الوقت - مع اقتراب شهر أيار (مايو)، يستعد اللبنانيون لأهم حدث سياسي في البلاد. حيث لطالما كانت الانتخابات البرلمانية ساحة مهمة للمنافسات السياسية والنخبوية في هذا البلد الصغير الذي يتمتع ببنية فسيفسائية ومتنوعة. الأمر الذي سيحدد مصير السلطة السياسية في لبنان خلال السنوات الأربع المقبلة.
من المقرر إجراء الانتخابات النيابية اللبنانية في 6-8 مايو للبنانيين المقيمين في الخارج ويوم 15 مايو داخل لبنان.
هذه هي الانتخابات الأولى بعد احتجاجات 17 أكتوبر / تشرين الأول 2019 الواسعة، والتي جرت احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وأدت إلى استقالة حكومة سعد الحريري وبدء دومينو الأزمة السياسية في هذا البلد؛ أزمة استمرت لمدة عامين حتى حصلت حكومة نجيب ميقاتي المؤقتة، على الثقة من مجلس النواب عقب اتفاق بين التيارات النيابية في شهر سبتمبر من العام الماضي.
إضافة إلى ذلك، سيختار مجلس النواب المقبل بدوره مصير الرئيس اللبناني المقبل لولاية مدتها ست سنوات خلفاً لميشال عون.
وينتخب اللبنانيون 128 نائباً مرة كل أربع سنوات، يتوزعون بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين. وبينما حدد سن الاقتراع 21 عاماً في لبنان، يحق لـ 3،967،507 التصويت في الانتخابات هذه.
زيادة كبيرة في القوائم الانتخابية
من أهم الأحداث المتعلقة بانتخابات الأسبوع المقبل الزيادة الكبيرة في القوائم الانتخابية مقارنة بالانتخابات السابقة.
وبحلول نهاية مهلة تسجيل المرشحين في منتصف آذار (مارس) ، كان ما مجموعه 1043 شخصا قد سجلوا أسماءهم، حسب وزارة الداخلية اللبنانية، انسحب 42 منهم، ولم ينضم 284 آخرون إلى القوائم الانتخابية.
وستتنافس 103 قوائم على الدخول إلى مجلس النواب اللبناني. بينما كان في انتخابات 2018، هناك 77 قائمة فقط.
تحتوي معظم المناطق على أكثر من قائمة واحدة تزعم أنها تغطي حركة احتجاج 17 أكتوبر أو رموز ثورية مماثلة.
وتضم دائرة طرابلس وحدها 11 دائرة، تليها العاصمة بيروت بعشر قوائم متنافسة.
منطقة "الشمال الثانية" (بما في ذلك طرابلس، المنية، الضنية) لديها أكبر عدد من القوائم. بمعنى آخر، سيتنافس 100 شخص على 11 مقعدا ، وهو ما يظهر، مقارنة بدائرة "الجنوب الثانية" ، التي تضم 21 مرشحا فقط لسبعة مقاعد، تنافسا أكثر حدة من قبل التيارات السياسية في هذه الدائرة. أما دائرة الجنوب الثالثة فلديها أقل عدد بثلاث قوائم فقط.
من جهة أخرى، بما أن تيار المستقبل رفض خوض الانتخابات، توزع المرشحون الموالون للتيار على عدة قوائم من عكار حتى صيدا، وأعاد بعض ممثلي هذا التيار تقديم أنفسهم بشكل مستقل في دائرة الشمال وغرب البقاع الأمر الذي كان من عوامل زيادة القوائم الانتخابية.
الواقع أن انسحاب تيار المستقبل أكبر وأبرز تيار سياسي سني في لبنان، أثر حتماً على التحالفات الانتخابية وخلق فراغاً في الساحة السنية لا يستطيع أحد ملؤه.
في المقابل، بقيت قائمة الحزبين الشيعيين، حزب الله وحركة أمل، كما هي في الانتخابات السابقة، مع تغييرات طفيفة في النبطية وبنت جبيل وزحلة وبعلبك الهرمل.
كما تغيرت بشكل طفيف قوائم التيار الوطني الحر (أنصار ميشال عون) حيث تمت إزالة بعض أعضاء البرلمان السابقين من القوائم.
في غضون ذلك، أجريت تغييرات كبيرة على قائمة القوات اللبنانية في مختلف المناطق من الشمال حتى بيروت.
كما تخوض جماعات المجتمع المدني المعروفة بـ "القوى الجديدة" الانتخابات بقوائم واحدة في مختلف الدوائر، تحت شعار مواجهة الأحزاب التقليدية وإجراء تغييرات جذرية.
بعض هذه القوائم لديها فرصة كبيرة للفوز على قائمة الاحزاب الحاكمة في عدة دوائر انتخابية، كما أن هناك معارك خطيرة منتظرة في 10 دوائر من أصل 16.
لكن مراقبون سياسيون يرون أن كثرة القوائم الانتخابية تعكس في الواقع خلافات بين المعارضة وتؤدي إلى انقسام لمصلحة الأحزاب الحاكمة.
زيادة عدد المستقلين والنساء في الانتخابات المقبلة
ولكن إضافة إلى القفزة الكبيرة في عدد القوائم الانتخابية، فإن حدثا مهما آخر في هذه الدورة من الانتخابات هو الزيادة اللافتة في عدد المرشحين الشباب والمستقلين الذين يتنافسون في الانتخابات.
حيث قال الباحث في معهد المعلومات الدولي، وهو مؤسسة أبحاث واستشارات مستقلة مقرها بيروت محمد شمس الدين: تم تسجيل ثمانية وثمانين شخصا تتراوح أعمارهم بين 25 و 35 عاما للترشح.
وقال مصباح ساكت ، 26 عاما، الذي يرشح نفسه عن مقعد للمسلمين السنة في مدينة طرابلس وهو أصغر مرشح هناك: قررت الترشح لأن الأزمة الاقتصادية الحالية دمرت مستقبلنا. الشباب، ونحن علينا أن نفعل شيئا، لقد أخبرني كثير من الناس أنه إذا كان من هو أكبر منك لا يستطيعون فعل شيء، فكيف تتوقع من نفسك أن تحدث تغييراً؟ ومع ذلك ، أنا متأكد من أن الناس يريدون التغيير وسيصوتون لنا.
يواجه لبنان في الوقت الراهن أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه المعاصر وسط ديون خارجية ضخمة، وانخفاض قيمة العملة، وتضخم متفشي.
في غضون ذلك، إضافة إلى رغبة الشباب في الترشح للانتخابات، سجلت النساء اللبنانيات في هذه الدورة أسماءهن للترشح أكثر من الدورات السابقة. لعبت النساء دورا مهما خلال احتجاجات 2019 ، ولهذا يقول الخبراء إن هذا أدى إلى زيادة عدد المرشحات.
وبينما تراوح عدد النساء في الانتخابات العامة الخمس الأخيرة من ثلاثة إلى ستة مقاعد كحد أقصى من 128 أصل مقعدا في مجلس النواب، قال وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي في مؤتمر صحفي بعد انتهاء مهلة التسجيل إن 118 امرأة موجودة على القوائم الانتخابية. وهي المرة الأولى التي تتم فيها مشاركة المرأة بهذا المستوى.