أثناء نومه.
وكتبت "إن بي سي" عن ذلك: "أطلقت الشرطة الأمريكية في كولومبوس بولاية أوهايو النار، وقتلت رجلاً أسود يبلغ من العمر 20 عاماً بينما كان نائماً".
ووفقًا للتقرير، في مقطع فيديو تم نشره في مؤتمر صحفي، يمكن رؤية ضابط شرطة وهو يطلق النار على رجل حددته الشرطة على أنه دونوفان لويس. وحسب الأدلة الواردة في الفيديو، يبدو أن لويس كان جالسًا على السرير قبل لحظات من إطلاق النار عليه ورفع يده للاستسلام، لكن ضابط الشرطة قتله. وحسب التحقيقات التكميلية للشرطة، لم يتم العثور على سلاح حول الضحية.
الشرطة قتلت ابني مثل حيوان
في أبريل من هذا العام، قتل رجل يبلغ من العمر 26 عامًا على يد الشرطة في ولاية ميشيغان.
وفي نفس الأيام، كتبت "سي بي إس نيوز" نقلاً عن والد باتريك ليفيا، الذي قتله الشرطة الأمريكية لخرقه قوانين المرور: "قتلت الشرطة ابني كالحيوان ... جئت إلى أمريكا لإنقاذ عائلتي. لقد قتلوا ابني مثل الحيوان. الشرطي الذي كان من المفترض أن يحمي حياة باتريك، هو الذي قتله".
وأظهرت اللقطات ضابط الشرطة وهو يوقف سيارة باتريك بسبب مشكلة في لوحة الترخيص. وعندما يخرج من السيارة، يحذره الضابط من البقاء في الداخل ثم يطلب منه إبراز رخصة قيادته. وبعد استمرار الجدل بين الاثنين، أطلق عليه الرصاص وأعدمه في نفس السيارة.
إطلاق النار علی معاق في وسط المدينة
الشرطة الأمريكية لا ترحم حتی المعاقين على الكراسي المتحركة. قبل حوالي عامين، أفادت الأنباء بأن شرطة مدينة "تكسون" قد أطلقت النار علی مواطن معاق يبلغ من العمر 61 عامًا أمام أحد المتاجر.
خلال هذا الحادث، استهدف "ريان ريمنجتون" ضابط شرطة توكسون، المواطن "ريتشارد لي" وأطلق عليه النار تسع مرات خلف رأسه.
وفي عام 2020، أطلقت شرطة لوس أنجلوس النار على رجل مشرد معاق دون سبب. وتسبب نشر صور هذا الرجل المعاق ذي الوجه الدموي في الولايات المتحدة، في موجة جديدة من الاحتجاجات ضد عنف الشرطة.
700 إعدام في الشارع هذا العام وحده
يظهر تقرير "قاعدة أبحاث الجريمة" الأمريكية، أن قوات الشرطة الأمريكية قتلت أكثر من 700 شخص خلال اعتقالات هذا العام؛ أرقامٌ حطمت الرقم القياسي للوفيات المسجلة في السنوات السابقة.
لقد تكررت عمليات القتل هذه كثيرًا في المجتمع الأمريكي، لدرجة أنها جعلت بعض الناس قادرين على التنبؤ بجرائم القتل القادمة بناءً على ما يرونه. وقبل بضعة أشهر فقط، أشارت التقديرات إلى مقتل 440 شخصً على يد الشرطة الأمريكية قبل نهاية هذا العام.