الوقت- بعد شهور من الانتظار، حصل العراقيون أخيراً على رئيس وزرائهم الجديد. محمد شياع السوداني، الذي ورد ذكره في الأسابيع الأخيرة كأول مرشح لتشكيل الحكومة من قبل إطار التنسيق الشيعي، تمكن أخيرًا من الفوز في تصويت مجلس النواب على حكومته المقترحة، ليصبح بذلك رئيس الوزراء السابع بعد عام 2004.
السوداني، الذي سبق أن قدم برامج حكومته على أساس الكفاءة وتشكيل حكومة توافقية، ومحاربة الفساد، وإعطاء الأولوية لحل المشاكل الاقتصادية من خلال خلق فرص العمل، والحد من التضخم، وتعزيز النمو الاقتصادي، والتنمية الصناعية، وكذلك النظر بشكل خاص في المياه والبيئة. ولكن تنفيذ هذه البرامج، يواجه العديد من التحديات والعقبات، والتي أظهرت تجربة حكومة الكاظمي أن عدم وجود فهم واقعي للأوضاع في العراق يمكن أن يؤدي إلى استمرار الأزمات الداخلية وحتى تفاقمها. يتولى السوداني، مثل الكاظمي، رئاسة الحكومة العراقية وسط موجات من الأزمات السياسية، وأنقاض مشاكل اقتصادية سابقة، واضطرابات في الشوارع، وأجواء دولية ملتهبة، ويجب أن تكون استراتيجيته تتناسب مع الظروف القائمة والعديد من المطالب على الأراضي العامة من الحكومة.
وعد السوداني في خطابه أمام البرلمان بتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة والقضاء على الفقر والبطالة. كما وعد بتعديل قانون الانتخابات خلال ثلاثة أشهر وإجراء انتخابات نيابية مبكرة خلال العام المقبل، وهذه هي، مجالات التحدي الرئيسية التي تواجه الحكومة.
المشاكل الاقتصادية وتحدي الخدمات العامة
في العقد الماضي، أعلنت كل حكومة وصلت إلى السلطة في العراق عن الوعود الاقتصادية كأولوية لبرامجها. وهذا يدل على الأهمية الكبيرة للمشاكل الاقتصادية في نظر الناس وفي عملية التطورات السياسية والاجتماعية في البلاد.
وفقا للأمم المتحدة، فإن ثلث سكان العراق البالغ عددهم 42 مليونا يعيشون في فقر ويواجهون مشاكل معيشية. كما أن جزءاً كبيراً من الشباب المتعلم عاطل عن العمل. منذ وقت ليس ببعيد، أعلن مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي والمالي لرئيس الوزراء العراقي، أن معدل البطالة بلغ 16٪. كما أدى انخفاض الموارد المائية وعملية التصحر ونقص الخدمات العامة في المناطق النائية إلى زيادة الهجرة من القرى إلى المدن، الأمر الذي يلعب دورًا فعالاً في إنتاج البطالة.
هذا على الرغم من حقيقة أن معدل النمو الاقتصادي في العراق شهد اتجاهاً تنازلياً متوسطه في السنوات الماضية، حيث إنه في عام 2020 نتيجة لوباء كورونا وتراجع أسعار النفط، شهد نمواً سلبياً بنسبة 11٪، وفي موازاة ذلك، انخفض الناتج المحلي الإجمالي للعراق. ومع ذلك، في الأشهر الأخيرة، مع ارتفاع أسعار النفط، قد يرتفع النمو الاقتصادي في العراق بشكل كبير، وقد توقع البنك الدولي متوسط نمو سنوي يبلغ 5.4٪ بين عامي 2022 و2024.
يتم استخدام جزء كبير من دخل الحكومة لدفع النفقات الحكومية الجارية، وخاصة موظفي الحكومة واستيراد السلع، بينما يتم تطوير البنية التحتية الصناعية والرفاهية، وإعادة إعمار البنية التحتية المتهالكة، إضافة إلى تعزيز إمكانات الحرب مع "داعش"، والتي تتطلب موارد كبيرة.
الكهرباء في العراق، والتي تعد من أبسط احتياجات مواطني هذا البلد وأحد أسباب عدم الرضا في السنوات الأخيرة، كانت من أبرز المشكلات العامة في هذا البلد. في المتوسط ، يتم توفير 2 إلى 5 ساعات فقط من الكهرباء الحكومية للمواطنين يوميًا، ويتعين على المواطنين في بقية الساعات، استخدام مولدات خاصة لتوفير الكهرباء التي يحتاجون إليها، ما يضع تكاليف إضافية على عاتق الناس.
أعلن أحمد موسى، المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، مؤخرًا أن العراق ينتج الآن أكثر من 24 ألف ميجاوات يوميًا، ومع ذلك، هناك حاجة إلى 32 ألف ميجاوات يوميًا لتوفير كهرباء مستدامة في جميع أنحاء البلاد
حتى مع موقعه النفطي المهم، يعتبر العراق أحد المستوردين الرئيسيين للغاز لتزويد الكهرباء. هذا على الرغم من حقيقة أن العراق الذي يمتلك نحو 1.67٪ من موارد الغاز العالمية (3 مليارات و170 مليون متر مكعب من الغاز)، يحتل المرتبة الحادية عشرة بين الدول التي تمتلك أكبر موارد الغاز، لكن عدم وجود بنية تحتية مناسبة لإنتاج الغاز أدى ليس فقط إلى عدم استخراج إلى جعل العراق لا يفوت فقط إمكانات الاستفادة منه، وحرمانه من تصديره، ولكن أيضًا ليصبح مستوردًا للغاز الطبيعي، والذي يستورد أكثره من ايران.
في غضون ذلك، فإن بعض مشاريع استخراج الغاز التي قدمتها وزارة النفط لشركات أجنبية، بما في ذلك شركة توتال الفرنسية (برقم 10 مليارات دولار)، تتقدم ببطء.
كما أن إعادة إعمار الخراب التي خلفه الحرب مع داعش يمثل تحديًا اقتصاديًا كبيرًا للحكومة العراقية الجديدة. يقول المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية في تقرير حول تحديات العراق في طريق إعادة الإعمار بعد داعش، يواجه العراق أكثر من مليوني نازح داخل البلاد، وما زال قرابة 9 ملايين من مواطنيه بحاجة إلى مساعدات إنسانية بسبب الحرب طويلة الأمد والنزوح، ويتوقع هذا التقرير أن تبلغ تكلفة إعادة إعمار العراق 88 مليار دولار على الأقل.