الوقت_ في الوقت الذي تسعى فيه الجزائر لِلم الشمل العربيّ والإسلاميّ، قال المتحدث باسم حركة مجتمع السلام الجزائرية، ناصر حمدادوش، إنّ بلاده لعبت دورًا رئيسيًا في إنجاح هذا الاجتماع من خلال تحييد إصرار بعض الحاضرين في الاجتماع الأخير لقادة الجامعة العربية على إدانة الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة، كما أوضح رئيس شؤون الإعلام والاتصال في حركة مجتمع السلام الجزائري، أنّ إيران لديها تاريخ مقاومة لا ينكر، في حين أشار إلى الاضطرابات الأخيرة هناك قائلاً: "إنّ محاولة الاستهداف وإضعاف إيران، سيفيد الكيان الصهيونيّ وأمريكا، ولن يرحموا المنطقة العربيّة إذا سقطت طهران، كما تدعم الجزائر عودة العلاقات بين حركة المقاومة الإسلاميّة حماس والجمهوريّة العربيّة السوريّة، بما ينفع العالم العربيّ والإسلاميّ، ويضرب المصالح الصهيونيّة ومن خلفها في المنطقة.
لا يخفى على أحد أنّ الجزائر لعبت دورًا رئيسيًا في ضمان نجاح الاجتماع الأخير لرؤساء دول الجامعة من خلال إبطال بعض الألغام، بما في ذلك الإصرار على إدانة بعض الحاضرين التدخل المزعوم لإيران أو تركيا في المنطقة، حيث إنّ الجزائر بالفعل ترغب بعلاقات إيجابيّة مع الجميع، سواء داخل الدول العربية أو مع الدول الإسلاميّة، بما في ذلك إيران وتركيا، لذلك أصرت بقوّة على عدم إثارة النقاط الخلافيّة خلال القمة الأخيرة لقادة الجامعة العربية.
وقد أشار حمدادوش إلى أنّ إضعاف إيران وتركيا لا يمكن أن يخدم العرب ولا إيران أو تركيا، ولكن فقط لصالح العدو الحقيقي للمنطقة، وهو الكيان الصهيوني وهيمنة الغرب بقيادة الولايات المتحدة، وهذا الفكر النير تدعمه أدلة وتجارب كثيرة في المنطقة التي تعج بالأزمات نتيجة التدخلات الدكويّة الغربيّة، وبالفعل وكما قال المتحدث الرسميّ باسم جمعية السلام الجزائريّة فإنّه لا فائدة من العداء مع إيران وتركيا ولا بدّ معالجة نقاط الخلاف معهم، لأن ما يوحدنا أكثر مما يفرقنا، والحوار هو السبيل للتغلب على المشاكل التي نواجهها في المنطقة بسبب الفائدة التي لا تُحصى للغرب وواشنطن من تهجير شعوبنا وتدمير بلداننا.
"لا بدّ من تنحية الخلافات والتوجه نحو ما يجمع الأمة في رؤية حضارية للتقارب العربي والإسلاميّ"، عبارة لا شكّ أنّها في حال طُبقت لن نجد جنديّ احتلال واحد في أراضي بلداننا، فتخيلوا كم سينفع تلاقي الدول العربية مع أهم القوى في المنطقة وعلى رأسها إيران وتركيا لمصلحة الجميع، وعلى مستوى الأحزاب والمنظمات والدول تحاول الجزائر بكل طاقاتها تذليل العقبات وإقامة حوار بين الأحزاب والدول العربيّة والإسلاميّة، كما حملت الجزائر على عاتقها مسؤولية حل هذه القضية من خلال مبادرة إعادة توحيد الفصائل الفلسطينية لتحقيق المصالحة الداخليّة التي ستنعكس إيجاباً على كامل القضيّة الفلسطينيّة في حال تمت هذه المرة.
من ناحية أُخرى، تطالب حركة مجتمع السلام الجزائري بتجريم خيار دعم وتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني بكل أشكاله، لأنه من غير المنطقي لأيّ دولة عربية أن تتخذ قرارًا خارج المنظور السياسي للوحدة العربية ، وقد أشار حمدادوش في حديثه إلى بعض الدول العربية التي لم تتوقف عند حدود التطبيع السياسيّ والدبلوماسيّ مع الكيان الصهيوني، بل ذهبت إلى مرحلة أكثر خطورة، أي توقيع عقود عسكرية وأمنية بشكل يهدد العرب، مؤكّداً أنّ التطبيع مع الكيان الصهيوني مُدان ومرفوض وجريمة، حتى لو كان من أصل إسلام سياسيّ أو فتوى على ما يبدو دينيًا أو أي نص قانونيّ.
كما تطرق المسؤول الجزائري البارز إلى موضوع إحياء العلاقات بين سوريا وحماس، عقب بدء مرحلة جديدة من العلاقة بات تكتب فصولها على ما يبدو في المرحلة المقبلة، مع وجود تطور جوهريّ على صعيد استعادة العلاقة بينمها، وفتح قنوات اتصال مباشر، وإجراء حوارات جدية وبنّاءة، قائلاً: "عندما أثارت حماس موضوع مصالحتها مع سوريا مع الجزائر، كان رد الجزائر على ضرورة أن تكون المقاومة في خندق واحد، بعيدًا عن إثارة الخلافات في الشؤون الداخلية لسوريا أو لبنان، مضيفاُ أنّ هناك من عارض قرار حماس بالعودة إلى سوريا حتى من خلال الشعارات الدينيّة والفتاوى القانونيّة، ما يعني أنّ خيار عودة العلاقات مع سوريا ووضع المقاومة في خندق واحد هو خيار استراتيجيّ وصحيح.
وفي ظل التأكيد على أنّ رصّ الصفوف ضمن محور المقاومة أمر مهم في المرحلة الصعبة والخطيرة التي تعيشها دول المنطقة، بعد التغيرات الكبيرة التي جرت على الساحة السوريّة التي سبق وشهدت تقارباً مع أكثر الدول عدواناً على السوريين، والتي مول بعضها في بداية الأحداث الجماعات الإرهابيّة هناك، وسعت بكل قوتها لإسقاط النظام الحاكم في البلاد، وبالطبع فشلت كل التحالفات السياسيّة والعسكريّة في مشاريعها التدميريّة، لفت المسؤول الجزائريّ إلى أن سوريا ظلت وفية لقضية فلسطين رغم ما عانته من الأشقاء العرب والمجتمع الدولي، وأردف: "إن وقوف المقاومة اللبنانيّة ضد العدو الصهيوني جعل الدول العربية تعتز بتلك المقاومة".
في الختام، يحتاج العالم العربيّ والإسلاميّ بشدّة إلى مثل هذا الفكر المتحضر الذي لا يهتم لأرقام الحسابات البنكيّة التي تُدفع من قبل دوائر المخابرات لحرف البوصلة بل شغله الشاغل مستقبل الأمتين العربيّة والإسلاميّة اللتان تتعرضان أكثر من أي وقت مضى لأكبر تهديدات من قبل من يتغذى على دمار بلداننا ودماء شعوبها، فهل تخيلنا للحظة لو أنّ منطقتنا التي تعج بالخلافات كيف ستكون لو لم نترك لأعدائنا باباً مُشرعاً ليُدخلوا لنا الموت من خلاله!.