الوقت_ كشفت تغطية هيئة الإذاعة البريطانية الرسمية "بي بي سي" لكأس العالم 2022 المقام في دولة قطر ، حجم تحيز تلك القناة لدرجة حرمانها المشاهدين جزءاً مهماً من افتتاح المونديال، وأغفلت على غير عادتها انطلاق صافرة البداية لهذا الحدث المهم عالميّاً، ففي الوقت الذي انشغل فيه الصحفيون والمراسلون بتغطية تلك اللحظة التي ينتظرها الملايين حول العالم، حرمت المؤسسة الإعلاميّة البريطانيّة الكثير من الجماهير المحليّة من مشاهدتها، ظناً منها أنّها وسيلة الإعلام الوحيدة في العالم متناسيّة أنّنا نعيش في عصر التكنولوجيا وصحافة الموبايل، ما تسبب في موجة غضب عارمة من bbc لدرجة اتهامها من قبل البعض بالتحيز القذر لبعض مؤسسات الإعلام الغربيّ التي انصاعت لأوامر القيادات السياسيّة وانخرطت في محاولة تشويه البلاد المستضيفة للمونديال وحرف البوصلة الرياضيّة نحو ملفات عادة ما تُستخدم للضغط السياسيّ.
سياسة حرف الأنظار
مثلها مثل الكثير من وسائل الإعلام الغربيّ، اتخذت هيئة الإذاعة البريطانية الرسمية قراراً حول تجاهل حفل افتتاح المونديال على شاشتها، بل هاجمت الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، واتهمته بالفساد وعرضت تقريرًا عن انتهاكات حقوقيّة في قطر، لا أحد ينفي وجودها، لكن حجم التركيز عليها في هذه الفترة بالتحديد، أوحى حتى للمتابعين الغربيين أنفسهم أنّ ثمة رغبة في تشويه الصورة وحرف الأنظار نحو الساحات غير الرياضيّة، وهذا ما لا يريده المتعطشون للمباريات في هذه الأيام.
كذلك، فتحت بي بي سي شاشتها المتحيزة –كما يقول متابعون- للنقد السياسي للمنظمين، قبل مناقشة كرة القدم وتشكيلة أيّ منتخب حتى، ووفقاً لوسائل إعلام عربيّة لم يشهد البريطانيون لهذه التغطية الجدلية مثيلًا في أي حدث رياضيّ آخر، فـ"بي بي سي" التي تدعي "الحياديّة المُطلقة" أبرزت تحيزها في مقاطعة افتتاح المونديال، ما أثار استهجاناً وغضبًا واسعين بين المشجعين الذين لجؤوا بكل بساطة إلى الإنترنت لمشاهدة الافتتاح والتعبير عن نفورهم مما اعتبروه "نفاقاً إعلاميّاً" لمؤسسة تدعي النزاهة والعراقة.
عبارة "ازدواجية المعايير" رافقت تعليقات كثيرة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعيّ، وبالأخص البريطانيين منهم، بالاستناد إلى أنّ "أخلاق بي بي سي" لم تظهر إلا حالياً في مونديال قطر، بينما غابت كليّاً عن النسخ السابقة من كأس العالم والتي كان آخرها في روسيا، وإذا ما سألنا أنفسنا، ياترى من يراعي حقوق الإنسان أكثر الدوحة أم موسكو، فماذا ستكون الإجابة!، ولماذا لم تغضب وسيلة الإعلام البريطانيّة الشهيرة من صناعة الأسلحة وحقوق الإجهاض في الولايات المتحدة، عندما تستضيف المونديال المقبل؟، أم إن الغضب محصور فقط على الدول الشرق أوسطيّة وبالأخص العربية والإسلاميّة.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أنّ BBC صاحبة التاريخ القديم والطويل من الأكاذيب والاتهامات والادعاءات ونشر الشائعات والترويج سلباً بما يتناسب مع مصلحة المؤسسين والممولين، أيّ ضد المنطقة والوطن العربي بأكمله، لخدمة مصالح بريطانيا الخاصة، يستنكر خبراء بالشأن الإعلاميّ النفاق وازدواجية المعايير لدى للإعلام الغربيّ، حيث إن "بي بي سي" قبل 9 أشهر فقط، بثت حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في الصين، والأخيرة متهمة بارتكاب إبادة جماعية لمسلمي الإيغور، ما اعتُبر فشلاً ذريعاً في الرسالة الإعلاميّة المخادعة للقناة التي زعمت الحياديّة لعقود طويلة.
من ناحية أُخرى، ذَكّر كتاب بريطانيون بي بي سي بتاريخ بريطانيا الشنيع في انتهاكات حقوق الإنسان، فيما وصفها متابعون عرب بـ "عدوة شعوب المنطقة"، كيف لا؟، وقد حاولت تلك المؤسسة الإعلاميّة جاهدة طوال سنوات عملها تأجيج الأوضاع في منطقتنا بما يخدم مموليها، ومن ينسى أنّها عززت محاولات إفشال الصلح فى اليمن وصبت البارود على النار في حروب سوريا وليبيا والسودان والعراق ولبنان وغيرها الكثير من دول منطقتنا، باعتبارها تعكس توجهات المملكة المتحدة واستراتيجيتها فى العلاقات الدولية، فعلى مدار تاريخ هذه القناة الشهيرة كان هناك تعمد مقصود في تغطية أوضاع المنطقة بشكل متحيز وبطريقة ذكيّة للغاية حيث يشعر البعض بأنّها حياديّة لكنها تدس السم في عسل كل خبر يُحرر فيها، بما يخالف معايير المهنة الحقيقيّة بشكل تام.
تغطية شنيعة
تعرضت قناة "بي بي سي" التي تدعي دائما المهنية والالتزام بقواعدها وأصولها التي باتت مفقودة في السوق الإعلاميّ لانتقاد لاذع من صحيفة “إندبندنت” البريطانيّة، على لسان الإعلامي البريطاني المعروف بيرس مورغان، وذلك بسبب “العرض الشنيع” الذي لم يحترم قطر عندما “لم تبث حفلة الافتتاح وكرست البث الأولي لنقد حقوق الإنسان، حيث أوضحت الصحيفة أن من فتحوا أجهزة التلفزة لمشاهدة افتتاح المونديال وجدوا غاري لينكر وهو يقدم مونولوجا طويلا انتقد فيه البلد المضيف ومعاملته للعمالة الوافدة وسجلها المشين في حقوق الإنسان.
وقد أثبتت بي بي سي للشارع البريطانيّ قبل العربيّ أنّها لا تملك أدنى معايير المهنيّة، حيث إنّها قبل مباراة قطر وإيكوادور تحدثت عن الأسباب التي تجعل من مباريات كأس العالم 2022 الأكثر إثارة للجدل في تاريخ اللعبة الشهيرة، وبدلا من عرض لقطات من حفلة الافتتاح، عرضت لقطات حول تقديم قطر رشاوى لكي تؤمن تنظيم مباريات كأس العالم، ثم فتحت قضية معاملة العمالة الوافدة والمثليين، وهذا ليس بجديد على تلك القناة أبداً، فمنذ تأسيسها أثبتت أنها بعيدة كل البعد عن المهنية، كيف لا وهي تابعة لـ "بلاد الحرية والديمقراطية" التي استعمرت العالم لدرجة أنّها سُميت الامبراطوريّة التي لا تغيب عنها الشمس، وقامت بتشويه الحقائق ودعم جماعات إرهابيّة إعلاميّاً، وروجت لمعلومات كاذبة و مغلوطة، عن حقيقة الأوضاع العالم العربي والمنطقة، ودعمت تنظيمات متشددة بشكل واضح ومتعمد في كل تغطياتها، وأرشيفها أكبر شاهد على ذلك.
نتيجة لكل ذلك، من غير الطبيعيّ أن تتصرف البي بي سي بعكس إرادة مموليها في دائرة الاستخبارات البريطانيّة، ودعماً لاستمرار سياسة الممولين في لندن، ستحافظ “بي بي سي” على دورها الإعلاميّ الخبيث، لتصيغ الواقع كما يرغب الساسة البريطانيون، لكنّ قناة بي بي سي وأخواتها في العالم يفقدون دورهم رويداً رويداً نتيجة كشف خبثهم ودهائهم، مع تطور عقلية المشاهد بشكل كبير نتيجة تحليله العميق للواقع والمشهد، وإنّ الدليل والبرهان الأكبر على ذلك هو انسحاب المشاهدين أكثر فأكثر إلى المواقع الإلكترونيّة ووسائل التواصل الاجتماعيّ المتنوعة، لصياغة تحليلهم الخاص، بعيداً عن وهم إمبراطوريات الخداع والنفاق الإعلاميّ.