الوقت- يبدو أن الأجواء بين المغرب والجزائر لا تزال متوترة والهوة بين الجانبين كبيرة جدًا فبعد أن كانت الامال معلقة على القمة العربية التي عقدت في الجزائر لردم الهوة وتقريب وجهات النظر، تم العكس تمامًا واتسعت المسافة بين الجانبين أكثر وخصوصًا بعد أن اتهم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الجزائر بعدم التزام قواعد الجامعة العربية ومرجعياتها في تنظيم القمة. وأعلن رفضه لما وصفها بالتضييقات التي تعرض لها وفد بلاده الإعلامي. لكنه أكد على أن يد المغرب ممدودة دائمة للدولة الجارة، وانه لن يمس الجزائر أي سوء يأتي من المغرب. مشيرًا إلى أن العلاقات المغربية الجزائرية لا تحتاج إلى وساطات، لأن الطرفين يعرفان بعضهما جيدًا، ويعرفان ما هي المشاكل بينهما وطرق حلّها، والحل لا يريد وسطاء.
الملك المغربي تجاهل دعوة الجزائر لزيارتها وحضور القمة العربية وأرسل وزير خارجيّته لينوب عنه فيها، رغم تأكيد الجزائر بأن الرئيس عبد المجيد تبون كان سيخص الملك المغربي باستقبال بروتوكولي في المطار لو حضر إلى الجزائر. وهاجم الوزير المغربي هذه الفكرة ايضا واعتبر أن البلدين لا يحتاجان لمثل هذه البروتوكلات وأن العلاقات بينهما مقطوعة، حيث لا توجد علاقات دبلوماسية، ولا مجال جويا مفتوح بين البلدين، فضلاً عن قطع التبادلات التجارية وقنوات الاتصال، واعتبر ان الحوار الشامل والجاد بإمكانه حلها. وقال إن الملك المغربي يدعو الرئيس الجزائري لزيارة الرباط.
الجزائر لم تسكت واتهمت بوريطة بتسويق الوهم عن طريق التزوير الضعيف عبر اختلاق دعوة مزعومة للرئيس تبون، لزيارة المغرب. ووصفت هذه الخطوة بالمناورة الدنيئة وغير اللائقة. وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن هذا الموضوع جاد ولا يمكنه أن يكون مادة للدعاية الكاذبة. وكشفت الوكالة أنه تم التأكيد على مشاركة الملك المغربي في القمة العربية التي انعقدت في العاصمة الجزائرية من خلال رسالة شفوية تم تبليغها لوزارة الخارجية الجزائرية قبل أن يتم التأكيد عليها عبر الجامعة العربية، فضلا عن تقديم طلبات للتحليق والهبوط لـ10 طائرات مخصصة لنقل الملك وولي العهد وباقي الوفد الملكي.
وأوضحت أنه سرعان ما تبين انه ليس سوى سيناريو محبوك مسبقًا، الأمر الذي ظهر جليا في تصرف الوزير المغربي حين وصوله لمطار الجزائر وأبدى تذمره لأنه لم يحظ بالاهتمام الذي يليق به علما أنه تلقى نفس المعاملة حسب التقاليد الرسمية شأنه في ذلك شأن نظرائه من الوزراء العرب.
وأشارت الوكالة إلى أن حقيقة مركزية القضية الفلسطينية خلال قمة الجزائر شكلت مصدر إزعاج حقيقي لدبلوماسية المغرب الذي اختار التطبيع على حساب الشعب الفلسطيني ليخدم أهدافه التوسعية. واتهمت وكالة الأنباء الجزائرية الوزير المغربي بممارسة لعبته الصبيانية المفضلة محاولًا إقناع الأمين العام لجامعة الدول العربية أن ممثلا لجبهة البوليساريو كان حاضرًا ضمن المشاركين في القمة، قبل أن ينتهي به الأمر إلى الاعتراف بأن فريقه كان على خطأ.
الجزائر والمغرب تشهدان صراعًا سياسيًا وتطورا في بعض الأحيان إلى المستوى العسكري منذ عقود وخصوصًا في ظل دعم الجزائر لجبهة البوليساريو وهي جبهة تشدد على أن الصحراء الغربية في المغرب هي جمهورية منفصلة والمغرب تحتلها، والأخيرة تعتبرها جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، وهذه النقطة كانت محل خلاف ومناكفات طويلة وعميقة بين الجانبين، وفي الفترة الاخيرة قامت المغرب بتطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال الاسرائيلي وهو ما اعتبرته الجزائر تهديدًا لأمنها القومي وقادت حملة دبلوماسية كبيرة ومهمة بين دول أفريقيا من أجل منع كيان الاحتلال من عضوية الاتحاد الأفريقي كعضو مراقب الأمر الذي كانت تدعمه المغرب بصورة كبيرة.
التوتر بين البلدين ليس في خدمة أحد منهما بل هو في خدمة الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الإسرائيلي فقط، وخصوصًا أن واشنطن وتل أبيب تواصلان منذ فترة طويلة زرع الفتنة والخلافات بين الدول العربية والإسلامية، ومحاولات كثيرة الدول العربية بالتدخل لاصلاح العلاقات بين الجانبين إلا أنها لا تزال تتوتر أكثر فأكثر وتتشعب الخلافات ما ينعكس سلبًا على الوضع الاقتصادي لهما حيث إن خط الغاز الجزائري المصدر إلى أوروبا يمر عبر المغرب واغلقت الجزائر هذا الخط بعد الأزمة بينهما وكان هذا الخط يدر أموالًا على الجانبين إضافة إلى الأزمة الإنسانية حيث إنه يوجد بين البلدين تقارب اجتماعي وعائلي كبير وهو ما أثر عليهما.