الوقت- يبدو أن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة قد تطور وتصاعد لدرجة بات لزامًا على الولايات المتحدة أن تكون على علم بكل ما يحدث في الأراضي المحتلة، ومن أجل هذا الهدف قام أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ بزيارة إلى واشنطن، لإجراء اجتماعات مع كبار المسؤولين الأميركيين، وهي الأولى من نوعها بالنسبة لمسؤولين في السلطة منذُ خمس سنوات.
وحسب صحيفة هآرتس، العبرية فإن الشيخ سيبحث مع المسؤولين في إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن التصعيد في الضفة الغربية المحتلة، وذلك في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، وسيلتقي الشيخ بصورة مباشرة مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جاك سوليفان، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
حسين الشيخ بات ينظر له داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة على انه الخليفة المحتمل لرئيس السلطة محمود عباس، وبالتالي بات يعتقد أن زيارته هذه هي من أجل الحصول على الشرعية من الإدارة الاميركية لكي يتبوأ منصب الرئاسة بعد رحيل عباس، وخصوصًا في الفترة الأخيرة والتطورات التي حدثت حيث إن الشيخ في العادة يُشارك عباس في رحلاته للخارج، إلا أنه لم يكن ضمن الوفد الذي ذهب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي، وهذا الأمر لم يكن بسبب خلاف بينهما أو ما شابه، بل لأنه كان يرغب بالاستعداد لزيارة واشنطن منفردًا والتحضير من أجل هذه الزيارة والاجتماع مع المسؤولين الأميركيين على انفراد. وتأتي زيارة الشيخ بعد أيام قليلة من تأكيد سوليفان، لنظيره في كيان الاحتلال إيال خولتا، أن تل ابيب مطالبةٌ بتخفيف التصعيد الأمني في الضفة الغربية، ومواصلة اتخاذ خطوات من شأنها تحسين حياة الفلسطينيين، لأن الانفجار في الضفة الغربية لن يتحمل كيان الاحتلال تبعاته وبالتالي سيتم نسف كل ما حاول كيان الاحتلال ترتيبه في العقود الماضية بالضفة الغربية.
الفترة الأخيرة شهدت توترات بين حسين الشيخ وكيان الاحتلال وذلك بعد أن اتهم الكيان بأنه يعمل على إضعاف السلطة الفلسطينية وخنقها اقتصاديًا، رافضًا الاتهامات الإسرائيلية بأن السلطة تتقاعس عن أداء واجبها من وجهة نظر تل أبيب، حيث تعتبر أنه يجب على السلطة اعتقال المقاومين ومنعهم من القيام بأعمال المقاومة ضد جيش الاحتلال، بالمقابل إسرائيل يسمح لها كل شيء ولاسيّما الاستيطان الذي أكل أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية وبات اشبه بالسرطان الذي يغزو جسد المريض دون أن يقوم الاخير بأي وسيلة من وسائل العلاج. وأكد الشيخ أنه قدم لكيان الاحتلال مبادرة بخصوص وقف الاعتقالات والمداهمات لمدة بين الأربع والخمسة أشهر إلا أن تل أبيب رفضتها.
بات واضحًا أن كيان الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة من خلفه لم يعودوا يؤمنون بقيام دولة فلسطينية حتى وأن كانت الخطابات الأميركية تتحدث عن حل الدولتين، لكن ما يحدث على الأرض يؤكد عكس ذلك. وما تريده كل من تل أبيب وواشنطن هو كيان أو منظمة فلسطينية ذات صلاحيات محدودها هدفها ضمان أمن كيان الاحتلال وقمع الفلسطينيين ومنعهم من المقاومة بكل أشكالها وأنواعها، وأن يكون هذا الكيان تابع بكل شيء سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا لكيان الاحتلال، أي عصا فلسطينية على رقاب الفلسطينيين لكنها بيد إسرائيلية، والأميركيين مرحبين بهذه الفكرة وداعمين لها وما يؤكد ذلك أن إدارة بايدن لم تتراجع حتى الآن عن أي قرار اتخذته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وبالتالي باتت سياسة خنق الفلسطينيين وإعطائهم فتات الصلاحيات السياسية والأمنية والاقتصادية سياسة ناجحة ومكسبة لكيان الاحتلال.
وأهم من يظن أو يتوقع أن كيان الاحتلال الإسرائيلي وخلفه الولايات المتحدة سيكونا مع قيام دولة فلسطينية حتى وأن كانت غير قوية، ومن لا يزال يؤمن باتفاقية أوسلو وملاحقها بأن تكون هي الحل للفلسطينيين اشبه بالذي يؤمن بوجود حياة على المريخ وكل ما يحدث الآن هو تمرير الوقت لمصلحة كيان الاحتلال المستفيد الوحيد من هذا الوضع، وبالتالي بات لزامًا على السلطة الفلسطينية أن تؤمن بأن الحل الوحيد هو في دعم مقاومة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية حتى وأن كان بصورة غير علنيّة، حيث إن كيان الاحتلال يقف عاجزًا أمام البندقية الفلسطينية التي أظهرت ضعفه وهشاشة بنيته وسياساته، ومثال جنين ومخيمها ليس ببعيدًا عن الأعين، واستراتيجية وحدة الساحات التي فرضت المقاومة الفلسطينية جعلت كيان الاحتلال يحسب ألف حساب قبل القيام بأي عمل ضد المقاومة الفلسطينية على جميع أراضي فلسطين وليس بمكان دون الآخر.