الوقت_ في الوقت الذي يُعد فيه "الملف السيبرانيّ" أحد أبرز التهديدات بالنسبة للكيان الصهيونيّ، كشفت صحيفة "ذا ماركر" العبريّة والمتخصصة بالشأن الاقتصاديّ، أن جيش العدو يعاني من مشكلة استقطاب العاملين في المجال التكنولوجيّ، وذلك بسبب أفضليّة العروض المُغرية التي تقدمها لهم شركات التكنولوجيا، في وقت باتت فيه "الحرب السيبرانيّة" أحد أهم وأقوى الأسلحة حاليّاً، بالتزامن مع تعرض الكثير من المواقع الحكوميّة التابعة للكيان كل فترة إلى هجمات سيبرانيّة -الأكبر من نوعها-، فيما اعتاد الإسرائيليون كل فترة على أنباء اختراق شركاتهم ومؤسساتهم وقرصنة خوادمها، ويرافق ذلك تعتيم كامل من قبل حكومة الكيان على معلومات الاختراق وحجم الأضرار التي عادة ما توصف بـ "البالغة"، ما يعني أنّ تل أبيب تواجه مشكلتين لا تقلان صعوبة عن بعضهما، الأولى نقص الخبراء السيبرانيين والأخرى التعرض للهجمات الإلكتروميّة، وهذا يسبب بلا شك حالة إرباك غير مسبوقة للمسؤولين الإسرائيليين.
بوضوح، أشار الإعلام العبريّ إلى أنّ الجيش الصهيونيّ يقدم مكافآت دائمة للموظفين في المجال الإلكتروني تبلغ قيمتها 200 ألف شيقل، وفي بعض الحالات يتلقى الموظفون الدائمون منحاً طوال فترة خدمتهم، وهذا بسبب الضغط الكبير على هذا الملف ومحاولة إسرائيليّة لسد فجوة النقص في الخبراء السيبرانيين، حيث إنّ الكيان عادة ما يتعرض لهجمات إلكترونيّ واسعة النطاق، بما يؤدي إلى تعطيل عمل المواقع الإسرائيليّة المهمة من ضمنها وزارات تصفها الدول بأنّها سياديّة، وإنّ حدوث فجوتين في ملفي الخبراء والمواجهة السيبرانيّة، يفند مزاعم تل أبيب التي أثقبت مسامعنا بأنّها "لاعب قويّ" في مجال الحرب الإلكترونيّة، والتي تشكل جزءاً أساسياً من قوة العدو الناعمة ضد الدول المساندة للمقاومة والرافضة لاغتصابه الأرض العربيّة.
وبالاستناد إلى المعلومات التي ذكرتها صحيفة "ذا ماركر"، حول أنه في السنوات الماضية ونتيجة للطلب المتزايد في القطاع الخاص على سوق المتخصصين في مجال التكنولوجيا، وخصوصاً الإنترنت، ارتفعت الأجور –بحكم الطلب- لتصل إلى مئات الآلاف من الشواقل، حيث توصل قسم شؤون الموظفين في جيش الاحتلال الإسرائيليّ إلى تفاهم مع وزارة المالية يسمح بدفع مبالغ كبيرة لموظفي الإنترنت المتميزين في الوحدة 8200 ووحدة "أوفيك" في سلاح الجو، على أساس أن هناك حاجة إلى أداة إداريّة لمواجهة العروض المغرية في السوق الخاص، تثبت أنّ السمعة التي يحاول الكيان العنصريّ إلصاقها بنفسه من ناحية القوة الإلكترونيّة والتنكولوجيّة تشوهت بشدّة في المدّة الأخيرة التي تلقت فيها تل أبيب ضربات سيبرانيّة موجعة، باعتراف الإسرائيليين أنفسهم.
وعلى الرغم من أنّ جيش العدو الغاصب ينفق سنوياً عشرات الملايين من الشواقل لتوقيع المكافآت، تتحدث مصادر إعلاميّة أنّ جيش الاحتلال يمنح مكافآت عالية لعدد محدود من الموظفين الدائمين الذين يتم تعريفهم على أنهم "مواهب خارقة" في المجالات الإلكترونيّة، في ظل القناعة التامة في أيّ دولة بأنّ "الحرب الناعمة" باتت من أكثر الأسلحة الحديثة فعاليّة وخطورة بالأخص على المحتلين والمستعمرين كـ "إسرائيل" التي ترى أنّها لا تقل عن الحرب العسكريّة، حيث تشير تحليلات إلى أنّ العدو عادة ما يخفي أيّ ضرر تكنولوجيّ، وخاصة الاختراقات والهجمات السايبريّة التي يتم من خلالها الوصول إلى معلومات وتفاصيل سريّة من معظم الوزارات ومؤسسات الدولة والأجهزة الأمنيّة والاستخباراتيّة الإسرائيلية، لكنّ ما يسمعه الجميع عادة من المسؤولين الإسرائيليين هو أنّ اختراق خوادم المؤسسات الحساسة ينضوي تحت "أهداف استراتيجيّة ضد العدو".
إضافة إلى ذلك، تشير المعلومات إلى أنّ المكافآت في جيش الحرب الإسرائيليّ تتغير كل عام وفقًا لتك الضرورات، لكنها تتراوح بين 20 مليون شيقل و80 مليون شيقل، فيما صرح مسؤول أمنيّ تابع للعدو أنه لا توجد فرصة في أن تل أبيب قادرة على منافسة الرواتب التي يتقاضاها العاملون في الحقل السيبرانيّ بالسوق الخاص، لكن المنحة توفر لهم الشعور بعدم استغلالهم، حسب توصيفه، في ظل امتلاك العدو الوحدة رقم 8200 والتي تعد من أخطر الوحدات الإسرائيليّة، وتعمل تحت مظلة جهاز المخابرات الداخليّة أو ما يطلق عليه ”الشاباك”، وهي المسؤولة عن قيادة الحرب الإلكترونيّة وجمع المعلومات الاستخباريّة، وتقوم دائماً بتجنيد عدد كبير من الشباب ليشكلوا أكبر جيش الكترونيّ لنشر الفكر الصهيونيّ والتوغل في أعماق العالم الإسلاميّ وتسميم ثقافة وفكر المسلمين وضرب قيمهم الأخلاقية والإنسانية والعقائدية، وهم يعملون بهدوء على بث الفتن وترويج الإشاعات واستهداف الناشطين والمثقفين وتأجيج فتن مذهبية دينية، لكنّهم يصطدمون دائماً بما هو مفاجئ.
وعلى هذا الأساس، قام العدو الغاصب في السنوات الأخيرة باستكشاف عدة أفكار لإبقاء الجنود بشكل دائم في الوحدات التكنولوجيّة، وكان من بينها السماح للأفراد الدائمين في الوحدة 8200 بالاندماج في الشركات الناشئة المرتبطة بجيش الاحتلال، وولدت الفكرة من مفهوم أن السوق الخاص لا يوفر فقط راتباً أعلى، ولكن أيضاً تجربة تأسيس الشركات الناشئة والعمل فيها، الأمر الذي يغري الجنود، وذلك لمواجهة "الحرب الإلكترونيّة" التي تتعرض لها تل أبيب، في ظل تحذيرات خبراء الحماية الإلكترونيّة من أن المعلومات والتفاصيل التي يتم تخزينها عقب عمليات القرصنة للوزارات الحساسة، مؤثرة ومهمة للغاية وستتسبب بضرر عميق لـ "إسرائيل".
خلاصة القول، لن ينجح العدو الذي جلب عصاباته من أصقاع الأرض في حصد ثمار قراراته المتعلقة بهذا الملف، لأن قوات جيش الاحتلال واجهت صعوبة في إيجاد صيغة تسمح بالتعاون بين الجيش والأنظمة الخاصة، فيما يعكس هذا الفشل السيبرانيّ الأخير حجم تردي حال هذا الكيان "المنفوخ" إعلاميّاً عبر الدعم الأمريكيّ والغربيّ ومن خلال وسائل الإعلام الكبرى التي يسيطر عليها اليهود في العالم، ناهيك عن أنّ تل أبيب فقدت مصداقيتها في الشارع الإسرائيليّ وبالأخص في المجال السياسيّ والعسكريّ والإلكترونيّ، مقابل تعاظم قوة الجبهة المعاديّة لهذا الكيان اللقيط، فإنّ من يوالي تل أبيب لا يواليها من إيمان وقناعة سياسيّة أو قوميّة أو دينيّة، لكن المصالح والعروض هي المؤثر الأوحد على ذلك.