الوقت - أظهر الحرس الثوري الإيراني، الذي يضمن، إلى جانب الجيش الإيراني، أمن حدود إيران وسلامة أراضيها، مرةً أخرى قدراته في المواقف الحرجة للمنطقة والعالم.
ولهذا الغرض، بدأت يوم الاثنين 17 أكتوبر، مناورات القوات البرية للحرس الثوري الإيراني تحت شعار "إيران المقتدرة"، بحضور اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، ومجموعة من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني في منطقة أراس.
وجرت هذه التدريبات المسماة "اقتدار الولاية" لمدة ثلاثة أيام، في المنطقة الحدودية لمحافظتي أردبيل وأذربيجان الشرقية الإيرانيتين.
وحسب اللواء باكبور، قائد القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، فإن عمليات الهجوم الجوي، والهبوط بالمظلات، والهجمات الليلية، والعمليات القتالية بالطائرات المروحية، وعمليات الطائرات دون طيار، وكذلك بناء جسر فوق نهر أراس، والاستيلاء على طرق الاتصال والسيطرة عليها، والاستيلاء على المرتفعات والتدمير الهجومي، هي بعض الأجزاء المختلفة لهذه المناورات.
وحسب قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني، فإن رسالة هذه المناورات لدول الجوار هي رسالة سلام وصداقة إضافة إلى توطيد الأمن المستقر، وبالنسبة للأعداء هي أن القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، إلى جانب القوات المسلحة الإيرانية الأخرى، مستعدة للدفاع عن حدود إيران والرد بحزم على أي تهديدات.
كما تم في هذه المناورات، ولأول مرة، تركيب جسر عائم لتنقل القوات والمعدات على النهر. إضافة إلى ذلك، في هذه المناورات، مارست الوحدات والرتب المتخصصة في القوات البرية للحرس الثوري سيناريوهات الأمن والدفاع بطريقة مشتركة، وهو ما يتم لأول مرة في تدريبات الحرس الثوري الإيراني.
في اليوم الثاني من هذه المناورات، نجحت الطائرات القتالية المسيرة التابعة للقوات البرية للحرس الثوري الإيراني في تدمير مواقع العدو المفترض.
هذه الطائرات التي تم تصميمها وإنتاجها بواسطة جهاد الاكتفاء الذاتي للقوات البرية الإيرانية، مزودة برأس حربي قوي وقادرة على تدمير جميع أنواع مواقع العدو وتحصيناته باستخدام الذكاء الاصطناعي. كما أن طائرات الاستطلاع المسيرة التابعة للقوات البرية للحرس الثوري الإيراني، نجحت في تنفيذ مهمة مراقبة منطقة المناورات ورصدها.
وفي اليوم الثالث والأخير من المناورات، نفذت القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني عمليات الإنزال الجوي باستخدام طائرات الهليكوبتر Mi-17 في المناطق المحددة مسبقًا، وتمرنت على الاستيلاء على طرق الاتصال لدی العدو من أجل قطع طرق الدعم.
في كل عام، يجري الحرس الثوري الإيراني عدة تدريبات في مختلف المجالات البرية والجوية والبحرية من أجل إظهار قدرات إيران العسكرية لأعدائها، وفي ظل قدرات القوات المسلحة الإيرانية هذه، لم يجرؤ أعداء إيران حتى الآن على توجيه ضربة بسيطة لوحدة أراضي هذا البلد.
رسالة اختيار موقع المناورات بعناية في أراس
بما أن جميع المناورات الإيرانية تجري بهدف تحسين قدرات البلاد ورفع مستوى جاهزية القوات العسكرية ضد أي نوع من الغزو، فقد جرت مناورات "اقتدار الولاية" أيضًا لإظهار جاهزية القوات العسكرية الإيرانية ضد الأعداء.
وبالنظر إلی أن مناورات الحرس الثوري والجيش الإيراني كانت تجري عادةً في المناطق الصحراوية أو السواحل الجنوبية، فإن إجراء مناورات "اقتدار الولاية" في منطقة أراس له أيضًا رسالة وخاصة لبعض دول المنطقة.
فبما أنه في الأسابيع الماضية، اشتدت التوترات بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان مرةً أخرى بشأن منطقة كاراباخ المتنازع عليها، وأوجدت هذه القضية تحديات لبلدان المنطقة، لهذا السبب تحاول إيران أن تُظهر من خلال إجراء هذه التدريبات، أنها لن تسمح بحدود البلاد بأن تصبح غير آمنة.
لقد حذرت السلطات الإيرانية مراراً من التوترات بين الجارتين في جنوب القوقاز، ودعت إلى ضبط النفس حتى لا تصبح الأزمة أسوأ مما هي عليه، لكن بسبب أطماع بعض الأطراف، يستمر الصراع بين قوات باكو ويريفان.
ونظرًا لأن أرمينيا وجمهورية أذربيجان لهما حدود مشتركة مع إيران، إذا خرجت التوترات عن السيطرة، فقد يؤدي ذلك أيضًا إلى جعل حدود إيران غير آمنة.
والنقطة المهمة الأخرى هي أن سلطات باكو كانت تحاول إجراء تغييرات في حدود جنوب القوقاز منذ ثلاث سنوات، لكن إيران عارضت بشدة هذه الإجراءات المسببة للتوتر.
تحاول السلطات الأذربيجانية، وخاصةً رئيس هذا البلد إلهام علييف، بناء ممر "زانجيتور" المزعوم، الذي يربط الأراضي الرئيسية لهذا البلد بمنطقة ناختشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي، لکن هذا الممر سيدمر حدود إيران وأرمينيا إلى الأبد، وقد أثارت هذه القضية معارضة طهران.
لطالما حذر الإيرانيون من تغيير الحدود التاريخية، وقالوا إنهم لن يقبلوا بمثل هذه الخطة ولن يسمحوا بقطع حدود إيران وأرمينيا. وفي حديث مع الرئيس الأذربيجاني الأسبوع الماضي على هامش اجتماع "سيكا" في كازاخستان، قال الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي إن الجمهورية الإسلامية لا تقبل أي تغييرات في الحدود والجغرافيا السياسية للمنطقة، وإذا حدث ذلك فستردّ بقوة.
ولهذا السبب، فإن إجراء التدريبات هو إشارة للجانب الأذربيجاني بأن إيران مستعدة لأي سيناريو في المنطقة، ولن تسمح بأي تغييرات في الجغرافيا السياسية للمنطقة.
من ناحية أخرى، تكتسب تحركات الكيان الصهيوني في جنوب القوقاز أبعادًا واسعةً يومًا بعد يوم، والاتفاقيات الأمنية بين باكو وتل أبيب تشكل تهديدًا كبيرًا لأمن الحدود وسلامة أراضي إيران، والقوات العسكرية الإيرانية دائمًا في حالة تأهب للقضاء علی تحركات الصهاينة المعادية لإيران.
وفي الآونة الأخيرة أيضًا، في اتصال هاتفي مع نظيره الأذربيجاني، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بوضوح مرةً أخرى أن طهران لن تتسامح مع وجود الأجانب في جنوب القوقاز، وذلك في إشارة غير مباشرة إلى الوجود الكبير للصهاينة في أذربيجان.
وفي هذا الإطار، يقال إن الکيان الصهيوني يخطط لإنشاء ملجأ في أراضي أذربيجان لليهود الروس الذين ينوي إرسالهم إلى الأراضي المحتلة، وإذا تم تنفيذ مثل هذه الخطة، فإن التهديدات ضد إيران ستزداد أكثر.
إن إجراء العديد من المناورات من قبل القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، يبعث برسالة إلى الأعداء مفادها بأنهم إذا كانوا يعتزمون خلق حالة من انعدام الأمن والمغامرة حول حدود إيران، فإن إيران سترد عليهم بكل قوتها.