الوقت - في الذكرى الأولى لعملية سيف القدس التي واجه خلالها الكيان الصهيوني ولأول مرة منذ عقود مقاومة موحدة من قبل الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، حذرت الأوساط الصهيونية من عواقب تكرار مثل هذه الأحداث، ولا سيما احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة.
دعا اللواء مئير إندور، المسؤول العسكري الكبير في الكيان الصهيوني، في مقالة لصحيفة "معاريف" الاسرائيلية، إلى اتخاذ إجراءات احترازية لمنع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة. شهدت فلسطين الانتفاضة الأولى المسماة انتفاضة الحجر عام 1987، والثانية عام 2000؛ لكن هذا المسؤول العسكري الصهيوني يعتقد الآن أن الوضع في الأراضي المحتلة يشبه إلى حد بعيد فترة ما قبل الانتفاضة الأولى. "الوضع الحالي في الضفة الغربية وفي المدن المختلطة السكان (الأراضي المحتلة عام 1948) يشبه إلى حد بعيد الوضع قبل اندلاع الانتفاضة الأولى في عام 1987، عندما شهدنا أيضًا احتجاجات وإضرابات وإلقاء حجارة وعمليات مسلحة، وهي مظاهر يمكن رؤيتها في الوضع الحالي. بالطبع، يمكن رؤية بعض الأحداث الجديدة في الأفق لم تكن موجودة في الماضي. نرى الآن جيلا من العرب في الداخل، بعد أن رأوا وضعنا الاجتماعي الهش، انضموا إلى الكفاح المسلح الفلسطيني وأعربوا علانية عن تضامنهم مع مجموعات المقاومة الفلسطينية مثل حماس. كما حذر الجنرال الصهيوني قادة هذا الكيان وكتب: لم يبق الكثير من الوقت حتى بداية الانتفاضة الثالثة والعديد من الخبراء العسكريين والأمنيين يتفقون على ذلك. إذا لم نرد على هذه التصرفات في الوضع الحالي وفي الوقت المناسب، فسنواجه أحداثًا مثل الانتفاضة الثانية، حيث قررنا السيطرة على الوضع بدلاً من الرد على تصرفات الفلسطينيين. إن تحذيرات هذا المسؤول العسكري الصهيوني الكبير من ضرورة منع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة لم تذهب سدى وتعكس القلق الشديد بين المسؤولين العسكريين والسياسيين في الكيان الصهيوني بشأن مستقبل هذا الكيان.
المسيرة الكاملة للانتفاضات في فلسطين
بالنظر إلى تنامي حضور الشعب الفلسطيني في المواجهة مع المحتلين، يتضح أن الكيان الصهيوني كان في العقود الأخيرة في حالة تآكل وزاد من قدرته على مواجهة الفلسطينيين على الصعيدين الشعبي والمقاومة. بدأ تاريخ الانتفاضات عام 1987 مع اندلاع انتفاضة الحجر، حيث لم يكن لدى الشعب الفلسطيني في ذلك الوقت سوى الحجارة لمحاربة الكيان الصهيوني المسلح. بالطبع هذه الانتفاضة أوضحت الطريق إلى الحرية للشعب الفلسطيني، ولهذا تحركت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحاولتا إطفاء شعلة نضال الشعب الفلسطيني بمخيلتهما الفجة إلى الأبد. خلال الانتفاضة الثانية، حققت المقاومة إلى جانب مقاومة الشعب الفلسطيني إنجازات عسكرية. خلال الانتفاضة الثانية أو انتفاضة الأقصى عام 2000، استخدمت المقاومة الفلسطينية صواريخ القسام والعبوات الناسفة وقذائف الآر بي جي وقذائف الهاون، الأمر الذي أصاب الدوائر الصهيونية بالصدمة. الحقيقة أن الانتفاضة الثانية سلطت الضوء على حقيقة أنه وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة لاحتواء الشعب الفلسطيني من خلال عملية المصالحة، فإن مؤامراتهم لم تكن فعالة.
في السنوات التي أعقبت الانتفاضة الثانية، زادت المقاومة تدريجياً من قوتها العسكرية. لكن النقطة المهمة كانت أن المقاومة الفلسطينية لم تعد تعمل ككيان منفصل عن الشعب الفلسطيني بل كانوا جنباً إلى جنب تمامًا. كانت عملية سيف القدس عام 2021، والتي بدأت دفاعًا عن المسجد الأقصى، بمثابة حقبة جديدة في النضال ضد الكيان الصهيوني. لكن في هذه المرة شنت المقاومة عملية سيف القدس، ليس بسبب العدوان العسكري للكيان الصهيوني، ولكن بسبب العدوان على المسجد الأقصى والاعتداء على أهل القدس. خلال العملية، اجتمع الشعب الفلسطيني في القدس وغزة والضفة الغربية وحتى أراضي 1948 في وقت واحد وأصابوا المحتلين بالصدمة. حيث كانت وحدة الصف، التي اتسمت بها مقاومة الشعب الفلسطيني في عملية سيف القدس، تجربة جديدة في تاريخ المقاومة الفلسطينية لم يشهدها الكيان الصهيوني من قبل. كانت هذه الوحدة هي التي دفعت الكيان الصهيوني إلى إيقاف عدوانه أولاً على المسجد الأقصى والقدس، ثم بمساعدة وسطاء دوليين إلى إيقاف عملياته العسكرية في معركة سيف القدس بعد 11 يومًا فقط، في الواقع، توصل القادة الصهاينة إلى نتيجة مفادها بأنهم لم يعودوا قادرين على الوقوف في وجه المقاومة والشعب الفلسطيني وصلت الانتفاضة، التي لم يكن لديها في عام 1987 أي وسيلة للنضال سوى الحجر، إلى حالة في عام 2021 بحيث هزت الصهاينة وجعلت المحتلين خائفين من نهايتهم.
انطلاقا من المستجدات التي حدثت على الأرض والنضال الوطني والفلسطيني في العقود الأخيرة، فإن الأوساط الصهيونية تدرك جيدا أن الانتفاضة المقبلة وانتفاضة الشعب الفلسطيني، والتي ستصاحبها مقاومة ميدانية، لن يكون لها نتيجة سوى دمارهم أو نهايتهم.